Advertise here

ماذا عن إنعكاسات الأزمة في لبنان على النساء؟

27 تموز 2021 11:07:35

غبار الأزمة السياسية والمعيشية القاتمة تحجُب الرؤية عن حالة إنسانية في غاية الخطورة تعاني منها النساء في لبنان، وتدور في أوساطهنَّ ندبيات مدوّية تُرثي معاناتهنَّ التي تصل أحياناً الى حد الكفر بالحياة التي تحمُل مثل هذه المصاعب، ولا يقتصر الوجع من صعوبات الوضع على النساء اللبنانيات، بل يطال المرأة الفلسطينية في المخيمات المنتشرة في المناطق اللبنانية، كذلك السوريات النازحات مع عائلاتهنَّ، وهؤلاء وأولائك يتجاوز عددهنَّ المليون من المقيمات إضطرارياً في لبنان على أقل تقدير.

منتصف الشهر الجاري أطلقت منظمة " في - مايل" بالتعاون مع منظمة " بلان أنترناشيونال " حملة إعلامية واسعة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ومن خلال نشاطات إجتماعية في مختلف المناطق، هدفهت للإضاءة على المأساة التي تعيشها المرأة في لبنان، بعد أن أثبتت دراسة أجرتها شركة " ستاتيستك ليبانون " المُتخصصة؛ أن 76 بالمئة من النساء اللبنانيات غير قادرات على شراء حاجاتهنَّ الخاصة من وسائل الوقاية الطبية والفوط الصحية، وأن سعر العلبة الصغير من هذه الفوط الصحية إرتفعت من أربعة الآف ليرة لبنانية الى ما يزيد عن أربعين الف ليرة، وهو ما تعجز عن تأمينه أي فتاة من العائلات ذوي الدخل المحدود، حيث فقدت رواتبهم هؤلاء ما يزيد عن 80% من قيمتها الشرائية بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأميركي أكثر من 20 الف ليرة لبنانية، بينما كان في نهاية العام 2019 يوازي 1500 ليرة.

الجمعيات النسائية اللبنانية قامت بمجموعة من الأنشطة، وأصدرت البيانات المتعددة، لِحث المسؤولين على الإسراع في تشكيل حكومة توقف الإنهيار الحاصل، وتبدأ بإصلاح الوضع المزري الذي وصلت اليه البلاد. لكن صرخاتهنَّ لم تلقى آذاناً صاغية لدى أصحاب القرار في الدولة، وهؤلاء يتمسكون بحجج تسويفية واهية، منها الخلاف على الصلاحيات وعلى توزيع الحصص الوزارية على الطوائف والأحزاب،  برغم أن غالبية الشعب اللبناني لم تعُد تبالي بأي إعتبارات حزبية او طائفية، خصوصاً عند تشكيل الحكومة، وهمهم تأمين مقومات العيش الأساسية من ماء وكهرباء ومحروقات ودواء وطعام، ووقف إنهيار العملة الوطنية.

وتعاني النساء في لبنان من أوضاع إنسانية مأساوية، ويواجهنَّ معاناة لا توصف عندما لا يستطعنَّ تأمين الحليب لأطفالهنَّ، ولا الدواء لهم، وليس لعائلاتهنَّ القدرة على الدخول الى المستشفيات، لأن فروقات فواتير الإستشفاء أصبحت باهضة، وتسعيرة وزارة الصحة والصناديق الضامنة لا تكفي لسد حاجات المستشفيات، مما يضطرها لتدفيع المرضى مبالغ كبيرة لتغطية فرقات الأسعار، خصوصاً أن هذه المستشفيات إضطرت لتأمين كهرباء من مولداتها الخاصة بعد أن توقفت مؤسسة كهرباء لبنان عن تزويدها بالتيار.

المرأة اللبنانية التي أدهشت العالم بنجاحاتها في المجالات المختلفة، لاسيما في الإبحاث العلمية وفي المجهودات القانونية وفي الأعمال الطبية والهندسية والإدارية والفنية؛ تئنُّ تحت وطأة كارثة معيشية غير مسبوقة، وحراكها السياسي الذي يتقدم صفوف الإنتفاضة والإعتراض يواجه خشونة سياسية وأمنية كبيرة، وتساهم الأوضاع المعيشية والصحية الصعبة في تقليص حجم تأثراتها، لأن قسارة الظروف تفرض عليها عدم القدرة على التنقل كما يجب لعدم توافر مادة البنزين، كما أن العديدات منهنَّ إضطررنَ للغياب عن العمل وعن الجامعات وعن المساهمة في الحركات الإحتجاجية التي تقتصر على قطع الطرقات وحرق الدواليب هذه الأيام، وهذا ما لا تستطيع المرأة القيام به بطبيعة الحال.

ويعاني نساء لبنان من تهميش لحقهنَّ بسبب بعض القوانيين التي لا تعطي للمرأة الحق كما للرجل في إعطاء جنسية لأولادها، كما لا تساويها مع الرجل في قضايا الأحول الشخصية. والطبيعة الشرقية للمجتمع اللبناني تعطي تفاضُل للرجال في مجال تبوُّء المناصب السياسية، مما ساهم في تهميش دور المرأة في هذا المجالات، رغم أن القوانيين تساوي بين حق المرأة كما حق الرجل في تولي المناصب القيادية على إختلافها.