لم يكن ينقصنا سوى "دلتا" ليكتمل جهنّم لبنان، ولتُحكِم الأوضاع الصحية والاقتصادية، والاجتماعية، والمعيشية، قبضتها على رقاب اللبنانيين.
فمنذ أسبوع أعلنت وزارة الصحّة تسجيل إصابات في لبنان بالمتحوّر الهندي، "دلتا"، الذي يتميّز بسرعة انتشاره، والذي اكتسح الهند وأدّى إلى ارتفاع نسب الوفيات فيها بشكلٍ كبير، والذي ما لبث أن انتقل إلى عدد من بلدان العالم من بعدها. وبوصوله إلى لبنان دقّ ناقوس الخطر من جديد، فهل ستُعاود الإصابات الارتفاع؟ هل سنشهد موجةً جديدة من كورونا؟ هل سنعود إلى الإقفال العام؟ أسئلة تطرح نفسها، فماذا سيحصل صحيّاً و"كورونياً"؟
يؤكّد رئيس لجنة الصحّة النيابية، النائب عاصم عراجي، في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونية أنّه، "لا يمكن التحديد ما إذا كانت أعداد الإصابات بـ"دلتا" مرتفعة لأنّه ليس لدينا الفحوصات الكافية للمتحوّر، ولذلك لا يمكن أن أجزم".
من جهته، يتوقّع الأخصائي في أمراض الجهاز التنفسي، صلاح زين الدين، أن يكون العدد أكثر من المعلن خصوصاً وأنّ، "عدداً كبيراً من الأشخاص الذين تظهر عليهم العوارض لا يُجرون فحوصات PCR"، بحسب ما يقول لـ"الأنباء". ويضيف: "نتخوّف من أن نشهد موجةً جديدة من كورونا، إذ أنّ حدوثها ممكن، ولذلك يجب أن نحتاط وأملنا أن يخفّف تلقي اللقاح، ومن سبق لهم أن تعرّضوا لكورونا من حدّة هكذا موجة في حال حدوثها".
اللّقاح ضروري لحمايتنا من الفيروس، وازدياد عدد الملقحين يقي المجتمع من انتشار كبيرٍ قد يحدث مع وصول "دلتا". هنا يُشير زين الدين إلى أنّ، "المواطنين يجب أن يعودوا إلى الاحتياط جيّداً، واتّباع إجراءات الوقاية بعد أن قلّ الالتزام بها مع انخفاض الإصابات في الفترة الأخيرة، وخصوصاً لجهة ارتداء الكمامة في الأماكن العامة والمغلقة"، مشدّداً على ضرورة اتّباع هذه الإجراءات من قِبل الفئة العمرية الشبابية المعرّضة لتأثير "دلتا"، والتي لم تشملها بعد اللقاحات. من جهته أيضاً، يلفت عراجي إلى أنّ "العدد غير مهمّ بقدر أهميّة أنّ "دلتا" أصبح موجوداً في لبنان"، قائلاً "إلّا أنّه لا يزال في بدايته، ويمكن اتخاذ الاحتياطات اللّازمة لتفادي انتشاره".
هل يمكن أن نعود إلى الإقفال في حال عاودت الإصابات الارتفاع، وفي حال استمرّ عدم اكتراث مواطنين بالإجراءات؟
يُجيب زين الدين: "ممكن أن نعود إلى الإقفال العام، ولكن لا أعتقد أنّه الحلّ الأنسب لأسباب عدّة. فالبلد لم يعد يحتمل ضربة اجتماعية أخرى في الوقت الذي يمكن فيه تفادي الوصول إلى مرحلةٍ تستدعي الإقفال في حال اتخاذ إجراءاتٍ مسبقة. والقرارات لا يمكن أن تكون من جهة دون أخرى أيّ اجتماعية فقط، أو صحيّة فقط، إنّما يجب أن يكون القرار متداخلاً. ففي حال كنّا بحاجة للإبقاء على فتح المطار، هناك سلسلة من الإجراءات الواجب اتخاذها مثل التأكيد على إجراء فحوصات الـPCR قبل القدوم إلى لبنان ومن ثمّ إعادته في لبنان، وأن تكون هناك طريقة فعّالة في إبلاغ من يحملون الفيروس بطريقة سريعة قبل مخالطتهم أشخاصاً آخرين، بالإضافة إلى متابعة الوافدين إلى حين التأكّد من أنّ فحوصاتهم سلبية".
مع فيروس كورونا ومتحوّراته، يبدو وكأنّنا نعود إلى نقطة الصفر في كلّ مرّة. وتبقى الثوابت الأساسيّة لتفادي الكارثة الصحيّة: الكمّامة، والإجراءات الصحيّة، والتباعد واللّقاح.