Advertise here

كشف الحقيقة ورفع الحصانات وفضح مستقدمي النيترات وأكثر... هذا موقف جنبلاط منذ 4 آب

04 آب 2021 08:38:42 - آخر تحديث: 09 آب 2021 12:03:50

يحاول البعض الإيحاء بأن لا أمل بالوصول إلى الحقيقة في قضية انفجار مرفأ بيروت، تارةً لأسباب سياسية، وتارةً بسبب قوة قد تكون أقوى من يد القضاء ومن الدولة اللبنانية. إلّا أنّ أمل اللبنانيين لا يجب أن يضعف ولا للحظة واحدة بأن قوة الحق لا بد أن تنتصر في النهاية مهما طال الوقت.

فقدان الأمل بالوصول إلى نتيجة يعود إلى سببين: الأول، الممارسات السياسية المشبوهة، والتي تهدف من خلف الكواليس إلى تطيير التحقيقات والتهرّب من تحمّل المسؤولية؛ والثاني يكمن بالتجارب السابقة التي تم فيها تجهيل الحقيقة، وتغييب المعنيين عن المحاسبة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، سلسلة الانفجارات والاغتيالات التي شهدها لبنان منذ العام 2004، والتي بدأت مع محاولة اغتيال النائب السابق مروان حمادة، ولم تنتهِ مع اغتيال الكاتب لقمان سليم في شباط 2021.

وفي موقفٍ متقدّم منذ اللحظة الأولى للإنفجار، كان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي سباقاً بالإعلان صراحةً عن ضرورة محاسبة كل من يثبت تورطه في شحنة النيترات، مؤكداً في كل مناسبة أن لا حصانة فوق أحد مهما علا شأنه، داعياً إلى استدعاء كل المسؤولين إلى التحقيق بدءاً من رأس الهرم حتى آخر موظف، في موقف سبق بعض المواقف المتأخرة التي صدرت من هنا أو هناك.

فالحقيقة لا بُد أن تُكشف، ولو لم يكن عن طريق القضاء. فالتحقيقات الاستقصائية الصحافية لعبت دوراً كبيراً في كشف جزءٍ من قصّة شحنة نيترات الأمونيوم. فقد توصّل عدد من التحقيقات الاستقصائية إلى خيوط قد تقود إلى تفاصيل مهمة في قضية انفجار مرفأ بيروت لا تقلّ أهمية عن سبب الانفجار، وهي هوية مستوردي هذه المواد، وسبب وصولها إلى لبنان.

كشفت هذه التحقيقات، التي نُشر بعضها في صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، أنّ وجهة الباخرة "روسوس" قد تكون لبنان وليس الموزمبيق. أمّا سبب استقدامها إلى بيروت، فقد يكون له علاقة برجلَي الأعمال السوريَين، مدلّل خوري (الذي تعرض لعقوبات أميركية في العام 2013، بسبب شرائه نيترات الأمونيوم لصالح النظام السوري) وجورج حصواني، المقرّبين من نظام بشار الأسد، والمرتبطَين بشركة "سافارو ليمتد" ‏التي اشترت شحنة النيترات في عام 2013، علماً أنّ عنوان "سافارو ليمتد" في لندن ‏هو أيضاً العنوان المسجل لشركة  هيسكو (Hesco) لأعمال الهندسة والبناء التي كان ‏يديرها حسواني، وكل هذه التحقيقات مُدعمة بالمستندات.

من جهتها، نقلت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية عن تحقيق للصحافي فراس حاطوم، بثّته قناة "الجديد"، معلومات حول علاقة رجال الأعمال الثلاثة، مدلّل وعماد خوري، وجورج حسواني بشحنة نيترات الأمونيوم، واحتمال شرائهم الشحنة بدلاً من الحكومة السورية، وربطت الملف بالشبهات التي دارت حول عملية بيع المواد الكيميائية في جورجيا، وتدخّل شركة "سافارو" المشبوهة.

في هذا السياق، كان الاتهام السياسي الذي أطلقه عدد من السياسيين والكتّاب والصحافيين والناشطين، وأولهم وليد جنبلاط، وبينهم الكاتب الذي تم اغتياله بظروف غامضة قبل أشهر لقمان سليم، حول علاقة النظام السوري بالنيترات.

جنبلاط أشار بوضوح إلى أن نظام الأسد قد يكون وراء استقدام شحنة نيترات الأمونيوم إلى بيروت من أجل نقلها إلى دمشق لاستخدام المواد في إطار إعداد البراميل المتفجّرة التي كان يرميها النظام المذكور على شعبه، علماً أنّ للنظام السوري تاريخ طويل لجهة استخدام البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية في سياق الحرب السورية، وفق ما وثّقت المنظمات الحقوقية والدولية. أما سليم، فقد ذكر ملكية النظام السوري للنيترات، وتغطية جهات محلية لبنانية قريبة من النظام للشحنة في المرفأ.

حاول البعض الرد على اتهامات جنبلاط بالتذرّع بأن المعارضة السورية قد تكون وراء استقدام النيترات إلى لبنان بهدف نقلها إلى سوريا لاستخدامها في الحرب، إلّا أن فشل تجربة باخرة "لطف الله 2" التي كانت تحمل السلاح لصالح فصائل المعارضة، وغياب أي غطاء سياسي للباخرة يومها يكشف زيف الاتهامات.

رغم مصداقية المصادر التي نشرت التحقيقات المذكورة آنفاً، يبقى على القضاء المسؤولية الكبرى في كشف هوية مستوردي هذه المواد، وسبب استقدامها إلى بيروت، ووجهتها الأساسية، وكافة ملابسات تخزينها في المرفأ، وصولاً إلى سبب انفجارها. جلاء الحقيقة مرتبط بكافة هذه النقاط، وإلّا كانت الحقيقة ناقصة، وبالتالي تكون عملية ممنهجة لتغييب العدالة وإفلات المعنيين من المحاسبة.