Advertise here

الطوائف والمصالح

10 أيلول 2021 11:49:01

يقول المعلّم كمال جنبلاط
"ولا يكفي أن تكون الأديان شركات تأمين لمن يبتغي الراحة والخلود في العالم الآخر، إنما يتوجب عليها أن تبدأ بتأمين حاجات الإنسان الطبيعية، وأن تحقّق ملكوت العدالة والأخوة والمساواة منذ الآن، وعلى وجه هذه الأرض...
ويجب أن تنقذ الناس من نار جهنّم الفقر والجوع، والمرض، والاستغلال، والاحتكار، وانعدام المأوى، وعبودية التسكّع، وذل الخضوع، ومن انجذابات الحضارة المادية... قبل أن نحاول أن نضمن لهم استئجار غرفة في بعض مراتع الجنة، أو فنادق السماء..."

نعم هذه هي حال الطوائف والأديان في لبنان.
وباسم شرعنة حقوق الطائفة، وشعب الوطن من كل الطوائف والمذاهب يموت ألف مرة...
وكأننا نتمزق ونحن نرى شرعنة تمزيق الوطن أكثر وأكثر، وباسم الطوائف ومصالحها...
ونموت ونحن نرى القتلة والنهاية واللصوص والفاسدين يحكموننا بشرعية الطوائف...
وشرعنة تمزيق المجتمع اللبناني قادمة،
وشرعنة تجويع الشعب، وإفقاره، وموته وتشريده، وظلمه، وذلّه، واستغلاله مستمرة...
أشعلوا الحرب الطائفية وابتهجوا بها... 
أغلقوا مصانع ومؤسّسات، وقطعوا رواتب، وألحقوا بالشعب المجاعة وإهدار الكرامة...
مزّقوا لبنان شعباً، وتاريخاً، وجغرافيا.
أضاعوا حقوق لبنان وارتهنوا للخارج طولاً وعرضاً، بل وصاروا وكلاء عنه...
رسموا باسم الطائفية، والكذب، والخداع، والكراهية، حدوداً داخلية تمزيقية...
وما همّ الطفل الذي ينام دون مأكل ومشرب، وكهل دون أوكسيجين، ومريض دون دواء، ما لون الحقيبة وطائفتها: شيعية، أو سنّية، أو مارونية، أو أرثوذوكسية، أو درزية...

هم شعب ينتمون للطائفة وثمّ للوطن، وبالحقيقة ينتمون للأنانية والمصالح والمواقع والتعالي.
ونحن شعب ننتمي للوطن ثم للطائفة،
لا بل أصبحت لنا طائفة اسمها الجوع والألم...
والدّين هو الإيمان بالله، ولخدمة الإنسان والإنسانية، ولمعالجة الآلام والمآسي، وليس لخدمة المواقع والكراسي...
ونحن شعب يعبد اللّه والأنبياء والقدّيسين...
ولكن ليس غذاءه الطائفية، ولا تغذيتها القاتلة، والمتمسّكين بالطائفة وحقوقها على حساب موت شعب، ولا يكفي الواحد منهم ما لا يُحصى من اللعنات وألف سنة في قاع جهنم، غير جهنم التي وعدونا بها لأننا لا نريد حتى مشاركتهم فيها...
ويحاولون إقناعنا بخداعهم المقنّع باسم الإصلاح ويلبسون ثياب العفة باسم مصالح الطائفة...
 والمواطن يستأهل العيش الكريم ورضى الله ليس أكثر، ونحن لا نستحق مزيداً من المعاناة...
وهل توجد معاناة أكثر من تلك التي عشناها سنوات طوال ومستمرة إلى لا حدود...
والأكثر وقاحة تأتي بطاقة انتخابية، تموينية إذلالية شهرياً للأسرة، ويريدون الناس سخرة أم عبيداً لهم، وأكبر مشكلة فيهم أنّهم يستمرون باستغباء الشعب، ونحن نقول كفى، ألا تستحون من أنفسكم، ولن نقول ألا تخافون ربكم لأنّ من هو مثلهم لا يؤمن بالله، ولا بقديسين وأنبياء...

ظلّ الشعب أسابيعاً وشهوراً ينتظر ولادة حكومة، وأي حكومة، وسط تعنّت  وباستخفاف بموت الشعب وعن لا- مبالاة وعدم اكتراث، وغلبة وخيبة أمل كبيرة وعريضة من جميع المعنيّين تقريباً، ولم نتدخل في مساندته إلّا بعد يأس وانسداد وليل مدلهم يبتلع مستقبل الأجيال... 
والأسباب مواقع طائفية وكراسٍ وحقائب... فيما الفساد يعمي شمساً في رابعة النهار...

ولأن ردود الشعب على تظلماتهم المسببة موجزة وغير كافية لاستيعاب فكرة الثلث المعطل... وجدنا أنفسنا، رغم الألم والدم والجوع إزاء واجب التصدي لهذا الطغيان الذي يحرمنا من حقوقنا الأساسية المكفولة قانونياً ودستورياً، هذا إذا بقي شيء من الدستور، وأوله حق المواطنة، وحق العيش، وحق المأكل والمشرب، وغيرها من الحقوق المستباحة التي تمّت مصادرتها، أو انتعالها، أو سرقتها أو تخزينها بجانب مستودعات الأدوية والمواد الغذائية المحميّة من جهات وجهات..
اللهم نستودعك الوطن وشعبه من الفقر والجوع، واحمِه من المتشدقين باسم الطوائف وحقوقها...

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".