Advertise here

بضائع في لبنان غير مطابقة.. والأمراض تطرق بابنا!

07 حزيران 2021 12:18:37 - آخر تحديث: 07 حزيران 2021 12:32:09

أسماء "ماركات" غريبة على الرفوف، وأنواع غير معروفة من سوائل التنظيف، حتى أنّ بعضها يباع "بالجملة" ومن دون تحديد مواصفاتها. هذا ما خلّفته الأزمة على رفوف السوبرماركات، وفي بعض المحال والبسطات. غزت هذه المواد الجديدة وغير المألوفة الأسواق بأسعارها المنخفضة، والتي يمكن للمواطنين المتأثّرين بفعل بالأزمات المتتالية تحمّل كلفة شرائها. 

ولكن هل مَن سأل عن الكلفة الصحيّة لهذه البضائع؟ ما ضررها؟ ومتى سيظهر هذا الضرر؟ 

يؤكّد رئيس مركز جودة الدواء والغذاء والمياه في الجامعة اللبنانية، الدكتور نزيه بو شاهين، في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية، أنّ "هناك في لبنان العديد من المأكولات والمياه التي تبيّن بعد فحصها بأنّها غير مطابقة للمواصفات وملوّثة جرثومياً وكيميائياً. واليوم لا يوجد أي رقابة عليها كما يجب، خصوصاً بعد الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه البلد، وقلّة النوعيات الجيّدة والـBrands المفحوصة والمضمونة جودتها". 

ويشدّد بو شاهين على أنّ، "الوضع الصحي سيتفاقم أكثر فأكثر، خصوصاً مع مطلع فصل الصيف. ومن المتوقّع أن تُصبح العديد من الأمراض الجرثومية سارية في الجهاز الهضمي، لأنّ لا رقابة على المياه، وبعض المأكولات، وحتى المطهرات". ويقول: "نحن كمركز جودة بدأنا بفحص العديد من هذه المواد بناءً على طلبات منفردة، ونرى أنه بالفعل هناك تلوّث كبير في المياه وأنّها غير مطابقة للمواصفات. وفي بعض الأحيان تكون مختلطة بمياه تحتوي على جراثيم تثير الشكوك حول اختلاطها بمياه الصرف الصحي. وتبيّن أن بعض عيّنات المياه تحتوي على زيادة في نسب الكلور، أمّا مياه الشرب التي تباع بالغالونات فلم يتمّ فحصها منذ زمن، وذلك لغياب الإمكانيات الماديّة". ويلفت إلى أنّ "ري المزروعات بمياه ملوثة يؤثّر عليها أيضاً وعلى التربة التي تمتص هذه الملوثات"، وبالتالي تنتقل من الخضار لتؤثّر على صحة المواطن. 

أمّا في ما يخصّ المعلّبات والزيوت وغيرها من المواد الغذائية، فيقول بو شاهين: "قمنا بعددٍ من الفحوصات في الفترة الأخيرة، أيضاً في مبادرات فردية، وتبيّن أن بعض العيّنات مطابقة في حين أن بعضها الآخر غير مطابقة للمواصفات المطلوبة"، شارحاً "لا يمكن بعد الحكم على المعلبات والمأكولات ذات العلامات التجارية غير المعروفة، ولكن المواد الحافظة في داخلها تلعب دوراً، ولا نعرف بعد مدى الكميات الموجودة فيها". وينبّه بو شاهين إلى أنّ التفتيش والمراقبة يجب أن يشملا المعقّمات اليدوية والمطهرات التي نراها تباع على الطرقات بأسعار زهيدة، وهي بمتناول الفقراء الذين لا يمتلكون إمكانيات مادية لشراء "الماركات". 

هذه حال المنتجات المتوافرة في الأسواق، فكيف تنعكس على صحة الناس؟ 

يجيب بو شاهين: "إدخال أطعمة ومشروبات ملوثة إلى الجسم يعرّض الشخص لأمراض وجراثيم والتهابات أكثر، وبالتالي إلى انخفاض في المناعة. والأمراض الأكثر عرضة أن تزداد بسبب ما يحدث هي التسمّم الغذائي، أو التسمّم الكيميائي، والحساسية نتيجة السوائل". 

ولكن أين الدولة من كلّ ما يحصل؟ ومن يحمي المستهلك؟ 

"البلد اليوم "فلتان" ووزارة الاقتصاد مشغولة في أمورٍ أخرى، مثل ملاحقة أصحاب المولدات والتجار الذين يستفيدون من المدعوم عوضاً عن صحة الناس وسلامتهم، وبالتالي لا يمكن حماية المواطنين مما يحدث. ومع ارتفاع نسب الفقر، المواد الفاسدة والماركات غير المعروفة، والتي لا معلومات عنها، ولم يُجرَ عليها تحاليل ستزداد حكماً"، يقول رئيس جمعيّة حماية المستهلك زهير برّو، ويضيف: "لا إجراءات لحماية المواطنين لأنّه من المفترض أن الدولة هي التي تحميهم بامتلاكها أدوات الفحص في المختبرات وغيرها، ولكن البلد في حالة خراب اليوم، والبضائع تدخل بشكل عادي والتهريب "ماشي" ولا رقابة". ويعتبر برّو أنّ الحلّ يكمن في "إعادة تشكيل الدولة من جديد"، لأنّها الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها منع دخول هذه البضائع، وحماية المستهلكين عبر الإدارات والمؤسّسات. 

وبما أنّ الدولة في غيبوبة، ولا حلول في الوقت الحالي، كيف لنا أن نحمي أنفسنا من الأمراض التي تطرق أبوابنا؟ 

يعتبر بو شاهين أنّه، "يجب العمل على حملة وطنيّة من أجل تفعيل سلامة المياه المستخدمة للشرب، وللري، وسلامة الغذاء. ويمكن للبلديات واتحاد البلديات أن يساهموا في معالجة هذا الأمر، كذلك يجب التنسيق بين وزارات الاقتصاد والبيئة والصحة"، متابعاً "المراقبة أرخص تكلفة من الأمراض والاستشفاء والفحوصات في ظلّ فقدان الأدوية والأزمات التي يعيشها القطاع الطبي والاستشفائي والأزمة الاقتصادية – المالية". ويختم: "الوقاية خير من العلاج". 

لم يكن ينقص اللبنانيين إلّا أن يتحوّل البلد إلى "مكبٍ" للأغذية والبضائع الفاسدة وغير المعروفة. ويبدو أن الموت يُلاحق اللبنانيين في بلد يكاد يقتل كلّ أمل في الحياة.