Advertise here

الحريري ينتظر إشارة.. موقف لا يُحسَد عليه

10 حزيران 2021 08:39:33

لم يحصل أن استحقاقا في لبنان قد أُنجز على مدى العقود الماضية من دون رعاية خارجية، وقد اعتادت القوى السياسية أن تتعامل مع بعضها البعض من هذا المنطلق. فأي معركة هي تلك التي يخوضها الرئيس المكلف سعد الحريري، وخصومه السياسيين يعرفون أنه أعزل ولا يملك أي ضوء أخضر، وباختصار "بلا ظهر"؟

حاول الحريري في السنوات الماضية أن يختار أسلوبه في السياسة، وأن يعدّل الكثير، في شخصيته حتى وفي خطابه ولكنته، كما في حدة الموقف التي لم تكن من سماته الخطابية. فهناك حريري مختلف يحمل في سماته كل النكسات التي تعرّض لها في السنوات الماضية، من لحظة إسقاط حكومته وهو على باب البيت الأبيض، مرورا بليالي "الريتز"، وصولا الى استقالته تحت وقع انتفاضة 17 تشرين.
عثرات الحريري أكثر مما يحمل الرجل، الذي أُلقي على كاهله الطري في العام 2005 إرثٌ ثقيل يكفي أنه كان مجبولا بدم والده. صرف ثروته في السياسة واستمرارية الزعامة والبيت المفتوح، ورغم أن الدفاع عن تجاربه وخياراته يبدو صعباً لكن الأكيد أنه دفع ثمناً كبيراً في المال كما في السياسة.


اضطر الحريري أن يسير بالكثير من التسويات من بعد الخصومات، فصعد الى قصر الشعب في دمشق كترجمة لاتفاق السين السين، طاوياً مرحلة الدم، قبل أن يعود ويخاصم آل الأسد بعد الحرب السورية في العام 2011. خاصم حزب الله وعاد ورأس حكومات يشارك فيها. وكذلك التيار الوطني الحر، خاض معه معركة "الإبراء المستحيل" و"الإفتراء في الإبراء"، ليعود ويعقد التسوية الرئاسية ويأتي بميشال عون رئيساً للجمهورية قبل الطلاق الكبير والمشكلة الشخصية مع شريك سنوات العهد الأولى النائب جبران باسيل، والذي بات يدفع ثمنه كل الشعب اللبناني. 
في كل تلك التسويات كان الحريري يخوضها مدعوماً بقرار سعودي داعم، وفي مقدمها التسوية الرئاسية التي باركتها الرياض آنذاك وأوفدت ثامر السبهان لينقل رسالة التأييد عشية جلسة انتخاب عون. لكن المشهد اليوم مختلف، وموقف الحريري لا يُحسَد عليه.


لم يعد خافياً أن العلاقة بين بيت الوسط والقيادة السعودية ليست على خير ما يرام، وإن كان جواب "المستقبل" يأتي دائماً بأن السعودية لا تغلق الباب على الحريري انما على كل لبنان، الا أن أجواء استقبالات السفارة السعودية في بيروت لا توحي بذلك، لا بل أحياناً تؤشّر الى عكس ذلك تماماً.
السعودية لا تمنع الحريري من تشكيل الحكومة طبعاً، لكن الأخير يتهيّب التأليف من دون موافقة المملكة، تقول مصادر سياسية، وربما إشارة واحدة من الرياض تكون كفيلة بقلب الكثير من الواقع القائم. الوقائع الاقليمية تتغيّر، فالرهان السعودي على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتحجيم الدور الايراني في المنطقة قد سقط، والعين الآن على العلاقة التي ستقوم بين القيادة السعودية والرئيس الأميركي جو بايدن. السعودية عادت الى التقاط أوراق المنطقة، عادت الى العراق وتحاور ايران من هناك، وترسل بإشارات ما على خط دمشق وإن كانت غير واضحة المعالم والأفق بعد، وسيكون من مصلحتها طبعاً العودة الى لبنان.
على هذا التحوّل ربما يراهن الحريري، وعودته الى كنف السعودية سياسياً من خلال تبني تشكيله للحكومة. وبالتالي أن تشمل لبنان التسويات التي ستظهر في المنطقة لا سيما بعد الانتخابات الرئاسية الايرانية، خاصة وأن طهران غير مستعجلة لتوقيع الاتفاق النووي الجديد قبل هذا الاستحقاق وانتخاب رئيسها الجديد.

أسابيع حاسمة أمام الحريري الذي بات يضع العديد من الخيارات أمامه، وفي مقدمها الاعتذار، وهو العالِم بأن هذا الخيار يتمناه كثر وإن جاهروا بعكسه.
فهل ستشمل التسويات لبنان؟ فلننتظر الإشارة التي ينتظرها سعد الحريري أيضاً.