Advertise here

جريمة تلف حليب الأطفال تفضح مجدداً المحتكرين.. أين المحاسبة؟

18 حزيران 2021 11:30:04

في وقت يدور فيه اللبنانيون من صيدلية إلى أخرى بحثاً عن علبة حليب أطفال واحدة، عمد أحد التجار الى تلف عشرين طناً من هذه المادة قبل الأيام. الخبر لم يمر مرور الكرام رغم أن المواد تعود إلى ما قبل مرحلة الانهيار الاقتصادي حسب زعم المعنيين، لكن المستور أكبر بكثير مما كُشف، فالاحتكار والتخزين يتبارز فيهما التجار الجشعون، والهدف وحيد، استغلال المواطن الفقير وجني الأرباح الطائلة جراء بيع المواد المحتكَرة بعد رفع الدعم.

الأسوأ من الظاهرة نفسها، المعرفة بان هذه المواد التي يحتكرها التجار تم تمويل عملية شرائها أساساً من ودائع اللبنانيين في المصارف، وبالتالي السرقة ثنائية الأبعاد. وهذا الأمر يفتح الباب على ملفٍ أوسع بكثير، وهو فشل سياسة الدعم الحكومية وغياب القدرة على استهداف الفئات المستحقة. فاللبنانيون أيقنوا منذ زمن أن الدعم شبه غائب، وما الهدف من وراء هذه السياسة إلّا إفادة بعض التجّار والمهربين المعروفين والمحميين، دون أدنى محاسبة.

في هذا السياق، أشار خبير الشؤون الغذائية والبيئية في جمعية حماية المستهلك جوزيف الصايغ إلى أن "سياسة الحكومة المذكورة هدفها دعم المافيات من أموال اللبنانيين، والجمعية كانت أول من حذّر من هذا الأمر، ولا يستفيد من هذه السياسة إلّا المهربون والتجار، وبالتالي ما كان من المفترض السير بها، كما أن ممارسات التجار الجشعين تترافق مع غياب تام للدولة ووزارة الاقتصاد".

وفي حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، لفت الصايغ إلى أن "الحياة في لبنان تحوّلت إلى شريعة غاب، لا حسيب ولا رقيب، التهريب مستمر، والتجار يفعلون ما يحلو لهم، في وقت لا تتحمل الوزارات المعنية مسؤولياتها، أما القضاء، فهو أيضاً غائب، وفي حال تجرأ أحد القضاة على إصدار أي قرار فيه مصلحة للناس لا يتم تنفيذه، وهناك عشرات الحالات وعشرات الشكاوى في هذا الإطار، لكن لا محاسبة".

وحول الحلول المطروحة كبديل عن الدعم، شدد الصايغ على أن غياب التمويل المطلوب لهذه الخيارات جعل البعض يطرح التوجه مجددا نحو أموال المودعين، وهذا مرفوض، لذلك يؤكد الصايغ وجوب "العمل على الاقتصاد المنتج على الصعيد الفردي والمؤسساتي".

كما حذّر الصايغ من "سيناريو أسوأ من ذلك الفنزويلّي سيواجهه لبنان في القريب العاجل، فبعد بضعة أشهر لن يجد اللبنانيون شيئا ليبتاعونه من المحلات إلّا القليل، وغش التجار وتلاعبهم سيستمر حتى مع فقدان معظم السلع"، متخوفاً من إحتمال توجه الناس لتحصيل حقوقها بأي طريقة ممكنة بعيداً عن القانون.