Advertise here

بناء على بناء المصالحة في الجبل

27 آذار 2019 07:35:00 - آخر تحديث: 27 آذار 2019 12:25:21

يوم الأحد الماضي (24/3/2019) صدحت أصداء أجراس كنيسة "سيدة التلة" في دير القمر، وترددت في الودايا، والعرقوب، والمناصف، وإقليم الخروب، وعمت أطراف منطقة الشوف في ذكرى القديسة "رفقا".

وكان هناك في ذلك اليوم لبنان المتصالح على قاعدة المصالحة التاريخية التي تمت في الجبل، في دار المختارة، يوم زارها الكاردينال الماروني البطريرك نصرالله بطرس صفير في الرابع من شهر آب 2001.

على بَركة يوم دير القمر كانت "سيدة التلة" غارقة وسط حشود شعبية تقاطرت من مختلف مناطق الجبل، ومن الشمال، ومن بيروت، والجنوب، والبقاع، فكان يوما شبيها بيوم انتخاب كميل شمعون رئيسا للجمهورية يوم 23 أيلول 1952 باسم "الجبهة الإشتراكية الوطنية" التي كانت برئاسة كمال جنبلاط.

قليلا كان عدد الوجوه الباقية من سيدات ورجال الدير، من ذلك الزمن الذي يعود الى 67 سنة مضت.

لكن ذاكرة "ساحة البساتنة" و "ساحةالهنود" إستعادت ذلك اليوم والخط البشري الممتد من الدير الى "بيت الدين" جنوبا، ومن "المنشية" الى مطل كفرحيم غربا..

قليل أيضا عدد الذين يتذكرون من ذلك اليوم موكب كمال جنبلاط خلف موكب الرئيس شمعون، الذي ما ان وصل الى "المنشية" حتى وجد نفسه مرفوعا على الأكتاف حتى "ساحة الميدان"، وهذا ما لم يحصل للرئيس شمعون إبن الدير رئيس الجمهورية لأنه كان في سيارته الرئاسية المحوطة بفرقة الحرس الجمهوري. وقد سبقت الموكبين سيارة "جيب" ترفع علم لبنان، وعلم الحزب التقدمي الاشتراكي، وعليها مكبر صوت يطلق حداء شعبيا مدويا:

بالدير شعشع يا قمر
حيي البلاد وجيلها
بمحبتك ربي أمر
كمالها وكميلها

وعلى قمة درج الجناح الشمالي في قصر بيت الدين وقف الرئيس شمعون ليوجه التحية والشكر الى "شعب لبنان العظيم" والى "رجاله الأوفياء من أبناء الشوف" وكان كمال جنبلاط وأركان "الجبهة الاشتراكية الوطنية" هناك.

ذاك زمن مضى، بقيادته، وبجماهيره، وبمبادئه، وقضاياه، التي ما تزال تتنقل وتتوارث من جيل الى جيل، ومن زعامة الى زعامة، ومن قيادة الى قيادة، في الرئاسة، والوزارة، والنيابة، والوظيفة، وفي الموالاة، كما في المعارضة.

وكم كان صعبا على وليد جنبلاط الحاضر في قداس "سيدة التلة" ان يستعيد ذكريات مرّة، وقاسية، بأشد المرارة والقسوة من الفواجع التي رافقت استشهاد كمال جنبلاط في يومه، وكان الضحايا من الأبرياء، وقد تحولوا فداء مصالحة وطنية في الجبل، كما تحول كمال جنبلاط شهيد لبنان، والعروبة، والحرية، والديمقراطية، والعدالة لوطن يستمر في أداء الشهادة مع الحفاظ على الحلم.

من شهر المصالحة في الرابع من آب 2001 الى يوم القديسة "رفقا" في كنيسة "سيدة التلة" في دير القمر 24/3/2019 ثماني عشرة سنة هي خميرة بَركة، وتسامح، وايمان، على جبين الجبل..

...ويا جبل ما يهزك ريح.. ولا خطاب.. ولا تصريح.