Advertise here

الصحافة تفتقد جورج ناصيف.. و"الأنباء" تستذكر "صدارة الدار"

06 أيلول 2021 13:08:59

يغيب عن عالم الصحافة والسياسية الكاتب الصحافي جورج ناصيف بعد سنوات طويلة من مقاومة المرض الذي كُتب له أن ينتصر في نهاية المطاف. يغيب المحلل الذي تجرّأ على كتابة مواقفه دون مواربة، وتحليلاته بدقّة.

للكاتب مقالات عديدة، وفي هذه المناسبة، تستذكر جريدة "الأنباء" مقالاً كان قد نشره الراحل في جريدة "النهار" في العام 2006، حول المعلّم الشهيد كمال جنبلاط ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والذي حمل عنوان "صدارة الدار".

إليكم نص المقال كاملاً:

صدارة الدار

قبل ثلاثة أشهر، كتبنا هذه الزاوية: "كان وليد جنبلاط نجلاً للشهيد كمال جنبلاط في البيولوجيا. صار نجلاً في الكرامة الوطنية وقامة الرجال الأحرار. بلى مجد لبنان أعطي للمختارة أيضاً، والداً ووليداً". (8 أيلول 2004)

وعدنا لنطرق الموضوع عينه قبل أسابيع: "شاهدوا وليد جنبلاط رسماً واسمعوا صوت كمال جنبلاط. مبارك الآتي باسم الكرامة". (27 تشرين الأول 2004)

يومها، عاب علينا أصدقاء ما اعتبروه افراطاً في الحماسة، وتفريطاً في السياسة، ودعانا بعضهم إلى ترقب انقلاب وشيك لدى زعيم المختارة سيجعلنا نبتلع ألسنتنا ونندم على اندفاعة لم تحسب حساباً لتقلبات الدهر.

لكنه مضى أبعد وأعلى، متمنطقاً بحجج لا ترد، وبشجاعة المقاتلين.

وليد جنبلاط لا يضيف إلى المعارضة مذاقاً خاصاً فقط، ولا قامة وطنية فحسب، بل يعيد صياغة رؤيتهما ويجلو خطابهما مما يعلّق به أحياناً من نزعة طائفية أو ملامح جفاء بين اللبنانية والعروبة، أو استحضار لثنائيات الحرب وتقلباتها المدمّرة.

في نبرته، يحضر الأمير شكيب ارسلان وكمال جنبلاط، سواء بسواء، وينبسط في عمق الذاكرة السيد عبدالله التنوخي، تتقطاع مثالات الثورة العربية الكبرى والثورة الفرنسية. يمتد في بطن تاريخ الجبل، ولا ينقطع عن ميراث عن تاريخ لبنان الكبير. يتعتق في سحر الشرق، ولا يرذل سحر الغرب قد عرفه معرفة اليقين. واذا جالس الموحدين في خلوتهم، أرسل قولاً طيباً في الرهابين المنقطعين في محاسبهم.

معارضة وليد جنبلاط دعوة الى المعارضة المسيحية، بجميع أطيافها، لكي يتعرّب لسانها السياسي والفكري، كما تعرّبت طقوس كنائسه، وتهجس بفلسطين البيحة كما تهجس بلبنان المأسور، ويحلو المجاهدون في عيونها، في كل ساح. فليس الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الاسرائيلي اقل كرامة من أسرانا اللبنانيين، وليس لبنان المستقل إلّا درة العرب وصورتهم المرتجاة.

دعوة حتى تكون العروبة تذكية للبنانية، واللبنانية مرقاة إلى العروبة، في مصالحة كبرى تتحقق داخل العقل والقلب، في ىن. 

معارضة وليد جنبلاط تقذفك في قلب المستقبل بشعاراته وامدائه. وهي من هذا الباب، تبرأ من معارضات تتحدث لغة الماضي ومفاهيمه، وتستحضر فواجعه وسقطاته.

عاد كمال جنبلاط يقود حركة الوطنيين اللبنانيين جميعاً من أجل لبنان عربي، ديمقراطي، علماني، معاد للعسكر والمخابرات، يحتضن فلسطين ولا يرتاح إلى حضن جورج بوش.

... ومتى يعود كمال جنبلاط، تكون له صدارة الدار.