Advertise here

كلمةٌ دامعة ووفية في رحيل المناضل جورج ناصيف

11 أيلول 2021 12:36:10

في ذكرى أسبوعه كلمةٌ دامعة صامتة في رحيل الإعلامي الأديب والمناضل جورج ناصيف، كلمةٌ تعبّر عن لحنٍ مفعمٍ بمرارة الموقف الجلل، أمام ترجّل فارسٍ تقدميّ عشق الشقاء والجهاد والألم في صراع الحياة، ومناضلٌ صابر مكافح عرف الجهاد والنضال منذ شبابه حيث كان من طلائع وروّاد وأبطال الإتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية. التزم النضال بقيمٍ ومبادىء مشبعة بالتعبيرات الإنسانية الخالدة، ومرتكزة إلى سلامٍ ووعيٍ وحرية وديمقراطية، تلتزم خير الإنسان وسعادته، وأكمل مشواره النضالي مدرساً ومعلماً ومربياً في المعمدانية وكان فيها أستاذاً للغة العربية، تميز بالعمق والعشق للأدب والشعر العربي، منقباً في جواهر اللغة وعانيها وفي تلك المرحلة النضالية سكنت القضية الفلسطينية في وجدانه، وسكنت القدس قلبه. فتحوّل إلى مناضلٍ إلى جانب القضية الفلسطينية مدافعاً عن حق الثورة والعودة والتحرير، فانخرط مع كوكبةٍ من المناضلين التقدميين في طلائع تلك الثورة، وتحوّل بعدها إلى مرشدٍ سياسي ومثقّفٍ للخلايا الثورية التقدمية في منطقة المصيطبة. شعاره شعار المعلّم الشهيد كمال جنبلاط "يا أحرار العالم اتحدوا". 

ومضى قدماً في النضال الثوري فتميّز بقلمٍ إعلامي ثوري كان يغطّ بريشته من فلك وفضاء دار المعلم الشهيد كمال جنبلاط في فرن الحطب، فتميّز قلمه بالجرأة والبطولة والمروءة والصدق. وتحوّلت ريشته إلى معولٍ نضالي لهدم غياهب الجهل والفقر والعبودية، ليبني معالم الوطن الحرّ والشعب السعيد. وهذا ما دفعه ليكون فاعلاً بثقافته وعلمه ومعرفته في صفوف الحركة الوطنية اللبنانية، حيث كان من الكوادر الثائرة والمتحررة من قيود الإنغلاق والتعصّب والفكر الهامشي، متشقاً قلماً ثائراً منقباً دائماً في مسيرته عن طرق الإصلاح والثورة والحرية والديمقراطية الصحيحة. وأكمل مشواره في التبحّر في قضايا الفكر والعروبة الإنسانية والعلمنة الشاملة فحمل قضايا وهموم العالم العربي، وانخرط باحثاً في معهد الإنماء العربي دارساً ومحللاً قضايا العروبة والعلمنة والوحدة ومفاهيم الحرية من أجل نصرة فلسطين وقضايا التحرر والتنمية والنهوض بالوطن العربي. 

هي باختصار صفحةٌ ومسيرة هذا الفارس الراحل مسيرةٌ ناصعةٌ بيضاء وسجلٌ نضالي خالد يشكّل مرآةً جوهر وطبيعة وطينة جورج ناصيف، صاحب الأخلاق الطيبة والشمائل المفعمة بالمكارم والفضائل والفروسية، فقد عاش عاشقاً للحرية والنضال مخلصاً في قصده ومسيرته، عاشقاً للحرية والحقيقة. وكما يقول المعلّم الشهيد كمال جنبلاط بأن الموت تسمية خاطئة لأنه لا يوجد، لأن الحياة تنتظر منا أن نموت لكي نحيا بها، وبهذا القصد فالموت ليس النهاية بل البداية في معركة الحياة وسيرورتها. 

ويبقى جورج ناصيف في رحلة الموت هذه حاضراً بالذاكرة والوجدان والضمير مستمراً في الحياة ومنتصراً بها بسيرته العطرة ومخزونه الفكري فعلاً وممارسةً وقولاً، طوبى له والرحمة له والصبر والإيمان لعائلته الكريمة ولرفيقة دربه الدكتورة نجاة نعيمة التي كانت نعمَ الشريكة الوفية له. وأخيراً نقول طوبى لجورج ناصيف وبأن الحياة على الدوام تولد من الموت ذاته. رحمه الله. 

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".