Advertise here

نهر النيل مجدداً أمام مجموعة الأزمات الدولية

29 آذار 2019 17:41:00 - آخر تحديث: 24 أيلول 2020 14:50:33

كانت التغييرات الجوهرية التي تحصل على مجرى نهر_النيل مدار مداولات وبحث أمام "مجموعة الأزمات الدولية" في بروكسل. وقد أصدرت المجموعة تقريراً من 45 صفحة يتعلق بما يخص "سد النهضة" الأثيوبي، وما يتفرَّع عنه من نتائج ومشكلات على بعض دول الحوض، لاسيما على #السودان، وعلى مصر على وجه التحديد.


نهر النيل الذي يعتبر من أكبر الأنهار في العالم، وأطولها على الإطلاق (6600 كلم) له خصوصيات كبيرة، من هذه الخصوصيات: أن 11 دولة أفريقية معنية فيه، ويرتبط النيل بحياة هذه الدول مباشرةً، من حيث المنبع، ومن حيث طريق المرور، ومن حيث الاستفادة من مياهه. وله فرعان رئيسيان، الأول يأتي من بحيرة فكتوريا التي تحيط بها ست دول في وسط أفريقيا، وهي الكونغو وتنزانيا وأوغندا وكينيا ورواندا وبوروندي. أما الفرع الثاني فيأتي من إثيوبيا وإريتريا في القرن الشرقي لأفريقيا. وهناك دولتان رئيسيّتان تعتمدان اعتماداً كلياً على مياهه، وهي السودان ومصر، وفي هذه الأخيرة تشكل مياه النيل 90% من موارد البلاد المائية.

 

يحكم توزيع مياه النيل اتفاقية العام 1929 التي أشرفت عليها بريطانيا، وكان لمصر 45 مليار متر مكعب من مياه النهر البالغة 83 ملياراً. من ثمّ تم توقيع اتفاقية بين مصر والسودان في العام 1959، أُعطيت مصر بموجبها 55 مليار متر مكعب، مقابل 18 مليار متر للسودان، لكن بعض الدول المعنية اعتبرت أن هذه الاتفاقية لا تعنيها، وهي تعني الدولتين فقط، وانطلاقاً من هذه الاعتراضات جرت تجاذبات عديدة بين الدول المعنية، كانت تُشبه المحاور في بعض الأحيان، إلى أن وصل الأمر لتوقيع اتفاقية عنتيبي في عام 2010 بين 6 دول ينبع منها النيل، ما أدى إلى اعتراض الدول الأخرى المستفيدة من النهر، لاسيما مصر والسودان وإريتريا، ما دفع إلى عقد قمة بين الدول المعنية في كامبالا بأوغندا، اتفقوا فيها على تفعيل "مبادرة دول الحوض للعام 1999" التي تشكلت بموجبها لجان فنية دائمة تُشرف على تقاسم المصالح بين الدول المعنية من دون إلحاق ضرر بأي دولة أُخرى.

الجديد في ملف النيل هو عزم إثيوبيا على استكمال بناء "سد النهضة " على النيل الأزرق، وهو الأكبر في إفريقيا، وتبلغ تكاليفه 4 مليارات دولار، ويتسع لـ 74 مليار متر مكعب، ومن المقرر أن ينتج 6000 ميغاوات كهرباء، وهو لا يبعد عن حدود السودان أكثر من 15 كلم. وقد بادرت مصر بالاتفاق مع السودان في العام 2010 إلى إنشاء قاعدة عسكرية جوية بالقرب من مكان السد، تحسباً لأي تفاعلات غير متوقعة.

 

إذا ما نفّذت إثيوبيا قرارها بملء السد خلال ثلاث سنوات، فستتأثر مصر بشكل كبير، وسيؤدي ذلك إلى حصول كوارث زراعية وكهربائية، وحتى اجتماعية في مصر – كما أشار تقرير مجموعة الأزمات الدولية الذي صدر في بروكسل في 21/3/2019. أما مصر فتقترح تعبئة سد النهضة على مدى 15 عاماً، وبذلك يتم تجنُّب حجب المياه عن مصر بشكل كبير، ولو كان الأمر سيحصل خلال مدة قصيرة.

تعممت أجواء التفاؤل بين إثيوبيا ومصر بعد وصول رئيس الوزراء أيبي أحمد إلى الحكم في إديس أبابا. وأيبي أحمد معروف ببراغماتيته وانفتاحه على دول المحيط. وقد عُقدت مباحثات موسعة بين المصريين والإثيوبيين في العاصمة اديس أبابا في مايو 2018 بحضور وزراء خارجية البلدين ومسؤولين أمنيين وفنيين، وتمَّ تشكيل لجنة فنية – علمية مشتركة لمتابعة الملف، بحيث يكون الهدف من عملها تجنُّب أي أضرار قد تلحق بمصالح البلدين من جراء بدء العمل بسد النهضة.

أعقب مباحثات إديس أبابا زيارة قام بها رئيس الوزراء أيبي أحمد إلى #القاهرة في يونيو 2018، وتباحث فيها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، واتفق الجانبان على عدم القيام بأي أعمال قد تضر بمصالح الطرف الآخر، وقد توصلا إلى رؤية مشتركة تعود بالفائدة على البلدين من دون المساس بحقوق أيٍ منهما.

رغم كل ذلك؛ بقي ملف سد النهضة عامل قلق في المنطقة، وقد سلَّط تقرير مجموعة الأزمات الدولية الضوء على مجموعة من المشكلات التي تحتاج إلى معالجة، ومنها خصوصاً: مخاوف الجانب المصري والسوداني من أخطار انهيار سد النهضة لسببٍ ما. وهذا الفيضان غير الطبيعي قد يسبب كوارث في المناطق المجاورة للنهر فيما لو حدثت، إضافة إلى كون جزء كبير من الإنتاج الكهربائي المصري يعتمد على مياه النيل، كما أن هذه المياه هي المصدر الأساسي للشرب عند المصريين.