Advertise here

محاربة الفساد: شعار أم قضية؟

28 تموز 2021 15:49:22

يعرّف الفساد بأنّهُ أعمالٌ غير نزيهةٍ وذلك لتحقيق مكاسب خاصة، ومن الأمثلة: إعطاء وقبول رشاوى. غشٌ وخداع. غسيل أموال، وغيرها...

لا شكّ بأنّ الفساد منتشرٌ في كل أنحاء العالم، ولكن بنسبٍ متفاوتة، فهناك دولٌ تحاربُ الفساد لكي يبقى القانون سائراً على كل الناس دون استثناء، ولكي ينتشر العدل، والمحافظة على سمعة الدولة. أما في دولٍ أخرى فالفساد فيها مستشرٍ، ورؤساء هذه الدول غير قادرين على معالجته. وفي خطاب معظم الساسة الأولوية هي محاربة الفساد.

أمّا في لبنان فحدِّث ولا حرج. فالفساد ربّما أصبح جزءاً من حياتنا اليومية، وكثيراً ما نسمع بأنّ لبنان لا مثيل له بين الدول، فلم يُرَ مثل نظامه مقارنةً مع أي دولة أخرى. لكن يبقى السؤال، هل معظم السياسيّين هم السبب الأول في الفساد، والشعب هو المظلوم، أم أنّ الشعبَ شريكٌ في الفساد؟ نعم، هناك قسمٌ منه مظلومٌ وقسمٌ آخر ظالم. ففي تقرير لليونيسف نُشِرَ منذ فترة إشارة بأن أكثر من نصف الشعب اللبناني تحت خط الفقر، وسبب كل هذا يعود إلى  الكورونا، والفساد، وسوء إدارة في الدولة.

أما الشعب فَراضٍ عن كل ما يجري، ويقف في طوابير الذلِّ والإهانات أمام محطات الوقود. لكنّ الأمر المضحك هو أنّه عندما تلوح أزمة في الأفق، مثل رفع الدعم على أي مادة من المواد الغذائية، يتهافت الناس على المحلات التجارية، ومعظم التجّار يخزّنون المواد والأدوية المدعومة بغية زيادة ربحهم على حساب المواطن الفقير، ويدّعون بأن المواد غير متوفرة أو مقطوعة، إذاً هل هم شركاء في الفساد، أم ضحية التجار الكبار؟

لماذا لا نأخذ العبرة من دولة سنغافورة؟ ففي عام 1960 كانت دولةً تمزّقها النزاعات الأهلية، وشعبها أميٌ وفقير، وكانت تلقّب بجزيرة البعوض. أمّا بعد ستين عاماً فقد أصبحت سابع اقتصادٍ في العالم، ودولةً ينعدم فيها الفساد. أو نتعلّم من تجربة ولي العهد في السعودية، الأمير محمد بن سلمان، (التي جرت) في نوفمبر من عام 2017، عندما سجن معظم الفاسدين في فندق Ritz Carlton، واستعاد معظم الأموال المنهوبة.

في النهاية لا مفرّ من العدالة حتى لو طال الأمد. فأسباب الفساد كثيرة ومنها الأطماع الشخصية، إمّا لكسب الشهرة أو المال. ثانياً، انخفاض الحسّ الأخلاقي بحيث أنّ الصغير لا يحترم الكبير، و تربية معظم أبناء هذا الجيل تشبه الأيام التي نمرّ بها. وأخيراً ازدياد الجهل، وعدم وجود شجاعة لمحاربة الفساد، وربما محاربة الفساد في لبنان شبيهة بمحاولة طبيب من فئة المدخنين إعطاء النصيحة لمريضه بعدم التدخين.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".