ميقاتي انتقل إلى ضفة الإعتذار.. وعين العهد على أمر آخر!

11 آب 2021 07:50:33

لا مؤشرات حكومية إيجابية. فعلياً، دخلت تسمية نجيب ميقاتي نفق المراوحة القاتلة التي قد تحوّل تجربته إلى نسخة منقّحة عن تجربة سعد الحريري، ولو أنّه استبق هذا المشهد من خلال تأكيده أنّ مهمته لن تكون مطلقة زمنياً... بشكل أوحى بأنّ بيان اعتذاره جاهز سلفاً. ولذا فإنّ الكلام عن مناخ طيّب يلفّ مشاورات التأليف، لا يمتّ للواقع بصلة. ما يحصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف لا يزال بعيداً كل البعد عن أي تفاهم حكومي. ومع ذلك، لا يبدي الأخير استسلامه ويصرّ على أنّ فرصته لم تنته بعد. ولكن، يكفي أنّ الفريق العوني لا يهضم فكرة أن يكون ميقاتي على رأس حكومة يريدها "غير تلك التي سبقوها"، لكي يفسد للود قضية. يشير المعنيون إلى أنّ هذا الفريق لم يبلع تسمية القطب الطرابلسي رئيساً للحكومة ولا يزال حتى اللحظة غير متقبّل لهذه الفكرة وغير مستعد للتعاون، حتى لو أبدى العكس. يضيفون أنّ رمي كرة التعطيل في ملعب وزارة الداخلية ليس إلا بداية مسار صعب محفوف برزمة ألغام، تبدأ بحقيبة الداخلية ولن تنتهي بعدد وزراء رئيس الجمهورية وستمرّ بطبيعة الحال بمصير الوزيرين المسيحيين اللذين رفض رئيس الجمهورية تجيير تسميتهما للحريري، وهو سيرفض حكماً منحهما لميقاتي.

وفق هؤلاء، انتقل ميقاتي إلى ضفّة الاعتذار، ولو أنّ الجميع يخشون هذه الخطوة نظراً لما ستتركه من تداعيات كارثية على الوضع النقدي بفعل تحليق سعر الدولار الملتهب أصلاً على وقع الأحداث السياسية. ولذا يحاول الفريقان، أي رئاسة الجمهوية ورئيس الحكومة المكلف كسب المزيد من الوقت من خلال توسيع دائرة النقاش، ولو أنّها لم تصل أبداً العمق المطلوب لاخراج الحكومة من نفق التعطيل.

حتى الآن، لا إجابات واضحة عن السيناريوات المحتملة في حال بقيت الأمور على ما هي عليه من المراوحة. ثمة من يجزم أنّ الرئيس عون سينهي عهده مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب خصوصاً وأن الخيارات البديلة التي يطرحها لخلافة ميقاتي، بعد اعتذاره، لا تلقى قبول أو تأييد الثنائي الشيعي، وكأنها خيارات مستحيلة، لا تستهدف أصلاً قيام حكومة قادرة على وقف الانهيار. وقد سبق للفريق العوني أن حاول الترويج لها لدى حلفائه لكنها لم تلق الا الرفض. كلّ ما يتلمّسه المعنيون هو اصرار رئيس الجمهورية على تثبيت أعراف جديدة قد تضع اتفاق الطائف برمته على المحك. بالأساس، لم يعد الكلام عن تعديل النظام أو تغييره، من المحرمات التي لا يجوز الغوص بها. في الاطلالة الاعلامية الأخيرة لرئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل احتل الحديث عن تعديل النظام جانباً واسعاً من حديثه وكأن كلّ تركيز هذا الفريق صار على مرحلة ما بعد "الطائف".

ثمة من يقول إنّ الفريق العوني يحاول استعجال حركة عقارب الساعة ذلك لأنّ النفضة السياسية وتعديل النظام باتا أمراً محتوماً سيحصلان عاجلاً أم آجلاً، وجل ما يقوم به هذا الفريق هو كسر القواعد ووضع النظام برمته بنداً طارئاً على جدول أعمال الدول المعنية. والأرجح أنّ هذا التطور قد لا يحصل اذا لم تدخل البلاد في دوامة الاقفال السياسي الشامل، الذي قد يطيح بكل المؤسسات.

بناء عليه، يصير احتمال تأليف حكومة تكتفي بإجراء الانتخابات النيابية، ضئيلاً اذا لم نقل صعباً جداً. والأرجح أنّ مصير الانتخابات النيابية قد يصير في مهبّ الريح لأنّ اجراءها وفق الأجندة الدولية حيث ترغب الدول المعنية بالملف اللبناني بالانقلاب على المنظومة السياسية من خلال صناديق الاقتراع، قد لا يتناسب مع الراغبين في اجراء نفضة شاملة للدستور الذي كرسه اتفاق الطائف. ولذا ثمة من يتخوف من تطيير الانتخابات وفتح باب أمام فوضى دستورية، يراد منها وضع كل النظام على طاولة البحث الجدي. ولذا، الأرجح، لا مكان للحلول الترقيعية...