16 أيلول.. انطلاق المقاومة بأصولها وأبعادها
15 أيلول 2021
16:29
Article Content
صدر البيان التاريخي بالإعلان عن قيام جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) من منزل الشهيد كمال جنبلاط، انطلاقاً من مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية، ببعُديها المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي، والحركة الثورية الداخلية الهادفة إلى إسقاط حكم التسلّط الطائفي- الطبقي، وإقامة حكم وطني ديمقراطي.
إنّ المقاومة الوطنية اللبنانية لم تأتِ من فراغ، ولها جذورها في التاريخ العربي البعيد، ومن بينها تجربة الشعب اللبناني في مختلف المراحل القديمة إلى "العاميّات"، إلى الثورة السورية الكبرى، ومواجهة الاستعمار الفرنسي، ومعركة الاستقلال، إلى التصدّي لسياسة الأحلاف التي بلغت ذروتها في انتفاضة عام 1958، إلى انطلاقة المقاومة الفلسطينية، مروراً بالتصدي للاحتلال الإسرائيلي صيف عام 82، وصولاً إلى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال في السادس عشر من أيلول من العام نفسه، بأبعادها الوطنية والإنسانية من خلال إعلان الشهيد جورج حاوي والمرحوم محسن ابراهيم، البيان الأول من منزل الشهيد كمال جنبلاط.
ومما تضمنته أبعاد المقاومة الوطنية اللبنانية ما يلي:
ارتباطها بمفهوم "الوطنية اللبنانية" الجديدة، ووقف الحرب الأهلية، والمقاومة الوطنية، والثورة الوطنية الديمقراطية في لبنان.
تناقضها مع الفكر الديني ودور التيارات الدينية، بالرغم من محاولات وضع أسس لتوحيد الموقف ضد العدو الإسرائيلي خارج الإقصاء.
المقاومة الوطنية والعلاقة مع المقاومة الفلسطينية، وحركة التحرّر الوطني العربية، ومحاولة تأسيس حركة ثورية عربية، والحركة الثورية العالمية. المقاومة الوطنية اللبنانية ضد إسرائيل ونهج التدخل العدواني.
المقاومة الوطنية ومواجهتها للوصاية السورية، ومحاولات مصادرتها واحتوائها، وإدخالها في بازار التسويات.
لقد قدّمت المقاومة الوطنية اللبنانية فصولاً رائعةً ومبدعة في مجال التنظيم، والعمل العسكري، والجمع بين كل أشكال النضال من انتفاضات القرى في ظل الاحتلال، إلى أبطال معسكرات الاعتقال، إلى العمليات العسكرية النوعية للمقاومة، وتقديم مئات الشهداء لتصبح مجالاً للإنتاج الفكري والأدبي والثقافي المتنوّر بأقلام تستحق التقدير والوفاء.
إلّا أنّه بالرغم من الجوانب المضيئة في دور المقاومة الوطنية، والتي حرّرت معظم الأراضي اللبنانية وصولاً إلى الشريط الحدودي، فهي بالمقابل فشلت في الأهداف الأخرى، وقُتِل الأمل في تحقيقها بسبب تردّي حركة التحرّر الوطني العربية بتياراتها المختلفة، ومن جهة أخرى صعود التيارات الإسلامية المختلفة، والدعم الإيراني والسوري لحزب الله وإقصاء كل الآخرين، واستيعاب بعض الأطراف بمشاركة شكلية، والدخول في الانقسامات الطائفية والمذهبية، وصولاً إلى التورط في الصراع الإقليمي المباشر، إلى تشديد القبضة على السلطة اللبنانية، التي أدّت إلى انهيار كاملٍ للبلاد، وانفتاحٍ على كل الاحتمالات من تغيير وجهتها ودستورها، إلى مخاطر التهديدات الأمنية.
إنّ أهم شروط أي مقاومة كانت أن تكون مقاومة شعب، وفي خدمة بناء الدولة، وليس مشروعاً على حساب الوطن والدولة نفسها.
بكل أسف لقد أصبح الأصيل في المقاومة خارجها سياسياً وجسدياً، شهيداً أم مهاجراً، أم معتكفاً في منزله، ومنهم من اتّخذ خياراً يسارياً ينسجم مع ثقافة المقاومة الحقيقية. وتبقى الذكرى محطة لاستعادة جوهر الموقف والخيارات، لكي تستعاد الأصول فتستحق ان نحتفل بذكراها.
*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.