Advertise here

الحريري لن تزعجه "التشكيلتان"... والحبر الأعظم يتدخّل

31 أيار 2021 07:45:40

يتّفق الجميع على أنّ شهر حزيران هو شهر مصيري مالياً بالنسبة إلى اللبنانيين.

في عظته ليوم الأحد، أطلق البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الضوء الأخضر للعنوان الأكبر والأهمّ لهذا الشهر في قوله: "نعرف الصعوبات ونُقدِّرُها، غير أنّ جزءاً من الأزمةِ مفتعَلٌ بسببِ الجشَعِ والاحتكارِ. لقد حان الوقتُ لترشيدِ الدعمِ من دون المسّ بالمالِ الاحتياطيِّ في مصرف لبنان، الذي هو مالُ المودعين، وخصوصاً مال الطبقتَين الوسطى والفقيرة، لأنَّ الباقين حوّلوا أموالهم إلى الخارج، على ما يبدو. ولكنْ، بين تأخيرِ التمويلِ، وهو كافٍ لحاجةِ السوقِ اللبنانيّة، وبين تخزينِ الأدويةِ المستورَدةِ وتكديسِها في المخازن من دونِ توزيعِها رغبةً بالكسبِ بعدَ رفعِ الدَعم، وبين فِقدانِ رقابةِ وزارةِ الصحّةِ والأجهزةِ القضائيّةِ والأمنيّة على هذهِ المخازن والصيدليّات، وبين التهريبِ والتلاعبِ في قواعد التوزيع، بين كلّ ذلك، يَدفعُ المواطنون اللبنانيّون ثمنَ هذا الاستهتارِ بالحياة".

تحت هذا العنوان ستدور المواقف السياسية في المقبل من الأيام. فلا قدرة لمصرف لبنان على الاستمرار بدعم المواد الاستهلاكية على اختلاف أنواعها. وفي المقابل، لا قدرة للّبنانيين على تحمّل تبعات ترشيد الدعم، ولا سيّما أنّ البدائل غير جاهزة حتّى الساعة.

فهل يقرّ مجلس النواب سلفة الكهرباء؟ وكيف تستمرّ المرافق العامة بالعمل؟ المستشفيات والمدارس وغيرهما؟ أسئلة كثيرة لا إجابات لها بعد. لذا يُقبل لبنان في حزيران على مسار من اثنين:

الأوّل: يقضي بتشكيل حكومة بناءً على مبادرة الرئيس نبيه برّي ومسعى البطريرك الراعي.

والثاني: يقضي بعدم تشكيل حكومة واستمرار الأزمة والذهاب إلى فوضى اجتماعية وأمنية تستعدّ المؤسسات الأمنيّة لها.

ولعلّ ما سرّبته الإليزيه، بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون، عن اقتناعها بأنّ الجيش هو حافظ الاستقرار في لبنان والبديل عن الفوضى، هو خير دليل على ما يمكن أن تشهده البلاد في حال عدم تشكيل حكومة.

أمّا المسار الأوّل، الذي يقتضي تشكيل حكومة، فهو ينتظر عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى بيروت بعد نفيه شائعات عن اختطافه في الإمارات، في تغريدة صباحية. وعلى الرغم من أنّ الأجواء حتى الساعة سلبيةٌ جداً في موضوع تشكيل الحكومة لعدم ورود أيّ جواب من الرئيس الحريري، إلا أنّ معلومات "أساس" تؤشّر إلى لقاء متوقّع بين الحريري ومعاون الرئيس برّي النائب علي حسن خليل. على أن يزور عين التينة غداً، ليلتقي الرئيس نبيه برّي لقاءً يُعتبر حاسماً في موضوع تشكيل الحكومة. إذ يعرض الطرفان سبل إنجاح مبادرة رئيس المجلس التي تقوم على 24 وزيراً، ومن دون ثلث معطِّل لأحد، مع معالجة الأزمة، التي لا تزال عالقة، والمرتبطة بتسمية الوزراء المسيحيين.

علماً بأنّ الحريري مصرّ على تسمية الوزيرين المسيحيين على اعتبار أنّه رئيس حكومة كل لبنان وليس رئيس حكومة المسلمين فقط. وانطلاقاً من هنا تشير معلومات "أساس" إلى أنّ الحريري سيتفاوض تحت هذا السقف فقط حفاظاً على صلاحيته، هذا في الشأن الداخلي.

أمّا خارجياً فالحريري عائد بدعم إماراتي مصري لتشكيل الحكومة، ولكن ليس سعوديّاً. من جهتهم، يدرك الفرنسيون، على الرغم من استمرار دعمهم لتشكيل حكومة تنفّذ "الإصلاحات" المطلوبة، أنّ أيّ حكومة ستشكل حالياً سيكون هدفها الأول ترتيب وضع البلاد لإجراء انتخابات نيابية، على اعتبار أنّ الرهانات الدولية تنحصر بإحداث تغيير في الانتخابات النيابية على مستوى التمثيل. لذا ترجّح الأوساط المتابعة أن يتلقّف الحريري الفرصة الأخيرة، التي يقدّمها له حليفه الأساسي، ليشكّل الحكومة، ولو حصل ذلك بعد سلسلة أحداث ستنتج عن فوضى أمنيّة واجتماعية.

في المقابل ينتظر فريق رئيس الجمهورية ما سينتج عن بيت الوسط وعين التينة ليُبنى على الشيء مقتضاه، ولا سيّما بعد التلويح بالاستقالة من مجلس النواب والمطالبة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

بحسب فريق الرئيس عون، يُفترض ألا يسبّب تسريب التشكيلتين، اللتين قدّمهما رئيس الجمهورية ميشال عون إلى البطريرك الراعي، أيّ إشكال مع الرئيس المكلّف، لأنّه يدرك تماماً أنّ عون لبّى رغبة الراعي في ذلك. ويشرح فريق عون أنّ الراعي، ضمن وساطته، طلب من رئيس الجمهورية أن يقدّم رؤيته للحلّ. وهكذا حصل. فقدّم عون تشكيلتين تبيّنان توزيع الحقائب والطوائف من دون الأسماء.

وفي موقف لافت من عاصمة الكثلكة في العالم، وبعد العديد من المواقف الداعمة للبنان، أعلن الحبر الأعظم البابا فرنسيس، في عظته يوم الأحد من الفاتيكان، أنّه سيدعو ممثّلين عن المسيحيين في لبنان للتحاور معهم حول مستقبل البلاد في تموز المقبل.

وفي المعلومات الأولية عن هذه الدعوة أنّها ستشمل رجال الدين المسيحيين  من كل المذاهب الكاثوليكية والارثوذكسية والبروتستانتية والمؤسسات الكاثوليكية من دون أن تشمل السياسيين حتى اللحظة، وهذا ما سيفتح نقاشاً على الساحة المسيحية حتى حصول اللقاء الفاتيكاني.