Advertise here

البديل عن "طوابير" البنزين!

31 أيار 2021 08:07:13

كتبت راما الجرّاح في موقع "لبنان الكبير":

بات اليوم أول جزء يقتطع من راتب اللبناني، يذهب لدفع تكلفة وقود سيارته، حقيقة مُرّة زاد من مرارتها ارتفاع أسعار النفط وانقطاعه من السوق بين فترة وأخرى، والسبب جشع التجار وطمعهم بتهريبه وبيعه بأضعاف سعره في سوريا، وعند سؤال أي مسؤول أو خبير اقتصادي أو حتى عامة الشعب عن حل لهذه الأزمة، الجواب سهل جداً لا يحتاج إلى التفكير والتحليل وهو وقف التهريب، ولكن ماذا لو لم تستطع أجهزة الدولة بقوتها وقدرتها السيطرة على ظاهرة التهريب وخنقها وقطع أنفاسها؟ هل كُتب علينا الوقوف في طوابير الوقود لنستطيع العيش وتأمين قوت يومنا؟ لماذا لم نفكر بحل بديل يُسهل علينا الطريق ويُنعش اقتصاد بلدنا المنهار في الوقت نفسه ويخفف علينا فاتورة الاستهلاك؟.

بودياب: تفعيل النقل العام

يعتبر مشروع تفعيل وسائل النقل العام إنجازاً حضارياً وعظيماً، يغطي طبقتين اجتماعيتين هما الوسطى والفقيرة التي أصبحت نسبها عالية جداً في لبنان، بالإضافة إلى ملايين الدولارات التي يمكن أن يوفرها على الاقتصاد اللبناني، كثيرون ممن يقرأون هذا الاقتراح سيجزمون باستحالة هذا المشروع من خطوته الأولى، ويقول عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي أنيس بو دياب أن "استخدام النقل العام بديلاً عن النقل الخاص أمر مهم جداً، إذ إنه يخفض فاتورة الاستهلاك الخاص ويستطيع الفرد استخدام الدخل المتبقي لديه بمجالات أخرى لتحسين وضعه الاجتماعي والاستهلاكي، ومن جهة أخرى لها انعكاس إيجابي على البيئة إذ يخفض نسب الأمراض التي تتسبب بها، أما اقتصادياً فإن هكذا اقتراح يخفض فاتورة الاستيراد. وهناك دراسة جرت عام 2011 عن انعكاس وسائل النقل العام على استيراد النفط، وتبين أنه يخفض ثلث فاتورة الاستيراد النفطي أي ما نسبته مليار دولار، ولكن المشكلة في لبنان أننا لا نملك خطوطاً منتظمة للنقل العام، ولكن هذا لا يعني الاستسلام، يمكننا البدء باستخدام وسيلة النقل الجماعي، أي استخدام سيارة واحدة أسبوعياً لكل شخص وهذه الفاتورة تؤدي إلى تخفيض فاتورة الاستهلاك بنسبة تصل إلى 20? بطبيعة الحال مع ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية حتى الانتهاء من وباء كورونا".

الرفاهية من الماضي

من ناحية أخرى، يعتبر أبو دياب أنه "مما لا شك فيه أن استخدام السيارة الخاصة هو رفاهية وراحة، لكن مع الأزمة التي نعيشها جميعاً يمكننا أن نذهب إلى البدائل ربما بشكل مؤقت لتستقر الأوضاع، ويجب أن نعي أنه فعلياً حتى لو كنا نملك في لبنان آلية منظمة للنقل العام، هذا لا يعني انخفاضاً في أسعار المحروقات، لأن أسعار النفط المخصصة للاستهلاك تحدد عالمياً ووفق الطلب والعرض، بمعنى لا تستطيع السوق المحلية أن تؤمن الطلب والعرض عالمياً، لذلك لا يؤدي ذلك إلى تراجع أسعار النفط في لبنان، بل تنخفض فاتورة الاستهلاك الخاص وتنعكس بشكل إيجابي على المؤشرات الكلية للاقتصاد الوطني، وهذا أمر إيجابي جداً ومهم في حال وصلنا إليه في لبنان".

أبو شقرا: قلة الاستيراد

من جهته، يؤكد نقيب موزعي المحروقات وعضو اتحاد النقل فادي أبو شقرا أنه "في حال أصبح هناك خطة منظمة للنقل العام في لبنان فهذا أمر سيكون مريحاً لجميع فئات المجتمع، ونحن نحرص بشدة على المُضي في خطة النقل العام لكنها حتى اليوم عالقة بين ملفات الحكومة، فالأزمة التي يعاني منها اللبنانيون اليوم سببها قلة الاستيراد، وهذا يؤدي بين فترة وأخرى إلى أزمة محروقات ووقوف المواطنين لساعات أمام محطات الوقود الذين لا ناقة لأصحابها ولا جمل في ما يحصل وهمهم الأول والأخير عملية الشراء والبيع لمصلحتهم وتسيير أمور الناس وتأمين لقمة عيشهم فقط و”بلا ما نوقف بخيال إصبعنا".

الأزمة موجودة، نعيش ذلها بشكل يومي، فلماذا لا نلتفت إلى البدائل؟ ماذا لو أن الجامعات والمدارس وأماكن العمل تسمح فقط بدخول حافلات النقل العام إلى مواقفها في فترة الأزمات الاقتصادية كما حالنا اليوم في لبنان؟ لماذا لا نستخدم الدراجات الهوائية عند زيارتنا صديقاً من منطقتنا أو الذهاب إلى المحال التجارية القريبة؟ لا شيء يستدعي الغرابة أو حتى يبدو مستحيلاً، فلنفكر بها قليلاً، نتمعن بالضغط الذي نستطيع أن نقوم به على أصحاب محطات الوقود، وإمكانية الحد من عمليات التهريب، والاستغناء عن الوقوف بــ "الطابور"! تخيلوا كل هذا فقط لأننا قررنا إيجاد البديل بهدف التغيير، وهذا يحتاج بشكل أساسي إلى تسليط الضوء على الفكرة من قبل الإعلام، وتشجيع المجتمع الذي لا تبعد ثقافته وعاداته عن اقتراح موضوع استعمال النقل العام وتوعيته عن أهميته وفوائده.