Advertise here

ظاهرة "انفصام"... هل تُنعش القطاع السياحي والاقتصاد؟

03 حزيران 2021 19:06:57 - آخر تحديث: 04 حزيران 2021 17:01:45

انفصام... كلمة هي الأقرب إلى الواقع الذي يعيشه اللبنانيون. أزمة وانهيار وتدهور في سعر الصرف وارتفاع جنونيّ في الأسعار وما يزيد عن نصف الشعب تحت خطّ الفقر وبطالة وطوابير من السيارات على المحطات وفقدان للأدوية وتهريب كلّها في كفّة، ومشهد "الضهرات والسهرات" والمطاعم والحانات "المفولة" في كفّة. 

اللبناني يعشق الحياة، صحيح! ولكن أقلّ ما يقال عمّا يحدث "انفصام". إلا أن ثمة من يعوّل على هذا المشهد، فكثرٌ يتحدثون عن انعكاس ايجابي للحركة التي يشهدها القطاع المطعمي وللزيادة في نسبة القادمين إلى لبنان في مقارنة مع العام الماضي. مع الاشارة الى ان نسبة هذه الفئة من اللبنانيين التي تشكل هذه الظاهرة هي ضئيلة جداً مقارنة باللبنانيين العاجزين حتى عن تأمين قوت يومهم حتى، فما تفسير ظاهرة الانفصام هذه؟ وهل تكون رافعة للاقتصاد المنهك بفعل الأزمات؟ 

جهاد الحكيّم رئيس Rethinking Lebanon، وهي جمعية تعنى بتمكين الشباب وتسويق صورة لبنان في الخارج وتشجيع السياحة الريفيّة كما وتطوير لبنان على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، قائلاً في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونيّة: "أوّلاً هذه الظاهرة لا تعني أنّ كلّ الشعب اللبناني "مرتاح". وكي لا يكون هناك مغالطة، عدد من اللبنانيين "المرتاحين" هم القادرون على إشغال المطاعم والشاليهات والحانات. هذا عدا عن أنّ الكثير منها أقفلت أبوابها وقلّ عددها وبالتالي يمكن للميسورين أن يملأوها. ثانياً، بعض الأطعمة في المطاعم أرخص كلفة مقارنة بتحضيرها في المنزل. ثالثاً، العديد من اللبنانيين كانوا يلجأون إلى الإدخار في السابق ولكن بعد ما حصل في لبنان وبعد أن تمّ وضع اليد على أموالهم من قبل المصارف رأوا أن ذلك أصبح من دون فائدة وبالتالي يتّجهون نحو الانفاق. رابعاً، الأسعار في لبنان أصبحت أرخص بكثير من السابق نظراً لتدهور قيمة العملة مقارنة بالدولار، غير أنّها حافظت على جودتها إلى حدّ كبير. خامساً نجاح اللبناني في تطوير المنتج السياحي في عدّة مناطق وتنشيط السياحة الريفيّة". 

عدّة عوامل تقف وراء ما يحصل، فهل من أثر على الاقتصاد؟ 

يرى الحكيّم أن "هذه الحركة جيّدة ولكن حتى وإن رأيناها على الشكل الذي هي عليه اليوم، إلا أنّنا بحاجة إلى العمل أقلّه 5 مرّات أكثر كي نكون بمستوى السنوات السابقة وكي يكون المدخول المالي ذاته فالأسعار في المطاعم مثلاً لم تزدد في النسبة ذاتها التي زاد فيها سعر الصرف". ويتابع: "الاكتظاظ الذي نشهده هو في بعض المناطق دون غيرها، وهذا لا يعني أن الأموال تضخ في الإقتصاد إنّما العديد من الأشخاص يحوّلون أموالهم إلى الخارج فوراً متجنّبين وضعها في المصارف". 

رغم هذه الحركة، لا انعكاس كبيراً على الاقتصاد إذاً. هنا يشير الحكيّم إلى أنّه "ليس كافياً من أجل استقطاب السياح أن يكون لبنان وجهة بكلفة منخفضة نسبة لجودة ما يُقدّم، إذ يجب أن يضاف إلى ذلك الوضع الأمني ووضع كورونا في البلاد بالإضافة إلى الكهرباء وخدمة الإنترنت وتوفّر البنزين والطبابة والأدوية. وإذا تأزّم الوضع أكثر لن تبقى السياحة على حالها ولا حتى كما هي اليوم". ويقول: "لا يمكن المقارنة بين هذه السنة والسنة الماضية لناحية القادمين إلى لبنان واعتبار أنّ العدد مرتفع، لأنّه في السنة السابقة كان انتشار كورونا لا يزال في أوجّه وكنّا في فترة إقفال تام. لذلك يجب المقارنة مع العام 2019 وألا ننسى أن الليرة تدهورت أكثر من العام الفائت"، مضيفاً: "المغتربون سيأتون ولكنّهم سيصرفون أقلّ من السابق بسبب سعر الصرف، وبالتالي الإنعكاس سيكون ظرفيًّا ولفترة محدودة. ومشاهد البنزين وانقطاع الأدوية والكهرباء غير مشجعة لانتعاش السياحة".

ويختم: "ما يحصل على الصعيد السياحي جيّد ومرحّب به ولكنّه غير كافٍ لأنّه لا يُمكن التعويل على السياحة فقط للنهوض بالاقتصاد، ويجب ألا ننسى أنّه أمر موسمي". 

السياحة ركن أساسي من ركائز لبنان، ولكن البلد الذي خسر الكثير لن تكفيه السياحة وحدها، طبعاً.