Advertise here

صراع مصالح فرنسي-أميركي.. وعون يطارد خصومه

20 أيلول 2021 07:18:15

لا يكاد لبنان يستشعر فرصاً وظروفاً لسلوك طريق الخروج من أزمته، حتى تتزايد في طريقه العقبات والمعوقات. وهناك عواصف قابلة للتجدد على إيقاع الخلاف الكبير بين الأميركيين والفرنسيين. وهو خلاف استراتيجي ستكون انعكاساته واضحة على البلاد. وقد يحاكي مرحلة تكليف مصطفى أديب، التي تخللتها خطوة فرض عقوبات أميركية على علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. وهي عقوبات صنفتها باريس في خانة عرقلة واشنطن المبادرة الفرنسية يومها.

باريس-واشنطن: صراع مصالح
ونجحت باريس حالياً في تمرير التشكيلة الحكومية، بناء على توافق مع إيران وما يُعتبر غض نظر أميركي. لكن ما هي إلا أيام على تشكيل الحكومة حتى انفجر الخلاف الأميركي - الفرنسي واسعاً: كسبت فرنسا صفقة 27 مليار دولار في العراق بالتفاهم مع إيران، لكنها خسرت بضربة أميركية قاسمة صفقة 90 مليار دولار مع أستراليا.

ويوضح هذا الخلاف أو الصراع جملة مسائل خلافية بين فرنسا وأميركا في لبنان: الخلاف الأول يتعلق بموضوع الطاقة والتنقيب عن النفط. فإذ كانت فرنسا تسعى إلى تكرار تجربتها العراقية مع إيران في لبنان، ساعية إلى دور في ملف ترسيم الحدود، فإن واشنطن سارعت إلى دعم إسرائيل بعد فوز شركة أميركية في عمليات التنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. وهنا تضع أميركا شرطاً واضحاً على لبنان: إما أن يلتزم باتفاق الإطار والشروط الموضوعة، وإما لن ينجح في الترسيم ولن يبدأ بالتنقيب.

الخلاف الثاني هو حول مشروع إعادة إعمار المرفأ والفوز بمشاريع متعددة تسعى باريس إلى تحقيقها في لبنان. وهناك معلومات تؤكد أن الأميركيين لن يسمحوا بذلك حالياً، ولا يمكن لأي جهة أن تربح عملية إعادة الإعمار من خارج الشروط الأميركية.

والخلاف الثالث والقابل للتجدد محوره مهام عمل قوات اليونيفيل في جنوب لبنان. ولطالما كانت واشنطن تضع شروطاً أساسية لاستمرارها في تمويل اليونيفيل كي تتبع عملها. وسابقاً كانت واشنطن تريد تقليص عديد القوات الدولية وتخفيض ميزانيتها، في حال عدم توسع مهامها وصلاحياتها وتعزيزها عسكرياً وتقنياً. لكن باريس كانت تتدخل لمنع ذلك. ونجحت في تمرير مشروع التمديد بدون أي تعديل. وحالياً المرجح أن يستجد خلاف كبير، لأن واشنطن قد تعتبر أنه من غير الملائم الاستمرار في تمويلها النسبة الأكبر من مخصصات اليونيفيل، فيما القوة الأكبر فيها فرنسية.

وتتحدث بعض المعلومات عن خلاف حول خطة التطبيع الاقتصادي مع سوريا والتي توافق عليها واشنطن، بينما باريس ليست شريكة فيها، وهي تسعى للتطبيع مع إيران.

توافق أميركي–روسي
هذه الخلافات كلها ستنعكس بقوة كبيرة على الواقع اللبناني. ولا سيما على مسار الحكومة التي تعتبر نتاجاً لتسوية إيرانية – فرنسية، بغض نظر أميركي.

واللافت أكثر هو الصمت الروسي حول كل هذه التطورات النفطية في المنطقة. ما قد يشير إلى توافق روسي - أميركي حول لبنان وسوريا. ويمكن قراءة هذا التوافق في إتفاق درعا. وهو في حقيقته اتفاق روسي - أميركي - إسرائيلي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التقاطع الروسي - الأميركي يتقدم حتماً ويغطّي على التقاطع الإيراني - الفرنسي.

وتشير المعطيات المتوفرة إلى ألغام كثيرة قابلة للانفجار في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وهي في الأساس ولدت مفخخة بطريقة وظروف تشكيلها، وبخلافات كثيرة حول ملفات متعددة ستتناولها.

حزب الله: المرفأ ونيترات البقاع
فحزب الله مثلاً، وبناء على ما نجح في تحقيقه على صعيد استقدام النفط الإيراني إلى لبنان، يعمل على توسيع مروحة الصادرات الإيرانية، لتشمل الدواء والمواد الغذائية. ويستند الحزب إياه على ما تحقق بين باريس وطهران لجعل إيران حاضرة أكثر نفطياً في لبنان.

وبعد انتهائه من مشكلة تشكيل الحكومة ومسألة النفط، يتفرغ حزب الله أكثر فأكثر لملف تفجير المرفأ، فيقوم بهجوم مضاد على خصومه، ولا سيما الذين اتهموه وحملوه مسؤولية التفجير. وأولى البوادر تظهر في عملية اكتشاف شاحنة نيترات أمونيوم في البقاع، وطريقة اكتشافها وتوقيتها وتوجيه التهم فوراً إلى آل الصقر. والمقصود القوات اللبنانية من خلفهم.

وهنا يلتقي حزب الله ورئيس الجمهورية على الإيقاع بالقوات اللبنانية وتوجيه ضربات قاسمة لها.

عون يطارد خصومه
أما عون فينشغل بالهجوم عبر الحكومة على خصومه الآخرين: في ملف التدقيق الجنائي ومحاسبة حاكم مصرف لبنان، وفي استهداف سعد الحريري ونبيه بري. ولا يمكن فصل هذا عن توجه قوة من جهاز أمن الدولة إلى منزل حسان دياب لإحضاره، مع العلم أنه موجود خارج لبنان. وهذه الخطوة تشير إلى حجم التصعيد الذي يستخدمه عون، ولو بشكل غير مباشر ضد "السنة"، ولا سيما رؤساء الحكومة السابقين.

وهذا يشكل إحراجاً لميقاتي ويضعه بين خيار من إثنين: إما أن يلتزم بالإملاءات التي يفرضها عون، وإما يُطوّق أكثر فأكثر، وتفتح ضده ملفات كثيرة. فعون يستغل حكومة ميقاتي لتصفية حساباته مع الحريرية السياسية وسواها، واضعاً الجميع في سوية واحدة.

وحسان دياب خائف من العودة إلى لبنان خشية توقيفه. ولن يكون قادراً على العودة إلا إذا اتخذ حزب الله قراراً بإخراجه من المطار على عاتقه وتأمين حماية وحراسة لمنزله. وهنا يعزز الحزب وضعه سنياً، فيتخذ دور المدافع عن موقع رئاسة الحكومة.

وهذا كله ستكون له ارتداداته السياسية كبيرة يسعى حزب الله إلى تثبيتها واستثمارها عندما يحين موعد التسويات.