ندوة للتقدمي بعنوان "أسباب الأزمة الإقتصادية الراهنة والحلول المقترحة من الحزب التقدمي الإشتراكي"
16 آب 2021
08:53
آخر تحديث:16 آب 202109:22
Article Content
أكد عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الإشتراكي المهندس محمد بصبوص "إن النموذج الإقتصادي الموجود منذ تاريخ تأسيس الكيان اللبناني وحتى يومنا هذا، هو نموذج ربعي، إستهلاكي، بعيد كل البعد عن الإنتاج وقد مر بخضات عديدة خلال السنوات الماضية، ولكن وللأسف فإن طريقة المعالجة كانت تتم بشكل خاطئ. فمنذ 15عاما، كانت الحكومات المتعاقبة تركب موازانات، تتراوح قيمة العجز في كل منها بين 5 و 7 مليارات دولار، إلى جانب عجز في. الميزان التجاري يقدر بـ 17 مليار دولار كمعدل وسطي في كل سنة، ناهيك عن العجز الدائم والسنوي في مؤسسة كهرباء لبنان والذي يقدر تقريبا ما بين 1,5 و 2 مليار دولارا سنويا، وبهذا تجد الحكومات اللبنانية المتعاقبة نفسها، في مطلع كل سنة أمام عجز تبلغ قيمته حوالي 25 مليار دولار.".
وأعقب "وبدل الذهاب باتجاه المعالجة الجذرية لهذه الأسباب، كانت الحكومات اللبنانية المتعاقبة تلجأ إلى التدفقات المالية من الخارج والعائدة من المؤتمرات الدولية التي كانت تعقد لدعم لبنان، مثلا، مؤتمر باريس 1، 2 ، و 3، وبالرغم من أن هذه المساعدات المالية التي كانت تقدم للبنان كانت مشروطة بإنجاز الإصلاحات، إلا أنه وللأسف لم يتم تطبيق ولا اي حد أدنى من تلك الإصلاحات".
كلام بصبوص، جاء خلال ندوة بعنوان "أسباب الأزمة الإقتصادية الراهنة، والحلول المقترحة من الحزب التقدمي الإشتراكي"، والتي نظمها فرع الحزب في عترين، في وكالة داخلية الشوف، وحضرها وكيل الداخلية د. عمر غنام، معتمد الشوف الغربي المهندس نزار ابو حمدان، مسؤولة هيئة منطقة الشوف في الإتحاد النسائي التقدمي رائدة البعيني سري الدين، رئيس بلدية عترين العميد المتقاعد غانم حسن وأعضاء المجلس البلدي، مختار البلدة زهير سري الدين، مدير فرع "التقدمي" في عترين رامي سري الدين وأعضاء هيئة الفرع، مدير فرع عينبال رفعت أبو زكي، مسؤولتا فرعي "النسائي" في عترين وعينبال مهى سري الدين وسالي عبد الباقي وجمع من الأهالي.
وتابع "تعتبر سنة 2010 سنة مفصلية حيث بدأ العجز يظهر في ميزان المدفوعات، وتفاقم أكثر وصولا إلى تاريخ اليوم وذلك بسبب النظام الإقتصادي الذي لا يمت إلى تشجيع الإنتاج بأية صلة، بل على العكس كان يشجع أكثر واكثر على الاستيراد و الإستهلاك".
وتطرق إلى البرنامج المرحلي للحركة الوطنية اللبنانية، والذي ركز فيه المعلم الشهيد كمال جنبلاط على الشق الإقتصادي، إذ كان يأمل أنه ومن خلال تطبيق الإصلاحات الإقتصادية قد نصل إلى إصلاح النظام السياسي، وتحرير القرار السياسي في لبنان من هيمنة وتحكم التجار، وكبار المستوردين والمحتكرين. غير أن هذا الأمر لم يتم، بل أدى إلى محاربة المعلم كمال جنبلاط حتى تاريخ إستشهاده.
واضاف "لقد رفع المعلم كمال جنبلاط الشعار السياسي "العدالة الإجتماعية"، لأن هذا النظام الإقتصادي كان يسعى بشكل منتظم إلى إثراء الأثرياء على حساب زيادة الفقراء فقرا، معددا بعضا من العناوين الأساسية التي ركز عليها المعلم الشهيد في البرنامج المرحلي، منها موضوع إصلاح النظام الضريبي فقد كان أول من طرح الضريبة التصاعدية، الضمان الإجتماعي بهدف حماية أصحاب الدخل المحدود، تحفيز القطاعات الإنتاجية، وضع سياسة دوائية عصرية ومستدامة من خلال انشاء مكتب الدواء و المختبر المركزي، ضرورة فرض ضريبة على العقارات الزراعية الغير مستثمرة، وغيرها من العناوين.
وقال المهندس بصبوص "عندما كان المعلم كمال جنبلاط وزير إقتصاد في حكومة رياض الصلح، وكان آنذاك أزمة تتمثل في غلاء أسعار مادة الطحين والتي إنعكست على غلاء الخبز، فقرر المعلم في إحدى جلسات مجلس الوزراء، زيادة دعم الطحين كي لا تتأثر الطبقة الفقيرة والمتوسطة من هذا الغلاء، فأجابه رئيس الحكومة رياض الصلح "لقد كبدت الخزينة 16 مليون ليرة خسارة"، فقال المعلم عندها "هذا المبلغ لا يساوي في نظري كلمة "آخ" يطلقها جائع".
وأردف "النائب فريد حبران، الذي كان نائبا عن الحزب التقدمي الإشتراكي، والذي حمل منذ ستينيات القرن الماضي لواء كسر الإحتكارات، وتحديدا كسر إحتكار كارتل الأدوية، الذي نعاني منه اليوم، دخل إلى مجلس النواب ثلاث مرات بمشاريع قوانين إصلاحية غير أن الطبقة الحاكمة والمتحكمة بالمجلس النيابي آنذاك، والتي كانت تخضع لسيطرة كارتل الدواء، حجبت النصاب عن الجلسة ثلاث مرات، واسقطت الإقتراح المقدم من قبل النائب فريد جبران. وفي العام 1965 وضع وزير الإقتصاد عباس خلف، وهو أحد وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي، مشروع قانون لكسر الإحتكارات ومنع وجود وكالات حصرية لإستيراد السلع من الخارج.، غير أن مجلس الوزراء إشترط أن تبقى الوكالات الحصرية معنية بإستيراد الكماليات، معتبرا أن الأدوية تقع ضمن خانة الكماليات. فرفع مجلس الوزراء الإحتكار عن السلع الضرورية كالمواد الغذائية ومواد التنظيف وغيرها، وبقيت الأدوية تخضع لإحتكار الوكالات الحصرية، متسائلا "أي دولة في العالم تعتبر الأدوية من الكماليات ؟"
واوضح في مقارنة سريعة بين ما يستورده لبنان من ادوية، وما تستورده بعض الدول المجاورة، أن الفاتورة الدوائية السنوية للمواطن اللبناني تقدر ب 258 دولار، في حين تبلغ في الاردن 53 دولارا فقط، وهذا بسبب الإحتكار ااذي تمارسه الوكالات الحصرية المعنية بإستيراد الأدوية.
وتطرق إلى موضوع الكهرباء لافتا إلى أن الإصلاحات التي طالب بها المجتمع الدولي، والتي كان يجب أن تترافق مع الأموال الممنوحة إلى لبنان، لم يطبق منها شيء، وأن نصف قيمة الدين العام هو لتغطية عجز مؤسسة كهرباء لبنان، مشيرا إلى أن إحدى المشاكل الأساسية التي يتخبط بها قطاع الكهرباء، تحديدا منذ العام 2002 حتى اليوم، هي عدم تطبيق بعض القوانين التي من شأنها تنظيم هذا القطاع، كالقانون رقم 462 الصادر عام 2002، بالإضافة إلى الهدر التقني، والغير تقني والذي يقدر ب 50% من كمية الإنتاج الكهربائى..
وفي موضوع السلة الغذائية والتي تضم 330 سلعة مدعومة قال بصبوص " لم يستفد المواطن اللبناني العادي، الفقير، والمتوسط الحال سوى بنسبة 10% إلى 15%، لأن السلع التي دعمت لا تمت لاستهلاك هذه الطبقة بصلة اما السلع الاساسية فقد تركت مخزنة في المستودعات والمخازن،. لحين إنتهاء الدعم. أما في ما خص المحروقات، فقد زادت الكمية المستورة من المازوت والبنزين هذا العام، وبعد إقرار الدعم، بنسبة 150% عن العام الماضي، وبدل أن يستفيد منها الشعب اللبناني، نجدها تخزن أو تهرب خارج الحدود اللبنانية، ويقف اللبناني بالساعات في الطوابير أمام محطات الوقود.
ولفت بصبوص إلى" أن الحزب التقدمي الإشتراكي وكتلة اللقاء الديمقراطي نبها، ومنذ أكثر من سنة، إلى أن آلية الدعم المعتمدة غير صحيحة، لأنها تساهم بشكل غير مباشر في عمليتي التخزين والتهريب، لذلك طرح "التقدمي" آلية مختلفة تماما، وهي البطاقة التمويلية، تعطى لذوي الدخل المحدود، الذين أصبحوا يشكلون اليوم حوالي 60% من الشعب اللبناني، وذلك من خلال الإدارات اللبنانية المعنية، كوزارة الشؤون الإجتماعية، وضمن معايير البنك الدولي. كما قدم ورقة إصلاحات ومقترحات إقتصادية ومالية عدة، فيما لو اعتُمدت لجنِّبت الاقتصاد اللبناني الإنهيار الكبير الذي يشهده اليوم، ومكنتنا من الخروج من هذه المحن"، مؤكدا أن وزراء الحزب، الذين إستلموا وزارات كانوا من أصحاب الأيادي البيضاء فيها، وتحسب لهم العديد من الإنجازات في وزاراتهم".
مدير الفرع
بعد ترحيب بالحاضرين وتقديم من فهيمة حمزة حسن تحدث مدير فرع الحزب في عترين رامي سري الدين قائلا: "ليس غريباً على الحزب التقدمي الإشتراكي، ومنذ نشأته، أن يكونَ في طليعة رواد الإصلاح الإستباقي، بما يتوافر له من إمكانيات، لمعالجة الأزمات على أنواعها، قبل تفاقمها، في وطنٍ جعلت منه الظروف أن يكون عرضةً دائمة للأزماتِ المتلاحقة، الكثيرة العقد والقليلة الحلول".
وتابع "سبق للمُعلِم الشهيد كمال جنبلاط، وفي محطات تاريخية كثيرة، أن إستفاض بدراسة وتشخيص الواقع الإقتصادي في لبنان، مقدماً له الحلول. فلقد أشار مثلاً، في إحدى محاضراته في العام 1964 إلى ضرورة إنشاء التعاونيات الزراعية، وتوزيع أملاك البور ووضع حد أعلى للملكية الكبيرة، وإشراك العمال في أرباح المعمل، كما أكد على دور الزراعة والصناعة في الإنماء، كون الإنماء يرتبط بالإنتاج".
وذكر بمواقف رئيس الحزب وليد جنبلاط، إذ تساءل في العام 2003، "كيف نُعيد للإقتصاد كرامته عبر حماية الدولة له؟." و" كيف نُعطي المواطن اللبناني دوراً إنتاجياً حقيقيا ؟". وهو الذي نبّه مراراً إلى "ضرورة معالجة الوضع الإقتصادي قبل تفاقمه،" لافتا إلى "أن الإقتصاد اللبناني على باب الانهيار"، ومردداً في العام 2020 أن "هناك ثورة جياع قادمة، والسؤال كيف سنواجه ؟".
د. سري الدين
وكانت مداخلة للدكتور نزار سري الدين شرح فيها جوهر الأزمة الإقتصادية في لبنان بدءا من "نظام يعاني من خلل بُنيوي، ما حال دون صنع سياسات عقلانية، محفِّزاً لانتشار ثقافة الفساد والهدر في مجمل قطاعات ومرافق الدولة، وفي مقدّمتها قطاع الكهرباء والمياه، وأدى إلى عدم بناء الدولة على قواعد علمية حديثة، وكانت نتيجته زيادة كبيرة على المديونية العامَّة تخطت 42 مليار دولار.
واوضح أن حدة الخلافات الداخلية ساهمت في تعقيد الأزمة بشكل أكبر في ظل إصرار بعض الأطراف التمسك بمطالبهم غير آبهين لخطورة المرحلة، مشيرا إلى أن رئيس الحزب وليد جنبلاط كان يرى، ومنذ اندلاع التظاهرات في 17 تشرين الأول، أن لبنان يتجه نحو مرحلة قاسية مشددا على أن المطلوب اتخاذ كافة التدابير والقيام بكل الجهود، بما يتوافر للحفاظ على إمكانات الصمود المعيشي في ظل الوضع الراهن.
ورأى د. سري الدين أنه إزاء هذا الواقع الإقتصادي المتردي كان لا بدَّ من أن تقع الدولة في أزمات متعددة: أزمة في القطاع المصرفي، أزمة كبيرة في المالية العامة، بعد أن بدأت إيرادات الدولة بالانهيار تحت وطأة الركود الإقتصادي والأزمة المصرفية، وأزمة في ميزان المدفوعات ستدفع بالبلاد نحو انفجارٍ إجتماعي لا تحمد عقباه.
وتساءل هل باستطاعة لبنان الخروج من الأزمة الذي وقع فيها؟ وهل ما زالت الفرص متاحة لتلقف الحلول قبل الدخول في المحظور؟ لافتا إلى أن الحلول ما زالت متاحةٌ، إذا استدرك المسؤولون خطورة المرحلة وذهبوا بسرعة نحو تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على إقرار الإصلاحات المطلوبة للدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي تهدف إلى التخفيف من حدّة الأزمة في ظل تلك الظروف الاقتصادية المتهاوية.
في ختام الندوة فتح باب النقاش أمام الحاضرين.
إعلان