Advertise here

المؤسسات سقطت.. وتحذيرات من طوابير الخبز

05 تموز 2021 09:21:56 - آخر تحديث: 05 تموز 2021 10:11:36

جاء في جريدة "الأخبار":

تتزاحم الأزمات التي تؤدي جميعها إلى الانهيار. صامت السلطة لأسابيع، ثم نطقت كفراً. الحل الذي خرجت به لأزمة البنزين، لم يؤد سوى إلى رفع السعر. أما الزحمة والانتظارات الطويلة على المحطات، فلا تزال قائمة وتشكل معاناة للآلاف، وسط تزايد سيطرة السوق السوداء، التي لا يُعفى أحد من المسؤولية عنها، من الشركات إلى الموزعين إلى المحطات... وحكماً المستهلكين، الذين ولد بينهم بائعو الغالونات. سعر الصفيحة تخطى في السوق السوداء الـ200 ألف ليرة، وهو ما يعني، إذا استمر الشح في البنزين، انتفاء الغاية من التهريب، طالما أن السعر في لبنان لم يعد بعيداً عن السعر في سوريا.

إضافة إلى طوابير البنزين، بدأ أصحاب الأفران يحذرون من طوابير الخبز. وحتى بعدما زادوا الأسعار وقلّصوا وزن الربطة، صاروا يحذرون من إمكانية توقف المخابز عن العمل. حجتهم أنهم لا يجدون المازوت الكافي لتشغيلها.

المستشفيات، بدأت تحذر من التوقف عن العمل أيضاً، بسبب فقدان المازوت. نقيب أصحاب المستشفيات طالب بإعطاء الأولوية لها، داعياً أيضاً إلى تخصيص المستشفيات بدعم المازوت على سعر 1500 ليرة.

وفيما تحولت الأدوية إلى أثر بعد عين، بدأت مظاهر التضامن الاجتماعي تنتج مبادرات لشراء الأدوية من الخارج لمن يحتاجها، لكنها مبادرات لا يمكن أن تعوض النقص الهائل، والذي يطاول أدوية لا يمكن الاستغناء عنها، مثل أدوية الأمراض المزمنة. المشكلة أنه مقابل المبادرات المحدودة، بدأت تظهر مؤشرات إلى دخول صيادلة على خط البيع في السوق السوداء. ومن بوابة السعي إلى مساعدة المريض الذي لا يجد دواءه، صار بعض الصيادلة يعرض تأمين هذا الدواء أو ذاك بأسعار مضاعفة وبالدولار، بحجة أنها مستوردة.

كل ذلك، يضاف إلى أزمة الكهرباء المستمرة. القطاع انهار تماماً. وحتى في بيروت بالكاد تصل الكهرباء إلى المنازل لساعتين يومياً. أما المولدات، فإن كان بعضها لا يزال قادراً على تعويض الفارق، إلا أن أغلبها بدأ تقنيناً قاسياً لعدم توافر المازوت ولعدم قدرة المولدات على تحمّل الضغط. وحتى المعلومات التي تشير إلى أن مصرف لبنان سيفتح اعتماد باخرة الفيول المتوقفة في مرفأ بيروت منذ 28 حزيران الماضي، فإن ذلك لن يكون سوى تأكيد أن الانهيار لا يعالج بالمفرق. جل ما سيحصل هو زيادة 150 ميغاواط إلى الإنتاج بما يعني بالكاد زيادة ساعة على التغذية.

الواقع يشير إلى أن المؤسسات كلها سقطت. الجلسة العامة لمجلس النواب نموذجاً. نقاشات قد تجري بين مجموعة من المخلوقات القادمة حديثاً من كوكب آخر، لكنها حكماً لا تمت إلى الواقع اللبناني بصلة. غرق في تفاصيل لا تسمن ولا تغني من جوع (حرفياً). ذلك الجوع الذي يجتاح كل المناطق، بأرقام صادمة لن تكفي المساعدات الانتخابية - الاجتماعية، لتخفيفها.

أما حكومة تصريف الأعمال، فـ «لا تندهي ما في حدا». بالكاد يتحدّث الوزراء مع رئيس حكومتهم. الخلافات الشخصية تسهم في عدم التعاون بين الوزارات أو بينها وبين رئاسة الحكومة. كلٌ يغني على ليلاه، وكل يعطي الأولوية المطلقة لحساباته الشخصية. وزير يعد نفسه برئاسة الوزراء، وآخر بدأ جولاته الانتخابية، وزميل له يغلق باب مكتبه على نفسه ولا يفتحه إلا عندما يغادر، فيما آخرون بالكاد يزورون وزاراتهم. كل ذلك يضاف إلى إصرار من رئيس الحكومة على رفض كل الدعوات لتحمّله المسؤولية، فقط لأنه لم يتخط بعد كيف أن الطبقة السياسية قد «استقالته» في ليل، ولأنه يرفض أن يكون كبش فداء لها، ولرياض سلامة الذي يتجاهله.