Advertise here

حق الوطن وحقوق المواطن

31 آب 2021 13:51:08

للأوطان حقوق متبادلة على مواطنيها. وكم من القصائد كُتبت حول هذا الموضوع، وكم من الأسس قامت بتمجيد هذه الأدبيات، وكم من الدماء سالت للمحافظة على الأوطان، ومن المؤسف أن تسقط هذه الأسس عند ما يسمى حقوق الطوائف. 

هل هناك أسوأ وأسخف من تعطيل حكومة وطنٍ يتخبط في دمائه، وأزماته، وكرامة مواطنيه، عند التخفي وراء حقوق الطوائف. 

وإذا أسقطنا هذه المقولة، وهذا التصرّف، على الواقع المزري الذي نعيشه، وجب على المهتمّين بالنضال من أجل مستقبل الوطن إنعاش ذاكرتهم، ونزع النظارات السوداء عن عيونهم، ليروا الحقيقة الساطعة الواضحة. إنّهم يساهمون من غير أن يدروا (في هذه الأزمات)، أو إنهم يدرون جيداً ما يفعلون. 

أزماتنا الحياتية المتلاحقة، من الدواء، إلى المحروقات، إلى المستشفيات، إلى لقمة العيش، إلى انهيار النظام المصرفي، إلى الهجرة القاتلة، لا تتعالج هذه الأمور من قِبل شباب وطننا، أمل مستقبلنا، وهم يرفعون شعاراً شعبوياً لم يقدّم ولم يؤخّر في حلّ أزماتنا المتلاحقة، بل يفعل فعله في تجهيل الفاعل، وتأليب قسمٍ كبير من الشعب اللبناني الذي نزل إلى الساحات في أوائل ما بدأت بثورة، وانتهت شعاراً مستفزاً وُضع لأجل محاصرة المعطى الأساسي الذي تحركت الناس من أجله وتحولوا إلى طائفة من الطوائف. 

لا تُبنى الأوطان بالقوقعة، ولا تبنى بشعارات آنية مستفزة، بل تُبنى بوضع الإصبع على الجرح، ومجابهة المعرقلين الذين لا يريدون لهذا الوطن النهوض من غيبوبته. 

لا تُبنى الأوطان إلّا بالالتزام بأرضها وشعبها وآمالها وآلامها. 

لا تُبنى الأوطان بالتنكّر للتاريخ، والتنكّر للدماء، والتنكّر لمواقف وطنية حمته في زمن الشدة. 

لا تبنى الأوطان إلّا بتحديد الفاعلين الذين يعرقلون تشكيل الحكومة، والذين هم في مركز القرار ولم يحاولوا طرح أيّ حلول تخفّف من معاناة الناس ومأساتهم. 

لا حلّ لهذا الوطن إلّا بالخروج من قوقعة الطوائف، والمناطق، والأحزاب، والانفتاح بين جميع القوى الحيّة لإحياء الوطن.