حياة اللبنانيين بخطر، والقطاع الاستشفائي لا يصمد أكثر من شهرين

تأجيل عمليات ونقص مستلزمات وهجرة أطباء... كيف للمستشفيات أن تواجه "دلتا"؟

10 تموز 2021 17:07:36 - آخر تحديث: 10 تموز 2021 17:19:00

إلى جانب الأزمات السياسية والاجتماعية المختلفة، وفي ظل انهيار غير مسبوق لقيمة العملة اللبنانية، بات ‎القطاع الصحي في لبنان على شفير الهاوية. 

فبعدما جاء فيروس كورونا ليزيد من تفاقم الأزمة في القطاع الذي يعاني أصلاً من مشكلات اقتصادية قديمة، باتت المستشفيات اليوم ترزح تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية حيث تعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية والأدوية الضرورية لإجراء عمليات هامة لإنقاذ حياة المرضى.

‏‎الواقع الصحي في لبنان في مرحلة صعبة للغاية. ويفتقر القطاع إلى المستلزمات الطبية، والنقص يطال أبسط الأشياء، كالفراشي الطبية التي يستخدمها الأطباء للتنظيف، والخيطان الطبية المستخدمة في التقطيب أثناء العمليات، كما يطال النقص مستلزمات التخدير والإنعاش، وكشوفات فحوصات الدم المخبرية. ومن المتوقع أن ينفد مخزون المستشفيات الموجود بغضون شهرين إلى ثلاثة أشهر، حسب ما أفاد مصدر مطلع عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونية.

‏‎وفي ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية، من غير المعلوم إذا كانت ستبقى قدرة المستوردين نفسها في عملية استيراد المواد غير المدعومة وتوزيعها على المستشفيات. وكأبسط مثال، فإن ضمادات الحساسية Plasters باتت غير مدعومة. ويُذكر أن المستشفيات تقوم بدفع قيمة المستلزمات: 85% منها وفق قيمة سعر الصرف الرسمي، و15% بالدولار نقداً بالنسبة للمستلزمات المدعومة، بالإضافة إلى عدم اتخاذ مصرف لبنان قرارات مستعجلة في موضوع فتح الاعتمادات بالنسبة للمواد المدعومة.

بحسب معلومات "الأنباء"، فالمعضلة الأبرز التي تواجهها المستشفيات حالياً هي أزمة المحروقات. فالمخزون قليل، ويتخوف القطاع الصحي من الاستمرار بهذا الشكل والتوجه نحو إغلاق بعض الأقسام، والمساس بالمخزون الاستراتيجي، والذي يكون عادة لمدة أسبوع، في حين أن المولدات تعمل 22 ساعة في بعض المستشفيات. وفي حال واجهت إحدى المستشفيات أعطالاً تقنية فمن الصعب صيانة هذه الأجهزة بسبب توجّب دفع قطع الغيار على سعر صرف الدولار.

وإضافةً إلى الواقع الصعب، فإن انتشار المتحور الجديد من كورونا، "دلتا"، سيعمّق من أزمات القطاع أكثر، والمواجهة ستكون أصعب هذه المرة. وبحسب المعلومات، هناك بعض المستشفيات الخاصة جاهزة لاستقبال متحور "دلتا" بسبب استمرار أقسامها بالعمل منذ بداية جائحة كورونا، ولكن إذا كانت الأعداد هائلة كما كانت في وقتٍ سابق فلن يكون القطاع الصحي قادراً على تحمّل وطأة الأزمة. وتكمن المشكلة أيضاً بمحدودية القدرة على استيراد أجهزة التنفّس وانخفاض كميات الأوكسِجين، خصوصاً وأنّ المتحوّر الجديد ما زال مجهول الهوية إلى حدٍ ما، وكل هذه العوامل تحول دون نجاح المستشفيات في المواجهة.

أما بما يتعلق بالأزمة المالية، فقد أوضح مدير أحد المستشفيات الخاصة أنّ، "وزارة الصحة قامت بعقود مصالحة لدفع كافة المتأخرات، وأرسلتها إلى وزارة المالية، ولكن الأموال خسرت قيمتها الفعلية بالنسبة للأطباء والمستشفيات بسبب تراجع سعر الصرف".

وأكّد في اتصال مع "الأنباء" أنّ، "مؤشّر الرعاية الصحية في لبنان في انحدار حاد بسبب تدهور الوضع في لبنان بشكل عام، حيث يتم استنزاف الأعمدة الأساسية كالموارد البشرية، خصوصاً وأنّ وتيرة هجرة الأطباء قد ارتفعت بشكلٍ كبير في الشهرين الماضيين، بالإضافة إلى البنية التحتية، والمعدات اللازمة". وشدّد على أنّه، "من أجل تقديم الخدمات التي لطالما اعتاد عليها اللبنانيون، فذلك يحتاج إلى قدرات مادية، وهي قدرات غير متاحة حالياً، بالإضافة إلى استقرارٍ سياسي، وإلّا فالقطاع لا يمكنه الصمود أكثر من فترة شهرين".

 ختاماً، يشهد القطاع الصحي هجرة نخبة موظفيه من أطباء وممرضات، ما يعني خسارة قدرات بشرية فعالة، ويفتقد إلى أبرز المستلزمات المستخدمة. كل هذه العوامل تطرح سؤالاً أساسياً: هل بات انهيار الجسم الصحي بالكامل قريب؟ وهل سيتم إنتاج الحلول لتدارك الوضع؟ وأياً كانت الحلول، فيجب أن تكون سريعة لأنّ حياة اللبنانيين في خطر.