Advertise here

لا لقانون انتخابي وليد الطائفية السياسية

11 تموز 2021 20:12:10

كثُر هم الذين يبحثون عن قانون انتخابي جديد في هذا الزمن الصعب، زمن الطائفية والمذهبية. إلا أن احداً لم يأت بقانون انتخابي تطمئن اليه القلوب، وترتاح اليه النفوس، يتلازم، ويتناسب مع لبنان النموذج، والحرف، والألق. فبينما راح البعض يغوص في خضم التشريعات، ويقوم باجتهادات شخصية علّه يصل الى مايصبو اليه، انقاذاً للبنان من وحول الطائفية، قيامةً للبنان الحداثة، اسوة ببعض الدول المتقدمة ديمقراطياً، أخفق البعض الآخر في ايجاد قانون انتخابي فيه من المناعة، ما يجنّب لبنان نشوب توترات جديدة، قد لا تبقي ولا تذر.

أما ما يُثير العجب، فهو أن احداً من المشرِّعين، لم يستطع تبنّي قانون انتخابي، خارج إطار القانون الحالي، الذي درج عليه اللبنانيون منذ سبعين سنة ونيف، منعاً للغرق في آتون الطائفية والمذهبية، والتقدم باتجاه العلمنة، ولو خطوة واحدة.

فقولوا لنا بالله: كيف الخلاص من براثن هذه الطائفية البغيضة؟ وكيف الاتيان بقانون انتخابي ذي حلّة جديدة، يرقى بلبنان الى مصاف الدول الديمقراطية الحقَّة؟ والاكثر عجباً، فهو استمرار البعض في غيِّه وضلاله، ولا سيما لجهة رفضه القيام بالحد الادنى من الاصلاحات السياسية، والاقتصادية، رفضاً لهذا الظلم الاجتماعي عن هذا الشعب المقهور، إصلاحات، تبدأ بقانون انتخابي الآنف الذكر، فيه من العدالة ما يكفي، وفيه من الحقوق المشروعة، ما يؤمن حياة كريمة للجميع. إن ما يُثير القلق هو ان هذا البلد، سيبقى عرضة للاهتزاز، بل للانقسام، ما دام ليس ثمَّة ما يشير الى القيام بعملية إصلاح حقيقي، بدءاً بإلغاء الطائفية السياسية، وعلى مراحل، وصولاً الى إصلاح البنى الفوقية من دستور ومؤسسات...
فإذا كان هذا الظلم الاجتماعي، وليد الطائفية السياسية، فإنها ما من شك هي العامل الاكبر في إيجاد هذا التفاوت بين المناطق والطوائف.
إن معظم القوى السياسية التي تناوبت على كرسي الحكم، كانت ولا تزال اسيرة نظام طائفي، تراكمت فيه التناقضات، وازدادت فيه يوماً بعد يوم، فراح الناس يتعاقدون، ويمارسون حقوقهم المدينة بلَبْس وغموض، في وقت كان هم بعض من توالى على السلطة إرساء الطائفية السياسية منذ اللحظة الاولى على اعتلائه سدة الحكم. وعلى هذا، بقيت الطائفية روح الدستور، وبقي النهج الطائفي الهدف الاساس.

وهكذا، فاتت اللبنانيين مراحل ذهبية، كان بالامكان الاستفادة منها، ولا سيما يوم مرّ العالم العربي في حالة من الوعي القومي والوطني. ومرَّت السنون، والطائفية تنخر في العظام، كما ينخر السوس في الثمار والعماد.

فالطائفية السياسية، هي التي انتجت قانوناً انتخابياً، كاد يصدِّع المساكنة، ويزعزع العقد الاجتماعي بين اللبنانيين، بما في ذلك هذه المسحة الديمقراطية التي امتاز بها لبنان عن غيره.

وفي هذا الاطار، المطلوب تحديث القانون الحالي الى حين ايجاد قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، يصون الوطن، سيادة، وحرية، واستقلالاً، وعدالة، وتوازناً، حفاظاً على لبنان التنوع الذي اكدَّ عليه الرئيس وليد جنبلاط مراراً وتكراراً، بما يعزز الحياة السياسية، ويغلِّب المنطق الوطني  على المنطق الطائفي..

فأي قانون انتخابي، يُجافي العدالة، والتوازنات السياسية، التي يجب ان تكون في أساس قيامة لبنان، قد يعرّض الوطن ومن جديد للاهتزاز، ولا سيما وأن ليس بمقدور أحد الامساك بالقرار وحيداً. فالشراكة، هي الحل الوحيد، والحوار هو الافضل والامثل في هذا الزمن الرديء، وصولاً الى قانون انتخابي يقي هذا البلد شرّ المحن والفتن.

وفي هذا المجال، نعود فنذكر: بأن اي قانون انتخابي سيخرج الى النور، ولا يأخذ بعين الاعتبار جملة من الاصلاحات السياسية، وتطبيق ما تبقىّى من اتفاق الطائف، الذي ارتضيناه جميعاً دستوراً لنا، قد يفسد العملية الانتخابية برمتها، ويعود بنا القهقرى سنين طوالا.

في خلاصة القول: إن اي قانون انتخابي، ومهما كثُرت التسميات، لا يتضمن حسن التمثيل، الذي يعني اكثر ما يعني، حسن عملية الاقتراع، والعدالة في تقسيم الدوائر، والحد من تأثير عنصر المال، وضبط الانفاق، وتخفيض سن الاقتراع، والمساواة في الاعالم والاعلان، يُفقد الحياة السياسية وهجها، ويحرم الشعب من حقوقه السياسية والاجتماعية بما يدمِّر العيش المشترك، وبما يعود بلبنان الى عهود الصفيح..