Advertise here

صراع بين الأجهزة الأمنية والقضائية... وإليكم التفاصيل

09 نيسان 2019 08:42:53

على وقع إقرار خطّة الكهرباء بالإجماع، والتي ينتظر اللبنانيون العبرة الكامنة في تنفيذها للتخلّص من العتمة المزمنة، انفرج صراع من نوع آخر، يؤشر إلى مدى الترهّل الذي يصيب بنية المؤسسات والأجهزة اللبنانية. أن يتطور الصراع بين أجنحة السلطة القضائية، وتدخل في حماه أجهزة أمنية، ليس إلا مؤشراً خطيراً حول ما تبلغه تطورات الأوضاع في البلاد، والتي تنذر بمشكلات متفاقمة لم تعد تتعلق فقط بالسياسة أو بالأوضاع المعيشية للناس، بل أصبحت تطال جوانب مفصلية من بنية النظام الذي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات.

وبمجرّد أن يدخل الصراع بين الأجهزة الأمنية والقضائية في سياق الخلاف على الصلاحيات أو التنافس على النفوذ بين أصحاب المواقع، فإن ذلك يعني أن كل المحرمات قد سقطت. وليس ما جرى بالأمس بين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس وشعبة المعلومات إلى رأس جبل الجليد، بينما الأعمق يكاد يكون أخطر.

منذ فترة، أطلقت حملة مكافحة الفساد في الجسم القضائي وفي بعض المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتوسعت هذه العملية، فدخلت في مكافحتها الأجهزة الأمنية، والتي بدأت عملها بشكل متواز، فدخل أحد الأجهزة إلى العدلية بحثاً عن إثباتات تتعلق بملفات فساد، بينما جهاز آخر دخل إلى هيئة إدارة السير للغاية ذاتها، وعندها فسّر بعض اللبنانيين الأمر بأنه تنافس بين الأجهزة الامنية لأجل تحقيق الإنجازات على طريق مكافحة الفساد، لكن ذلك كان بعيداً عن تحقيق الغاية المنشودة، وحصر هذه الإجراءات في إطار الإستعراض، لا سيما أن الإعلام استخدم كركيزة ومستند في هذه المعركة.

تطور الصراع ليطال الجسم القضائي، خاصة في ضوء المعطيات التي تحدّثت عن تسجيل نقاط بين جرمانوس من جهة والقاضية عون من جهة اخرى، وأساس الخلاف يعود إلى فترة ليست قصيرة، عند تسطير عون لاستنابة قضائية بحق شخصين مقربين من جرمانوس أحدهما عنصر في مؤسسة عسكرية. فاعتبر جرمانوس أنه مستهدف بشخصه، ما دفعه إلى تسطير إستنابة قضائية والإدعاء على شعبة المعلومات بإتهامات متعددة، أولها تشويه القضايا وتحويرها، وتسريب تحقيقات، واحتجاز متهمين لأكثر مما تسمح به مدة التوقيف، ففهم الإجراء بأنه إستمرار للصراع بوجه آخر، شمل التصويب على عمل الأجهزة الأمنية، وبالتأكيد أن هذا النوع من الغرق في هذه الإشكالات، لن تكون نموذجاً يحتذى لإرساء مفهوم الدولة أو مكافحة الفساد، ولا حتى ستكون مؤشرات إيجابية يقدّمها لبنان للمجتمع الدولي الذي ينتظر إصلاحات لأجل تقديم المساعدات، الإصلاحات لا تقتصر فقط على الشق الإجرائي والمالي، بل أيضاً تتعلق في آلية انتظام عمل المؤسسات، وإبعادها عن أي صراعات سياسية.