غيّب الموت المأسوف على شبابه المناضل القيادي التقدمي الرفيق عادل ذبيان، صاحب أجمل اطلالة رفاقية عرفتها فيه منتصف الثمانبنات في القرن الماضي حين كنا ولم نزل نستظل براية الحزب التقدمي الاشتراكي والمبادئ التي أرساها لنا المعلم الشهيد كمال جنبلاط وتحت قيادة الرئيس وليد جنبلاط.
يومها كان المشروع الوطني في أوج انطلاقته على مساحة ثلاثة أرباع هذا الوطن الذي أصبح اليوم مسرحا لتناتش الحصص والمغانم.في ذلك الوقت لم يكن هناك لا طائف ولا طوائف ولا مذاهب ولا صوت يعلو على صوت فرسان الحزب في ذلك الزمن الجميل، زمن التضحيات والبطولات والانتصارات، زمن تثبيت هوية لبنان العربية الوطنية، زمن انتفاضة بيروت وانتصار الجبل، زمن اسقاط اتفاق 17 ايار.
يومها كانت الكلمة الفصل في كل ما تحقق من انجازات لرئيس الحزب وليد جنبلاط رجل القرار وصانع الانتصار، فبعد تحقيق ذلك النصر سعى رئيس الحزب بحدسه ونظرته الثاقبة للامور الى انشاء الادارة المدنية لتنظيم ورعاية شؤون المناطق الخاضعة لنفوذ الحزب في الجبل وفي راشيا وحاصبيا مسجلا بذلك نقلة نوعية في السهر على راحة الناس وتلبية حاجاتهم وتوفيرها ما أمكن لصمودهم في مناطقهم بعيدا عن جبهات القتال، مستعجلا بذلك عودة الشريك المسيحي الى دياره لتكتمل معه صورة لبنان التعايش والتنوع في تلك الفترة الحرجة من تاريخ لبنان.
برز اسم المعتمد عادل ذبيان كواحد من الكوادر الحزبية الذين انيطت اليهم مهام تنظيمية ونقل توجيهات رئيس الحزب الى الفروع الحزبية والقاعدة الشعبية فكان عليه العمل على عدة خطوط تنظيمية وسياسية واجتماعية التي تتعلق بحياة المواطنين، مسجلا بذلك نجاحات لا تقع تحت حس في ذلك الوقت. كنت أشغل منصب مقرر اللجنة الشعبية في قريتي مرستي احدى قرى الشوف الاعلى ال 12 الذي كان الرفيق عادل مكلفا متابعة شؤونها وقضاياها بالاضافة الى مسؤولياتي في جهاز المعتمدية، أدركت يومها كم كانت المهمة صعبة وشاقة على عادل لكن ما كنت أرى فيه اي تذمر او انزعاج كونها تنطلق من واجب وطني وانساني وحزبي، بحيث جنّد نفسه لخدمة الحزب تماما كما يفعل كل رفيق حزبي مخلص فكان الحزب يومها أشبه بخلية نحل والاهم من ذلك ان الناس في تلك المناطق بدأت تتقبل هذا الواقع الجديد الذي عوضهم تقصير الدولة واهمالها لهم طوال عقود من الزمن.
كان عادل على احاطة تامة بالجهود التي يقوم بها امين السر العام المقدم شريف قياض والرفيق هشام نصر الدين وامين سر المكتب الفرعي في الشوف زاهر ابو شقرا، هذه الاقانيم الحزبية الثلاث كانوا مخولين بناء لاوامر رئيس الحزب ادارة شؤون هذه المناطق وكان المعتمدون ومن بينهم عادل ذبيان صلة الوصل بين القيادة والقاعدة واضعا كل طاقاته وامكاناته بتصرف القيادة لنقل المعلومة الحزبية بامانة واخلاص، ما دفع العديد من الرفاق الحزبين وانا واحد منهم الى نسج علاقة رفاقية صادقة مع عادل سرعان ما تحولت الى علاقة صداقة واحترام متبادل، بالنسبة لي يصعب محوها من الذاكرة.
بعد ارساء السلم الاهلي والشروع باعادة بناء الدولة والمؤسسات بموجب اتفاق الطائف ترك عادل العمل التنظيمي والتحق بوزارة العمل لكن علاقاته مع رفاق الدرب لم تنقطع على الاطلاق وبالاخص معي فكنا في كل جلسة او مناسبة نسترجع سويا ذكريات ذاك الزمن الجميل.
اليوم وفي زمن الانكسار الذي يعيشه اللبنانيون بكثير من القلق والخوف على المستقبل يغادرنا الرفيق عادل ذبيان ذلك الفارس الذي ترجل فجأة عن صهوة جواده تاركا لنا الحسرة والاهات.
عادل ذبيان وانت في عليائك ثق تماما ان لك في قلوب ونفوس رفاقك الكثير من الحب والحزن على غيابك. لن ننساك رحمك الله.