Advertise here

في الذكرى الثامنة لتفجير المسجدَين: "دولة التمييز" مصيرها الزوال

23 آب 2021 08:10:18

تحلّ اليوم الذكرى الثامنة على تفجير مسجدي التقوى والسلام في مدينة طرابلس، تلك الجريمة التي حفرت عميقاً في وجدان الطرابلسيين والشماليين ولا يمكن نسيانها مع توالي السنين.

فكيف تُنسى جريمة استهدفت مصلّين يؤدّون فريضة الجمعة في مسجدين طرابلسيين، وراح ضحيتها أكثر من 50 شهيداً ومئات الجرحى، على أيدي أعداء لبنان وأعداء مدينة طرابلس، الذين وصل حقدهم على المدينة وأهلها إلى مكان لا يمكن أن يتخيله العقل البشري؟ تحلّ الذكرى الثامنة للتفجيرين اليوم ومدينة طرابلس التي لم تثأر لدماء شهدائها بعد من خلال الإقتصاص من المجرمين بحق أهلها ومساجدها ومؤمنيها بالقانون، لا بل تعاقب باستمرار بالسياسة والإنماء والحقوق. ها هي طرابلس اليوم تغرق بالأزمات الحياتية والإجتماعية والمواطن الطرابلسي لا يجد أبسط الحقوق واللوازم الحياتية من مازوت وغاز وبنزين وكهرباء، وكأنه كُتب على هذه المدينة وأهلها أن تعيش ظلم الدولة والمآسي والأحزان، في جلجلة آلام طويلة، لا تُعرف كيف تنتهي.

ثماني سنوات مرت على جريمة المسجدين، ولا يزال الفاعل من دون عقاب، والقضاء لم يأخذ للمظلومين حقهم، ثم جاءت جريمة تفجير مرفأ بيروت في آب أيضاً بعد 7 سنوات على جريمة المسجدين الطرابلسيين، وبعد سنة على جريمة المرفأ، انضمت هي الأخرى إلى لائحة الجرائم التي تطال الأبرياء من اللبنانيين والدولة المسؤولة عن إظهار الحق وإحقاق العدالة، هي نفسها تحاول تجهيل الفاعل وتمييع القضية.

ويقول إمام وخطيب مسجد التقوى في طرابلس (أحد المسجدين اللذين تعرّضا للتفجير) الشيخ سالم الرافعي لـ"نداء الوطن" إن "القاتل يرتدع عندما يرى أن هناك قصاصاً فلا يعود يفكر بالجريمة لا هو ولا غيره. هذا منطق الحياة، أما عندما يرى القاتل أنه يُترك أو يخلى سبيله بعد شهر وهو مجرم، فهذا يعطيه دافعاً للجريمة، لأن منطق العقاب ليس موجوداً في البلد".

ويضيف الرافعي: "عندما تم تفجير المسجدين عُرف أنه النظام السوري وأعوانه هو من كان وراء تلك الجريمة، ومع ذلك فالدولة اللبنانية تساهلت في الأمر ولم تأخذ حقنا وحق الأبرياء في طرابلس، فبقي منطق القتل والإرهاب في لبنان وآخره تفجير مرفأ بيروت، من نفس المنظومة التي فجّرت المسجدين".

ويشدد الرافعي على القول: "نعم هناك مخطط لعدم إنماء طرابلس ومرافقها ومشاريعها، وكله لتبقى هذه المدينة التي تشكّل الأغلبية السنّية بلا تطوير، وهذا التمييز من الدولة وهذا الحقد على طرابلس، لم تدفع ثمنه طرابلس وحدها في النهاية، إنما كل البلد يدفع الثمن اليوم من خلال الإنهيار الحاصل، لأنه لم يكن هناك عدل في التعامل مع جميع المناطق على حدّ سواء، والظلم عواقبه وخيمة ومصيره إلى الزوال". ولمناسبة ذكرى تفجير مسجدَي السلام والتقوى من المقرر أن يُعقد ظهر اليوم في قاعة مسجد السلام - طرابلس، مؤتمر صحافي يشارك فيه اللواء أشرف ريفي، إمام وخطيب مسجد التقوى الشيخ سالم الرافعي وإمام وخطيب مسجد السلام الشيخ بلال بارودي.

وعن الرسالة التي سيتم توجيهها من خلال المؤتمر يقول الشيخ سالم الرافعي: "رسالتي هي التأكيد على أن بناء البلد لا يكون إلا على أساس العدل. البلد لا يبُنى على أساس أن القاتل منا يعاقب والقاتل من غيرنا يجهّل؟ الدولة العادلة هي مطلب طرابلس ومطلب كل لبناني شريف، الدولة التي تقتص من المجرم كائناً من كان وتعطي الحق لصاحبه مهما كان، أما الدولة الظالمة فمصيرها إلى الزوال".

بعد ثماني سنوات على تفجير المسجدين؛ لا تزال مدينة طرابلس تنتظر أن يقتصّ من الفاعل، ومن هنا إلى وقت يصبح فيه لكل جريمة في لبنان عقاب، فإن أرواح الشهداء في رقبة الدولة والقضاء اللبناني، الذي لم يحقّ الحق ولم ينتصر للمظلوم في بلده.