Advertise here

لقاء "التقدمي" و"القوات": ثبات العلاقة والتعاون المناطقيّ

26 أيار 2021 11:55:13

لا يشكّل الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب "القوات اللبنانية" ثنائية مرتبطة سياسيّاً، لكن أيّ ثنائية تجمعهما على صعيد موقف أو لقاء أو تعاون مشترك تنال اهتمام الأضواء على الطريقة العفوية. وتنطبق الحال نفسها على شخصَي وشخصيتَيّ رئيسَي "القوات" والتقدمي سمير جعجع ووليد جنبلاط أو ما يحلو للبعض تسميته بمعادلة (جيم - جيم)، رغم أنها لا تشكّل بالضرورة معادلة سياسية أو رياضية، بل مجرّد "كاريكاتور" في التعبير عن أيّ موضوع يربط الرجلين اللذين يحافظان على أسلوب تدوير الزوايا وتجنّب تأثير تبايناتهما السياسية على عناوين التلاقي التي لا تزال في غالبيتها تجمع حزبيهما منذ 2005.

ولم يكن اللقاء الذي جمع التقدمي و"القوات" قبل أيام بعيداً عن دائرة الضوء التي بحثت في أبعاده ودلالاته وتوقيته. وتفيد معلومات "النهار" أن التقدمي عرض فكرة عقد لقاء مع "القوات اللبنانية" التي بدورها لاقت الفكرة بحماسة وترحيب، مقترحةً الدعوة إلى عقد الاجتماع في مركز حزب "القوات" بدير القمر، بحضور منسّق الشوف جوزف تابت ومسؤولين مناطقيين. وحضر اللقاء عن التقدمي وكيل داخلية الشوف عمر غنام ووكيل داخلية الإقليم بلال قاسم ووفد من معتمدي المناطق الحزبية. وتأتي هذه الخطوة في إطار تفعيل التقدمي محرّكات عقد اللقاءات مع القوى الفاعلة في الجبل إنطلاقاً من مقاربة قائمة على ضرورة استمرار المشاورات مع غالبية الأحزاب الحاضرة في نطاق الشوف خصوصاً، في ظلّ حضور "الاشتراكيين" الواسع النطاق في منطقتي الشوف الأعلى والإقليم. وعُلم أن التقدمي سيَعمد إلى تفعيل مبادرات مع غالبية القوى والأحزاب في المرحلة المقبلة. وبعد الاجتماعين مع "القوات" وتيار "المستقبل"، يُرتقب عقد لقاءات في المرحلة المقبلة مع حزب الكتائب وحزب الوطنيين الأحرار والجماعة الإسلامية، إضافة إلى إمكان عقد لقاء مع "التيار الوطني الحرّ".

وتؤكّد أوساط التقدمي الحاضرة في الاجتماع على التواصل المستمرّ مع "القوات اللبنانية"، في ظلّ علاقة لم تنقطع في كلّ المفاصل التي تستوجب التنسيق. وتمحورت المبادرة حول تفعيل أرضية ومقاربة مشتركة في ما يتعلّق بالهمّ الاقتصادي والمعيشي والصحي للناس، رغم بعض التباين في وجهات النظر حول بعض الاستحقاقات السياسية على مستوى البلد، مع الإشارة إلى أن الاجتماعات المناطقية لا تتناول عملية تدوير الزوايا في الشؤون السياسية التي تبقى من المهمّات المحسوبة على القيادات الحزبية. وحرص المجتمعون على تأكيد الاستعداد للتدخل الثنائي الدائم في شتّى المفاصل. واستعرض اللقاء التقديمات الاجتماعية والصحية للحزبين على صعيد المنطقة مع وضعها في التصرّف المشترك.

وبدورها، تشير مصادر "القوات" الحاضرة في الاجتماع عبر "النهار" إلى أنّ اللقاء تناول بعداً اجتماعياً في إطار التنسيق بين الحزبين اللذين يعتبران فاعلين على صعيد الجبل، في إطار التنسيق خدمة للمجتمع في الظروف الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان والآيلة التي التدهور أكثر. وتذكّر بأن المصالحة التاريخية في الجبل قد أرست قواعد العلاقة بين الحزبين، وهي علاقة بين مُكوّنين كلٌّ لديه رؤيته في المواضيع السياسية اليومية المطروحة، مع الاتفاق على صعيد لبنان أولاً ولبنان الرسالة والعيش معاً، واعتبار الاختلاف في الرأي مصدر غنى للفريقين في وقت ينظر كلّ فريق من منظار ورؤية معيّنة.

وإذا كان اللقاء قد أثار اهتماماً لافتاً على مستوى وسائل الإعلام بعد المواقف الأخيرة التي أطلقها رئيس التقدمي وليد جنبلاط، إلا أن الموضوع ليس مرتبطاً بالتصريحات السياسية بل بلقاءات تحصل دوريّاً وتعمّم إعلاميّاً، مع الاشارة الى أن أجواء التقدمي رصدت أنّ الإعلام تعامل مع اللقاء الذي عُقد قبل أيام مع "القوات" بشكل مختلف، في وقت تشهد الظروف السياسية تبايناً في بعض المواقف. لكن التواصل لم ينقطع بين التقدمي و"القوات"، وهذا ما تلفت إليه مصادر مسؤولة في التقدمي في اشارتها إلى تأكيد جنبلاط في غير مناسبة على ضرورة الاستمرار في تفعيل قنوات التواصل المفتوحة والذي يحاول تكريسها في خطابه، بصرف النظر عن بعض التباينات في وجهات النظر مع جميع القوى السياسية. بمعنى أكثر وضوحاً، يرى التقدمي أنّ الانفتاح والحوار مع "التيار الوطني الحرّ" لن يكون على حساب العلاقة المتينة مع "القوات اللبنانية" أو على حساب مصالحة الجبل، التي يعتبرها بمثابة إنجاز تاريخيّ غير مسبوق. ويرى المصالحة فعل حياة يوميّ ولا يمكن لأي تباين في وجهات النظر أن يعيد الزمن إلى ما قبل توقيتها. وإذا كانت اللقاءات تحصل بشكل دوريّ مع "القوات" وعُلم أنها مستمرّة مع أكثر من فريق سياسي في المرحلة المقبلة، فإنّ المعطيات تفيد بأن جنبلاط يبحث عن تعبيد مسار التسوية مع جميع القوى من دون قطع العلاقات مع أحد ويسعى إلى تفعيل محركات الحوار في هذه المرحلة.

سياسيّاً، يلتقي التقدمي و"القوات" في مقاربة بعض العناوين العريضة لكتابة سطور المرحلة الحالية ويختلفان في مقاربة بعضها الآخر. ويتّفق المكوّنان في الملفات الداخلية حول ضرورة وقف التهريب وترشيد الدعم ومعالجة مشاكل قطاع الكهرباء واستقلالية القضاء، ويلتقيان استراتيجيّاً حول الموقف من النظام السوري. ويبديان كامل الحرص على المصالحة والتمسّك بالعيش الواحد. ويتباينان في النظرة إلى أولويات المرحلة، في وقت ترى "القوات" أن البند الأول يكمن في ضرورة الذهاب إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق القانون الحالي مع التأكيد على عدم القدرة على التوصل إلى حلول في ظلّ الأكثرية الحاكمة الحالية، فيما يشير التقدمي إلى مقاربة قائمة على ضرورة ولادة حكومة ببرنامج إصلاحيّ والمساهمة في وقف الانهيار مع معارضة إجراء انتخابات مبكرة وفق القانون النافذ.