Advertise here

"المنسف" اللبناني!

20 كانون الأول 2018 12:05:48

الديموقراطية، الدستور، القوانين، الحرّيات العامة، النزاهة، الأمانة، الوطن فوق الجميع،  لبنان درة الشرق، بيروت زهرة المدائن ومعرض الحضارات.
كل هذه المبادئ والقيم والشعارات المتعالية فوق كل اعتبار معلقة بأحكام الأمر الواقع حتى إشعار آخر.

ثمانية أشهر من المشاورات، والمفاوضات، والمساومات على إسم من هنا وإسم من هناك، وعلى وزارة بسمنة، ووزارة بزيت، لتمرير تسوية في خرم إبرة حكومة جديدة منتظرة... ولا نتيجة سوى الثبات على المواقف، والصمود على قاعدة "مالنا لنا وحدنا... ومالكم لنا ولكم"!

والحل؟.. لا جواب واضحاً، وقد ساد مبدأ التمسك بحبل الصبر، مهما طال الانتظار...

لكن هناك حل سبق أن اعتمدته دولة خليجية، ونجح...

ما هو ذلك الحل؟..

لقد سبق لتلك الدولة ان واجهت خلافات سطحية في إدارة شؤون البلاد، لكن أولياء الأمر فيها تدخلوا لحسم الأمر قبل ان تستفحل. وكان لتلك الدولة مستشار حكيم، وعادل، وموثوق، برجاحة عقله، وصحة رأيه، وبإخلاصه للراعي والرعية، وقد دعاه الراعي الى مجلس الشورى، وطلب منه ان يقيم أمور البلاد وأوضاع الشعب، وأهل السلطة والنفوذ، وكلفه أن يحكم برأيه، وبحكمته، وعدله، بين الدولة وأهلها.

وكما لو أنه استمع الى شكوى بسيطة لا تحتاج الى طول تفكير، وهو العالم بأمور الحكم والناس، قال المستشار الحكيم لراعي الدولة والشعب: "الأمر بسيط يا سيدي... وسّعوا المنسف.."!
وإذ ساد الصمت، كان المرجع الراعي قد استوعب رأي المستشار الحكيم، فختم المجلس على نية توسيع أبواب الرزق لعموم الناس في البلاد.
يعرف اللبنانيون، وسائر العرب، "المنسف"..

إنه القدر الكبير الواسع الذي يلتف حوله أفراد العائلة والضيوف، هو رمز النعمة، والخير، والكرم، والبركة. وكلما ازداد وسعه، ازداد محتواه من الزاد، وإزداد عدد الملتفين حوله، براحة ويسر، أما إذا كان المنسف صغيراً نسبياً، وكان العدد حوله كثيراً، فلا بد من جهد لينال كل منهم نصيبه، ولا بد أن تكون الحصة الأكبر من نصيب صاحب اليد الطويلة!
مشكلة اللبنانين أن "منسف" دولتهم صغير نسبياً، والملتفون حوله عددهم كبير جداً..

الولايات المتحدة الأميركية تبلغ مساحتها نحو عشرة ملايين كيلومتر مربع، وعدد السكان أكثر من ثلاث مئة مليون نسمة، وحكومتها لا تزيد عن ثمانية عشر وزيراً، ولبنان بمساحته (عشرة آلاف كيلومتر مربع) ونحو خمسة ملايين نسمة، لا يستقيم التشريع والحكم فيه إلا بوجود 128 نائباً و28 وزيراً، على الأقل، كما أن "منسفه" صغير، وعدد الملتفين حوله كثير، والزاد قليل...

ويا لبؤس من يده قصيرة!