Advertise here

عن زيارة مرعبة... ومكلفة!

22 تشرين الأول 2021 07:41:59

يتشاطر الصغار والكبار مصدرا أكيدا للرعب، حيث يتحوّل الوجع إلى اثنين، الأول جسدي والثاني نفسي. فمهما كبرنا، وتفاقمت مشاكلنا وتشعّبت، تبقى زيارة طبيب الأسنان مهمة صعبة تحتاج لقلوب قوية. في زمننا هذا، لم يعد القلب القوي وحده ضروريا، بل ميزانية موصوفة تحاكي رعب الأرقام التي ستسمعونها.

أهمل حبيب أسنانه طويلا، وبعدما بدأت الأوجاع تظهر تباعا لديه، ووجد نفسه محاصرا بسوسة من هنا، وجسر مختلّ من هناك، إذ به يجد نفسه مضطرا لزيارة طبيب الأسنان… وهكذا فعل فالوجع ما عاد يُحتمل. غير أن المفارقة انه عاد من هناك موجوعا أيضا إنما من وابل الأسعار التي إن حسبتها بالدولار فعادية وطبيعية، أما عند احتسابها بالليرة اللبنانية، فتشعر انك بصدد شراء سيارة أو القيام بجولة في أوروبا لأسابيع طويلة.

حال حبيب كحال كثيرين مما باتوا يطنّشون على أوجاع كثيرة في أسنانهم، بسبب الكلفة الباهظة التي تترتب عن مداواتها. فاقتلاع السوسة، أو ضرس العقل، أو تركيب أو تصليح الأسنان باتوا مكلفين جدا، أما تنظيف النيرة وتجميل بعض الأسنان وتبييضها فبات ترفا لا تملكه إلا قلّة، فغالبية المواد الاولية تستورد بالدولار، عدا عن ان انهيار الليرة بشكل كبير جعل من الضروري رفع بعض الاسعار.

تروي دولّلي، وهي طبيبة أسنان، لموقع mtv، كيف أن الازمة في لبنان أصابت المهنة في الصميم. الضربة الأولى أتت مع انتشار فيروس كورونا، وتردّد كثيرين في الذهاب إلى عيادة طبيب الأسنان خوفا من الفيروس واحتمال انتقاله أسرع هناك، لتأتي الأزمة الاقتصادية وتزيد الطينة بلّة. وتقول: "لا يزورنا في هذه الأيام إلا من باتوا لا يحتملون الوجع، أو بفعل سقوط جسر أسنانهم المركّب، حيث أن المواطنين باتوا يهملون أسنانهم بشكل كبير خوفا من تكاليف إضافية هم بغنى عنها".

غير أنها حذرت من أن الإهمال الحاصل يفاقم المشاكل الموجودة في الأسنان، وبالتالي تصبح المعالجة في ما بعد مكلفة أكثر، مشيرة إلى أن كثرا من أطباء الأسنان يحاولون قدر المستطاع تعديل الأسعار بشكل عادل يرضي الطرفين، مع ان مصاريف إضافية كثيرة فرضتها مشكلة التقنين، فلجأ كثر من أطباء الأسنان إلى شراء مولدات أو الاشتراك بمولّدين في الوقت نفسه، حتى لا تتعطل أعمالهم مع انقطاع الكهرباء.

صحيح أن أوجاعنا كثيرة في لبنان، غير أن بعضها لا يمكن التطنيش عنه، لأن السوسة في الضرس تؤرق الفم كلّه، مثلها مثل السوسة التي تستقوي وتنخر بوطننا منذ سنوات… واقتلاعها حلال كي نتعافى.