Advertise here

13 آب في ذاكرة التاريخ المشرف

13 آب 2021 08:05:00 - آخر تحديث: 13 آب 2021 09:55:08

كم كان للنضال الوطني معانٍ سامية، كم كان لتضحيات المناضلين من الجرحى ومن الشهداء الأثر الكبير  في نقطة تحول مسار الأحداث، أولئك الشهداء الذين قضوا دفاعاً عن حلم وطن ضائع، الذين استشهدوا تحت رايات الثورة والحفاظ على الأرض والعرض. 

إنه الثالث عشر من آب ذكرى شهداء الحزب التقدمي الإشتراكي، هذا الحزب الذي كتب مسيرته كبار من صفوفه بينهم أولئك الشهداء على مدار أكثر من نصف قرن من النضال، وكانت اللحظة التاريخية في معركة 13 آب 1989، تلك المعركة التي أدخلت لبنان في السلم الأهلي عبر إتفاق الطائف، تلك المعركة التي اندلعت بقرار داخلي مستقل إتخذه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط دون التنسيق مع أحد من أجل كسر الخطوط الحمر، تلك الخطوط التي قسّمت لبنان وشرذمته، فجاء بقراره هذا وخاض المعركة الكبيرة وتداعت العواصم الكبرى من أجل وقف المعركة وإنهاء الحرب وعقد مؤتمر الطائف، هذا المؤتمر الذي أنهى الحرب.

ليست مصادفة أن تكون ذكرى شهداء الحزب التقدمي الإشتراكي مترافقة مع ذكرى معركة سوق الغرب الشهيرة، وهنا لا نستذكر المعركة من أجل نكء الجراح، فصفحات الحرب طويت إلى غير رجعة، بل من أجل التوقف عند من اتخذ القرار بمعركة أدت لدخول لبنان في السلم الأهلي، من أجل التوقف عند من كان رأس الحربة في الحفاظ على موقع لبنان ودوره في المنطقة، ومن أجل التوقف عند التعاطي مع شريحة من شرائح الشعب اللبناني لم تكن مذهبية وليس لها مشروعها السياسي، ولكن يتم محاصرتها في زمن السلم، ويتم تقييدها وإبعادها عن موقع القرار في لبنان وتحجيمها مذهبيا.

إن من قام بتلك المعركة وقدّم الشهداء لإنجاز إتفاق الطائف لا يحظر عليه وزارات سيادية، ولا يمنع من المشاركة في وضع قانون انتخابي عصري، ولا يستبعد عن القرارات المصيرية في البلد.

أما في ما خص الشهداء في ذكراهم، صحيح أن رياح التغيير لم تكن بما إشتهت سفن نضالاتكم وتضحياتكم، صحيح أن تعاليم وتطلعات المعلم الشهيد كمال جنبلاط لم تبصر النور في بلد تتناهشه المصالح الفردية والغايات المالية والصراعات المذهبية، صحيح أن الصمود العسكري والحفاظ على الأرض وعلى الخط العروبي لم يترجم لمكاسب سياسية، صحيح أن الأيام العصيبة التي نعيشها لا تحمل جزءا من قيمة نضال الجرحى والشهداء، لكن المسيرة التي خضتموها كانت في محلها، ومبادئكم وأهداف نضالكم كانت صائبة والمسيرة كانت تستحق العناء.

وفي نظام متخلف كالنظام اللبناني لا مجال لتحسين للمقارنة بين الواقع ونضالاتكم ونضالات الحزب، ولا مجال للتغيير في ظل أطراف تتغذى من هذا النظام البائد، ولا مجال لبناء دولة في ظل وجود أطراف تعيش على أنقاض الوطن من أجل الوصول إلى أهداف ذاتية وأنانية.

إن الشعب الذي قدم أبنائه جرحى وشهداء في مسيرة نضال طويلة في صفوف الحزب التقدمي الإشتراكي سيبقى داعما ومساندا للخطوات التغييرية والإنقاذية والتي تؤدي إلى ثورة حقيقية تنسف بنية النظام اللبناني الفاسد من جوهره، وما خطوات الحزب التقدمي الإشتراكي بالخروج من صفقات المحاصة في الإنتخابات النقابية إلا واحدة من هذه الخطوات التي تثبّته حاضنا لهموم الناس ومطمئنا لمستقبل أبنائهم، خارج سياق منظومة سياسية أنهكت لبنان وأفرغت الدولة من هيكليتها ومؤسساتها.

*رئيس جمعية كمال جنبلاط الفكرية