Advertise here

متى عودة غزة إلى حضن الأم؟

05 نيسان 2019 10:25:00 - آخر تحديث: 05 نيسان 2019 12:49:45

هل الفلسطينيون، قيادات وكادرات، ومنظمات، وفصائل، وسفراء، منتشرين في "أرض الميعاد" وفي كل أقطار العالم، يتابعون في هذه الأيام نوبات الردح، والذم التي يتبارى بها أقطاب وخطباء، وكتّاب، في معركة تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة؟

لربما يبادر أحد المشاركين في هذه "المباراة" إلى الإيضاح، على سبيل التنصل من هذه الفوضى التي نشأت أخيراً مع إستقالة حكومة "الحمدالله" وتكليف محمد أشتية تشكيل حكومة جديدة. لكن العيار على كفتي الجبهتين زاد عن المعدل المقبول بدرجات عالية.

ويمكن لاحد الفريقين، "فتح" و "حماس"، أن يعلن البراءة، أو العذر، عما صدر، ويصدر، من كلام مكتوب، أو "مخطوب" بحق أحد، لكن لا ينسى أحد أن "فلسطين العربية الحرة المستقلة" التي تنمو وتكبر في رحم الضمير العالمي، قد بلغت عقدها السابع، ولا بد من "إنفجار" يخرجها إلى عالم النور، فتنطلق إلى الحياة بفتوتها، مندفعة بذخيرة أرواح الملايين من شهدائها، فلسطينيين، وعرباً، ومناصرين من كل جنسيات شعوب العالم، ومن كل الأديان، والمذاهب السياسية، والقومية، والاخلاقية.

يبدو الرئيس المكلف محمد أشتية متفائلاً بقرب موعد اعلان حكومته الجديدة المرتقبة، ولا بد أنه راجع ويراجع، بعض ملفات الحكومات الفلسطينية السابقة، وهي عديدة، وإضباراتها في الارشيف الفلسطيني محفوظة، منذ الحكومة الأولى التي نشأت في كنف ورعاية أب الثورة الفلسطينية المغفور له ياسر عرفات.

ليست معروفة بعد، الخطط والمشاريع التي يتطلع إليها الرئيس المكلف لجعلها قاعدة حكومته ومنطلقها على إسم منظمة التحرير الفلسطينية، لكن الرئيس محمود عباس كتب البنود والمشاريع الأساسية التي يتطلع إليها الشعب الفلسطيني في الوطن وفي أقطار الشتات، وأولها: إستعادة الوحدة الوطنية. وهذه هي القاعدة الأساس التي يقوم عليها الكيان الفلسطيني، كما أي دولة، وشعب، ونظام.

اما البند الثاني في مهمة الحكومة المنتظرة فهو إعادة قطاع غزة إلى حضن الشرعية الفلسطينية الوطنية، تمهيداً لاجراء إنتخابات إشتراعية، وترسيخ "الديموقراطية والتعددية السياسية"... وكم هو سهل تدبيج مقاطع من هذا المستوى في الخطب والبيانات، فهي من مستلزمات الحكم والمعارضة معاً. لكن للرئيس الفلسطيني محمود عباس ذاكرة تحفظ، وتسامح، لكي يبقى الامل مرجحاً في المسيرة الشاقة لحكومة "الوحدة الوطنية" التي كانت تجمع الضفة والقطاع في جبهة المواجهة مع العدو الاسرائيلي، ومن دون عودة القطاع إلى حضن منظمة التحرير لا نصر، حتى ولا أمل، بالوصول إلى فلسطين المكتوبة والمرسومة في الخريطة التي يعود تاريخها إلى الحرب الأولى مع العدو الإسرائيلي في العام 1949.

لم يعد الذهاب إلى "السلام الممكن والعادل" مع إسرائيل خيانة، كما كان قبل حرب 1967... لكن ألا يمكن التوصل إلى "توافق وطني" بين "الضفة" و "القطاع" على أرض فلسطين؟

أقل الممكن، وأضعف الإيمان، أن يعود "القطاع" إلى السلطة الوطنية المركزية في رام الله... وهذه المهمة أوكلها الرئيس محمود عباس إلى رئيس الحكومة المكلف محمد أشتية، وجاءت هذه المبادرة بعد قرار المحكمة الدستورية الفلسطينية في كانون الأول الماضي بحل المجلس التشريعي الذي كانت منظمة "حماس" تسيطر على غالبية مقاعده، وذلك تمهيداً لإجراء انتخابات تشريعية خلال الأشهر الستة القادمة، لكن "حماس" رفضت تكليف محمد أشتية تشكيل حكومة جديدة تستعيد الوحدة الوطنية، كما رفضت العودة إلى حضن المنظمة الأم.

أمام هذه المواقف السلبية التي جاءت من "حماس" رداً على مبادرة منظمة "فتح" والرئاسة الفلسطينية لاستعادة مرحلة "الوحدة الوطنية" قبل العام 2007، تحول إهتمام الرئيس عباس والرئيس المكلف نحو تشكيل حكومة تمثل المجتمع المدني والنقابات العمالية والمهن الحرة، مع الاستمرار بالتزام ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية الام.

وفي الإنتظار لن تتأخر إطلالة الحكومة الجديدة بمشاركة فصائل فلسطينية ضامنة للصمود في مواجهة التحديات الإسرائيلية، والبناء على قاعدة الشعب المقاوم.