Advertise here

"أطباء بلا حدود" قلقة حيال الوضع الصحّي في لبنان

30 آب 2021 23:30:00

أعربت منظمة "أطباء بلا حدود" عن "قلق بالغ" إزاء استمرارية خدمات الرعاية الصحية الأساسية في البلاد وسط تخوّف من عواقب انهيار النظام الصحي اللبناني، إذ أشار رئيس بعثة المنظمة في بيروت جواو مارتينز إلى "التقنين" الذي بدأته المستشفيات بالفعل والذي طال خدماتها ما دفعها إلى إعطاء الأولوية للمرضى، معتبراً أنه في غياب الكهرباء والإمدادات المناسبة والموظفين، "يمكن أن يموت الناس الآن لأسباب يمكن تجنبها وعلاجها بسهولة".

في السياق، أرجع مارتينز سبب الأزمة اللبنانية إلى "الفساد المتفشّي على مدى سنوات"، مشيراً إلى تخوّف "أطباء بلا حدود" من "تدمير نظام صحي بأكمله تماماً كما تفعل الحروب أو الكوارث الطبيعية". واعتبر أنّ الفراغ السياسي ليس السبب الأوحد لأزمة الرعاية الصحية، "لكنه يعرقل التوصّل إلى حلول لمعالجتها"، داعياً السلطات إلى "التحرّك الآن لتفادي عواقب أسوأ على اللبنانيين".

نقص الوقود والمازوت

من جهة أخرى، لفتت المنظمة إلى تأثير الأزمة الاقتصادية على القوة الشرائية للأفراد وإضعافها، إذ "أدّت إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار وشبه استحالة استيراد الوقود إلى البلاد"، حسبما وصفت. وأشارت إلى أنّ المستشفيات التي تعتمد على المولدات في غياب كهرباء الدولة تعاني انقطاع التيار الكهربائي اليومي الذي يستمر لساعات بسبب نقص الوقود لمولداتها الاحتياطية.

في سياق متّصل، أكّدت منظمة "أطباء بلا حدود" أنها "ليست مستثناة من النقص في الطاقة"، شارحة أنّ "فرقها واجهت مؤخراً في مستشفى برّ الياس (سهل البقاع) انقطاعاً في التيار الكهربائي استمر أكثر من 44 ساعة على مدى ثلاثة أيام"، ممّا أجبر فريقها الطبي على "تقليل العمليات الجراحية بنسبة 50 بالمئة خلال تلك الفترة، وتقنين استخدام الوقود لضمان الاستجابة لحالات الطوارئ".

الأدوية أصبحت نادرة

ذكّرت "أطباء بلا حدود" بأزمة نقص الأدوية الأساسية غير المتوافرة عند الموزّعين وفي الصيدليات، ومعظمها لا يمكن إنتاجه محلياً، إذ قالت مديرة نشاط القابلات في مشروع منظمة "أطباء بلا حدود" جنوب بيروت: "من المقلق للغاية أن نرى الأشخاص الذين كانت حالتهم مستقرة تتدهور مرة أخرى لأنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى الأدوية التي يحتاجونها".

وأكّدت المنظمة أنها المرة الأولى التي تطلب المستشفيات العامة التي تُحيل إليها "أطباء بلا حدود" الحوامل تزويدهم بالأوكسيتوسين والمغنيسيوم، وهي أدوية ضرورية لعلاج حالات ما بعد الولادة التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.

"للأسف، نجد أنفسنا أحياناً غير قادرين على تقديم الدعم والمساعدة. الكميات في عياداتنا ومخزوناتنا محدودة، وحتى إذا تمكنّا من الحصول على شحنة إضافية، فإن الأمر يستغرق وقتاً بسبب التأخير بالاستيراد. وبسبب التعقيد والفوضى الموجودة في النظام العام، فإنّ شحنات الأدوية غالباً ما تستغرق ثمانية أشهر للوصول إلينا، وهذه مدّة طويلة جداً خصوصاً في سياق حالات الطوارئ الصحية"، يقول مارتينز.

نظام المساعدة الإنسانية مرهق

لم يعد باستطاعة السكان تحمّل تكاليف الرعاية الطبيّة الخاصة، حسبما تقول المنظمة مشيرة إلى "ارتفاع غير مسبوق في عدد الأشخاص الذين يتوافدون للحصول على المساعدة الإنسانية للوصول إلى خدمات الرعاية الصحية". وتشهد فرق "أطباء بلا حدود" ذلك مباشرة في عياداتهاحيث ازداد عدد الأشخاص الذين يستنجدون بها للحصول على خدمات طبية مجانية، بالإضافة إلى الطعام والإمدادات الغذائية خلال زياراتهم الاستشارية الطبية.

توضح منسّقة مشروع البقاع في "أطباء بلا حدود" سيلين أوربين أنه"في مشروع المنظمة في سهل البقاع، حيث نقدّم الرعاية الصحية الإنجابية والنفسية بالإضافة إلى الرعاية الطبية للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، نشهد زيادة هائلة في عدد الأشخاص الذين يأتون إلينا للاستفادة من خدماتنا الطبية المجانية". وتشرح: "ازداد عدد مرضى الأمراض المزمنة الذين يتلقون دعمنا الطبي بنسبة 60 بالمئة منذ بداية العام الماضي، وتضاعف عدد المرضى اللبنانيين".

وتضيف: "نقوم حالياً بالمتابعة وتقديم الرعاية الطبية إلى 3 آلاف و500 مريض يعانون أمراضاً مزمنة في سهل البقاع، وتحديداً في الهرمل وعرسال" معتبرة أنّ "هذه الزيادة مقلقة للغاية، لأننا وصلنا إلى أقسى طاقاتنا فيما يتعلق بالطاقم الطبي لكل مريض والذي يمكن أن يقلل من جودة الرعاية".

قبل بضعة أشهر، شهدت فرق منظمة "أطباء بلا حدود" زيادة كبيرة في عدد النساء اللواتي يأتين إلى عيادة الولادة في جنوب بيروت. وتصف المنظمة أنّ "النساء الحوامل كنّ يصطفن خارج العيادة وينتظرن ساعات حتى يتم قبولهنّ وتلقي رعاية ما قبل الولادة وخدمات الولادة المجانية".

في هذا الإطار تقول ديباسي: "في حين أنه من الجيد أننا استطعنا تقديم المساعدة للأكثر حاجة، إلا أنه وللأسف لا نستطيع استقبال الجميع".

"نحن ملتزمون بتقديم رعاية طبية محايدة للفئات الأكثر حاجة بأفضل ما في وسعنا، ولكن يجب أن تتخذ السلطات اللبنانية الإجراءات اللازمة لضمان توفير الخدمات الطبية الأساسيّة للسكان. يجب عليهم التصرف وبسرعة، لتأمين حاجة البلد من الأدوية والإمدادات والوقود. لا يمكن للجهات الإنسانية أن تحلّ مكان النظام الصحي لبلد بأكمله"، يختتم جواو مارتينز.