Advertise here

تحرك ميداني أمام قصر العدل تنديداً بتعليق التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت

30 أيلول 2021 07:48:29

دعم الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، المسار القانوني القائم في ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، بعد يومين على تعليق التحقيقات في الملف إثر رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بموجب دعوى النائب نهاد المشنوق، بموازاة تحرك ميداني أمام قصر العدل في بيروت، اعتراضا على تجميد مسار التحقيق في الملف.
وتخطى تعليق التحقيقات، والانقسامات بين القوى السياسية حول استدعاءات المحقق العدلي، النقاش الداخلي، حيث أعربت الخارجية الفرنسية عن أسفها لتعليق التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، وقالت: «للبنانيين الحق بمعرفة الحقيقة في انفجار مرفأ بيروت ويجب أن تعمل العدالة اللبنانية بشفافية كاملة».
ودعم الرئيس عون المسار القانوني، وفند في تغريدتين الفارق بين القضاء العدلي والقضاء العادي، كما أشار إلى الفوارق بين التحقيق والحكم القضائي، علما بأن المجلس العدلي هو محكمة استثنائية وقراراتها غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة بما فيها الطعن أو الاستئناف، خلافاً لقرارات المحاكم الأخرى التي تقبل الاستئناف والتمييز لاحقاً، بحسب ما قال مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط».
وقال عون في تغريدته الأولى إن «التحقيق ليس القضاء، وإذا أخطأ فهناك ثلاث درجات للتصحيح: البداية، الاستئناف، التمييز. لذلك، يجب أن يستمر التحقيق كي يُدان المذنب ويُبرأ البريء». وأضاف في تغريدة ثانية: «إذا كانت المحاكمة العادية تتم على درجتين ودرجة استثنائية» في إشارة إلى القضاء الجزائي، «فإن قرار المحقق العدلي بالإحالة إلى المجلس العدلي وحكم المجلس لا يقبلان أي طريق من طرق الطعن»، مشدداً على أن «أي إدانة أو تبرئة يحددهما حكم المحكمة المبرم وليس التحقيق».
وقال مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» إن عون في تغريدته «يدعم المسار القانوني بشكل عام، ويتحدث من الناحية القانونية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قرارات قاضي التحقيق العدلي «غير قابلة للاستئناف ولا تقبل المراجعة، ويذهب القرار الظني إلى المجلس العدلي»، أما «طلب رد الدعوى أو مخاصمة القضاة أو الارتياب المشروع، فهو حق قانوني من حقوق المدعى عليهم». وأوضح المصدر أن «قاضي التحقيق هو قاضي الظن، أما القضاء فيصدر حكم اليقين».
وفيما يمضي القضاء بالمسار القانوني، يتحدث بعض أهالي الضحايا عن تدخلات سياسية تعيق التحقيقات بعد أكثر من 13 شهراً على الانفجار الذي أودى بحياة 214 قتيلاً وآلاف الجرحى، ودمر قسماً من العاصمة.
وتظاهر مئات اللبنانيين أمس، يتقدمهم أهالي ضحايا انفجار المرفأ أمام قصر العدل في بيروت بعد يومين من تعليق التحقيق في القضية، للمرة الثانية خلال أشهر بعد تعليق التحقيق في المرة الأولى، وكف يد المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان وتعيين البيطار بدلاً عنه.

وتمكنت مجموعة من المتظاهرين أمس من الدخول إلى الباحة الداخلية لقصر العدل، حيث يقع مكتب المحقق العدلي. وعلقوا لافتة ضخمة تضم صور الضحايا مع تعليق «لن تقتلونا مرتين». وأمام قصر العدل، رفع الأهالي صور الضحايا ولافتات كتبوا عليها عبارات عدة بينها «القضية أكبر من قاضي... القضية الحقيقة» و«الشعب يحمي العدالة» و«لن ننسى». كما حمل أحدهم صورة مرفقة بمجسم مقصلة ومذيلة بتعليق «نهاية كل فاسد».
وندد الأهالي «بالتدخل الوقح والسافر في تهديد وتحذير القاضي العدلي طارق البيطار لأجل حرف العدالة عن مسارها الطبيعي»، وشددوا على «دعمهم الكبير لتحقيقات واستدعاءات القاضي طارق بيطار لعدد من السياسيين والأمنيين مهما علا شأنهم حتى جلاء الحقيقة الكاملة».
وقالت ريما الزاهد، التي قتل الانفجار شقيقها الموظف في المرفأ، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «نعاني منذ 13 شهراً من تدخلات السياسيين وزعماء الطوائف في مسار التحقيق... ووصل بهم الأمر إلى حد اللعب على القانون». وأضافت «عندما علمت بوقف التحقيق، شعرت أننا نتعرض للخيانة مرة ثانية، ويقتلوننا مرة ثانية».
وألقى عدد من المعتصمين كلمات اعتبروا فيها أن «أسلوب القمع واحد، والجريمة واحدة والمجرم واحد»، واعتبروا أن «هناك محاولات حثيثة من قبلهم لطمس الحقيقة والتلاعب بها، وتمييع التحقيق العدلي، وتهديد القضاة العدليين والعمل الدؤوب والمستمر ليكون انفجار مرفأ بيروت هو انفجار قضاء وقدر». ودعوا إلى «الوقوف بشدة وبكل شجاعة إلى جانب الحق والحقيقة مع القاضي العدلي طارق البيطار».
وأعلن أهالي الضحايا عن اتجاههم لـ«مواصلة تحركاتهم واعتصامهم في الأسبوع المقبل وأمام مقرات ومنازل السياسيين وأماكن أخرى تعلن في حينه، حتى الوصول إلى الحقيقة الكاملة وتحديد المسؤوليات الجرمية واقتياد المسؤولين عنها إلى العدالة».
ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل المحقق العدلي طارق البيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان بعد ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين.
وقبل تنحيته في فبراير (شباط) الماضي، كان صوان بدوره قد علق التحقيق بعدما تقدم وزيران ادعى عليهما بطلب نقل التحقيق من يده.
وبعد نحو خمسة أشهر من تسلمه الملف، أعلن البيطار في يوليو (تموز) الماضي، عزمه استجواب دياب كمدعى عليه، ووجه كتاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم النواب علي حسن خليل (المال) وغازي زعيتر (الأشغال)، وهما ينتميان إلى كتلة حركة «أمل» المتحالفة مع «حزب الله»، ونهاد المشنوق (وزير الداخلية السابق)، وكان ينتمي إلى تيار «المستقبل» بزعامة سعد الحريري. وجاء ذلك «تمهيداً للادعاء عليهم» بتهم «جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل» و«جنحة الإهمال والتقصير» لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم «ولم يتخذوا إجراءات تجنب البلد خطر الانفجار».
وتتهم قوى رئيسية على رأسها «حزب الله» وتجمع رؤساء الحكومات السابقين بينهم الحريري، القاضي البيطار بـ«تسييس» التحقيق.