Advertise here

هل هناك مسار تقارب بين "حماس" وسورية وإيران بوساطة من حزب الله؟

30 آذار 2019 12:00:00 - آخر تحديث: 30 آذار 2019 12:05:40


في اليوم الذي وقّع فيه دونالد ترامب قرار الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، وعندما بدأ قصف سلاح الجو الإسرائيلي على غزة، كان صلاح العاروري نائب إسماعيل هنية جالساً في غرفة مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وأجرى معه حديثاً استمر نحو ثلاث ساعات. مثل هذا اللقاء بين زعيم كبير في "حماس" وبين نصر الله هو حدث فريد في نوعه. لقد انقطعت العلاقات بين التنظيمين تقريباً بالكامل، بعد أن قطعت "حماس" علاقتها بسورية بسبب المجزرة الجماعية التي ارتكبها بشار الأسد بحق مواطني سورية، وبينهم الفلسطينيون أيضاً. أدت هذه القطيعة بصورة طبيعية إلى خلاف مع إيران. فقط في السنة الأخيرة تحسنت العلاقات قليلاً.
هل قررت "حماس" استئناف العلاقات مع سورية ومع إيران بوساطة نصر الله؟ قالت مصادر في "حماس" لـ"هآرتس" إن الحركة لم تقطع فعلاً علاقاتها مع إيران وهي ليست بحاجة إلى وساطة حزب الله لاستئنافها. لكن العلاقات الودية شيء والوعود بتمويل "حماس" شيء آخر أكثر تعقيداً. ما ليس واضحاً في هذه الأثناء ما إذا كان العاروري تصرّف من تلقاء نفسه، أو حصل على ضوء أخضر من مجلس الشورى في "حماس" ومن هنية نفسه.
مؤخراً، اندلع خلاف بين الاثنين بشأن صلاحيات العاروري الذي يطالب بحرية التصرف في إدارة "السياسة الخارجية" للحركة؛ فهو بخلاف هنية يستطيع التنقل بحُرية بين لبنان، وتركيا، وإيران، وقطر. بينما يحتاج هنية في كل مرة إلى الحصول على موافقة مصر كي يسافر من معبر رفح إلى الخارج، والقاهرة لا تستجيب دائماً لطلبه. مصر التي تفرض تركيبة وفد "حماس" الذي يأتي للنقاش معها، رفضت سابقاً استقبال وفد الحركة لأنه لم يضم يحيي السنوار الذي يشغل منصب رئيس المكتب السياسي في غزة وتعتبره مصر محاوراً مريحاً.
وبينما يرى هنية والسنوار في مصر سنداً ضرورياً لمواصلة عمل الحركة وتحقيق التهدئة التي تضمن استمرار التزود بالمال من قطر ومواصلة إعادة إعمار غزة، فإن التوجه نحو سورية وإيران عبر حزب الله يمكن أن يزعزع شبكة العلاقات الحساسة مع مصر والاتفاقات التي جرى التوصل إليها في شباط/فبراير، بين هنية ورئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل، بعد ثلاثة أسابيع من المحادثات في القاهرة.
المفارقة أن مصر هي التي وافقت على قيام قطر بتقديم مساعدة طارئة لدفع الرواتب وتزويد القطاع بالكهرباء. على الرغم من أن مصر تعتبر قطر بلداً معادياً بسبب تأييده الإخوان المسلمين، وعلاقاته بإيران، والانتقادات الحادة التي توجهها قناة الجزيرة إلى مصر التي انضمت إلى الحصار الذي بادرت إليه السعودية ضد قطر في سنة 2017.
يتضح أن في أوقات الشدة يمكن أن يتعاون الأعداء. مصر التي لا تريد ولا تستطيع مساعدة "حماس" مالياً، تواصل القيام بعملية المصالحة بين الحركة و"فتح" والتوسط بينها وبين إسرائيل؛ وقطر هي الضمانة المالية لنجاح الخطوة المصرية –الإسرائيلية. هناك دولة أُخرى مرشحة لتقديم المساعدة هي قطر، لكن مصر وإسرائيل رفضتا تدخّلها رفضاً قاطعاً، ويبدو أن حجم المساعدة غير المباشرة التي تقدمها إلى "حماس" آخذ في التقلص.
لا تقوم قطر بمساعدة مصر وإسرائيل بل أيضاً الجامعة العربية، وخصوصاً السعودية التي لم تهرع إلى تقديم المساعدة إلى سكان غزة وأيضاً إلى السلطة الفلسطينية. لقد أقامت الجامعة العربية في سنة 2010 صندوقاً خاصاً لمساعدة السلطة الفلسطينية، وعلى الرغم من تجميد إسرائيل تحويل أموال الضرائب العائدة إلى السلطة بحسب القانون الذي أقرته في حزيران/يونيو الماضي، لم تسارع الجامعة العربية إلى تحويل أموال إلى السلطة، ومن خلالها إلى سكان غزة. هذا الأسبوع اجتمع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ووزير المال شكري بشارة مع الأمين العام للجامعة العربية وطلبا منه المساعدة من أجل أن يتخذ قراراً في القمة العربية التي ستُعقد الأسبوع المقبل في تونس بتفعيل آلية شبكة أمان اقتصادية.
إذا قررت الجامعة العربية المساعدة فإن "حماس" ستستفيد أيضاً من المال، شرط أن توافق على الانضمام إلى حكومة الوفاق الوطني التي عيّن محمود عباس د. محمد اشتيه رئيساً لها. ويُعتبر هذا الأخير شخصية قوية ومستقلة ولديه علاقات جيدة مع أغلبية التنظيمات الفلسطينية، وبينها "حماس". وذلك على عكس رامي حمد الله الذي كان محمود عباس يعتبره مديراً عاماً ينفذ تعليماته، ومن المنتظر أن يصطدم اشتيه برئيس السلطة إذا وضع عوائق في طريقة. وهو لن يتردد عن تقديم استقالته إذا عجز عن قيادة حكومة وفاق كما يريد.
لكن "حماس" في هذه الأثناء ترفض التعاون مع اشتيه، لأنه عُيّن بطريقة حصرية من جانب عباس ومن دون إجراء استشارات مع الحركة، كما يفرض الاتفاق الموقّع مع "فتح" في سنة 2014، والذي شُكلت بعده حكومة وفاق وطني. مع عدم وجود حكومة فلسطينية متفق عليها، ثمة شك في أن توافق الجامعة العربية على تحويل أموال إلى السلطة ومنها إلى "حماس". يرفض عباس تحويل أموال من قطر، بحجة أنها تعمل على استمرار الانقسام بين "فتح" و"حماس" ولا تشجع على المصالحة.
وهذه حجة واهية لأن مَن قرر تجميد تمويل الرواتب لـ"حماس" هو عباس نفسه. وذلك على أمل بأن يدفع ذلك الحركة إلى الموافقة على شروط المصالحة التي وضعها، والتي تشمل انتقال السلطة المدنية في كل القطاع إلى السلطة الفلسطينية، والسيطرة على المعابر ونزع سلاح "حماس". في الوقت عينه لا تستطيع "حماس" الاعتماد وقتاً طويلاً على التمويل القطري الذي بدأ في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ومن المتوقع أن يصل إلى 150 مليون دولار خلال نصف سنة.
علاوة على ذلك فإن الشروط التي وضعتها إسرائيل على التمويل القطري بعد قضية حقائب المال - وبينها تحويل الأموال مباشرة إلى المحتاجين بعد موافقة إسرائيل على قوائم الأسماء - يجعل من الصعب على "حماس" الحصول على حصة من هذه المساعدة.

تسفي برئيل - محلل سياسي

(*) هآرتس- نقلاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.