Advertise here

"التقدّمي" على خطّ المبادرة لدعم تأليف الحكومة

06 أيلول 2021 13:28:28

يقارب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الموضوع الحكوميّ من أعلى المشهد المحيط بكلّ التفاصيل الأساسيّة من دون الاهتمام بقشور وزارية أو اعتبارات اختيار الأسماء والحقائب. وهو يواكب المجسّم الحكوميّ على طاولة المشاورات والمساعي انطلاقاً من النظر إلى الهندسة المتكاملة للصيغة الوزاريّة وكيفية الوصول إلى حلول تساهم في إسدال الستارة وقصّ الشريط الأحمر بعد أشهر طويلة من المراوحة المتزامنة مع تدحرج الأزمات المعيشية. ويضطلع جنبلاط بدور العامل على خطّ تمتين الأبنية الوزارية في المجسّم الحكوميّ ومحاولة بناء جسور تشاور مع أكثر من مكوّن معنيّ وزاريّاً، بهدف حلحلة ما تبقّى من عقد تحول من دون ولادة فريق وزاري متجانس يباشر في عملية فرملة الانهيار. ماذا في المسار الذي تسلكه مساعي الحزب التقدمي في إطار تقريب وجهات النظر بين المكوّنات المعنية بالملف الحكوميّ؟ وأيّ نتائج يمكن أن تحقّق هذه المبادرة الهادفة إلى الولادة الحكومية؟

تشير المعطيات التي استقتها "النهار" إلى أن الحزب التقدمي يعمل خلال هذه المرحلة على تفعيل اتصالات مكوكيّة في سبيل منع انقطاع المفاوضات والبحث في خيارات جديدة تسمح في إنتاج حكومة خلال مرحلة سريعة. وتشمل المشاورات التي يعمل التقدمي على خطّها كلّاً من الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري واللواء عباس ابراهيم. ولا يدّعي التقدمي قدرته التأثيريّة على القوى السياسية المعنية مباشرة بعملية التأليف، لكنّه ينطلق من عناوين واضحة في مسعاه، أهمّها الإشارة إلى ضرورة تأليف حكومة بعد مرور أكثر من سنة على الدوران في حلقة مفرغة في ظلّ سلسلة من الأزمات والعقبات. ويبدي قلقه من كيفية تحوّل مسار الأزمات التي تسلك طريقاً تصاعدياً، فيما بات أكثر من نصف الشعب اللبناني تحت خطّ الفقر. وينتقد التقدمي أداء حكومة تصريف الأعمال التي لا تفعل شيئاً ولا تفعّل أي مبادرة، في ظلّ أخطر الأزمات التي تمرّ على لبنان بما هو أكثر وطأة من أيام الحرب الأهلية. ويطرح مجموعة تساؤلات حول الأسباب التي لا تزال تعيق التأليف، فيما يشاع أن الخلاف قائم على حقيبة واحدة فحسب. ولا يتلاءم هذا الواقع مع طبيعة الواقع المأسوي الذي يعيشه لبنان، وكأن أسباب العرقلة ترتبط إمّا بقرار داخلي للسير نحو الانهيار وإمّا بمعطيات خارجية تمنع التأليف.

وإذا كان دخول الحزب التقدمي على خطّ المشاورات يأتي انطلاقاً من تأكيده على ضرورة إطلاق صافرة الإنذار في ظلّ حراجة الأوضاع التي سيتّجه نحوها لبنان في الأسابيع المقبلة إذا لم يتصاعد الدخان الأبيض الحكوميّ، فإن مصادره المسؤولة تشدّد على التخلي عن أيّ من المطالب أو الحقائب الحكومية والمطالبة بعدم قطع التواصل بين الأطراف التي تدور بينها التباينات الوزارية. ويسعى إلى التدخل الإيجابي مع عدد من القوى السياسية، من أجل أن تخرج من موقع المتفرّج وأن تعمل على استخدام تأثيرها. لكن، المساعي التي يقودها التقدمي لم تلمس حتى اللحظة نتائج متجاوبة أبعد من حدود المؤشرات الكلامية مع ضرورة الانتقال من الأقوال إلى الأفعال. وينتظر المعنيون على خطّ المشاورات ما يمكن أن تسفر عنه الاتصالات التي يرتقب أن تبدأ نتائجها بالظهور الثلثاء المقبل. وقد انطلقت الخطوة الأولى من العمل على تبريد حدّة السجالات التي ظهرت في الأيام الماضية بين أكثر من مكوّن سياسي.

على صعيد الحقائب الوزارية التي كُتبت في المسوّدة الحكوميّة لجهة التمثيل الدرزيّ، تشير المعطيات إلى أن حقيبة التربية لا تزال شبه محسومة على أن يتولاها عباس الحلبي. واختير عصام شرف الدين مبدئياً لتولي حقيبة الشباب والرياضة. وتبقى هذه الصيغة أوّلية باعتبار أن الوزارات والأسماء لا تزال محلّ تشاور وتبديل، لكن لا متغيّرات متوقّعة أو مرتقبة على صعيد الأسماء الدرزية طالما أنها لا تشكّل موقع تجاذب أو اعتراض من غالبية القوى الأساسية المعنية بالموضوع الحكومي. وفي غضون ذلك، يغضّ الاشتراكيّون النظر عن التمحيص في الأسماء، مع التساؤل عن بقاء الحكومة من عدمها على تنوّع المرشحين لتولّي الوزارات. وعُلم أن رئيس التقدمي وليد جنبلاط كان يعتزم إقامة مؤتمر صحفي يتطرّق فيه إلى المستجدات السياسية اللبنانية بما في ذلك الحديث عن القلق الأمني والموضوع الحكومي والاتصالات السياسية، لكنه عاد وألغى المؤتمر في ظلّ مزيد من المباحثات القائمة. وهو يتواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على صعيد كلّ المستويات. ولم يلغِ التنسيق معه على صعيد مجلس النواب وشتّى الملفات. وترتبط الخلاصة الأساسية التي يعبّر عنها التقدمي بضرورة التوصل إلى تشكيل حكومة في أقرب وقت كخطوة ضرورية ومطلوبة، لكن ذلك لا يعني أنّ البلد سيكون بألف خير في ظلّ مهمّة طويلة تبدأ من خلالها الخطوة الأولى عبر التأليف.