Advertise here

حكومة من طراز آخر؟!

17 أيار 2021 13:45:32

لا مجال بعد اليوم، ان يكون الشعب في غُربة، وفي غيبوبة تامة عن الوطن نتيجة عدم وجود تأليف حكومة جديدة، مغايرة للحكومات السابقة، خصوصاً وأننا بأمس الحاجة الى حكومة تحمل هموم وشجون الوطن، في وقت الجميع متعطشون الى تحقيق أمنهم السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، علماً اننا كنا نتوقع ولادتها قبل شهور وشهور. وهذا، ما قد يجعل اللبنانيين في حلِّ من الانتماء الى هذا الوطن، خاصة وأن لا شيء يطمئن المواطن في هذا الوقت العصيب، حيث أن الفلتان سيِّد الموقف على كل الاصعدة والمستويات. فالاحتكار قائم على قدم وساق، والهجرة تلفظ أبناءنا الى ما وراء البحار، والغلاء فاغرفاه، والبطالة تلقي بظلالها على الجميع، والشعب يتلهّف لتأمين لقمة عيشه، والجوع يدق الأبواب، ولا من سميع او مجيب. في كل الاحوال، الشعب يترقب الحكومة الجديدة، ومن بعد بيانها الوزاري، الذي اذا ما ادى الى الانزياح عن الثوابت، وعن اشاحة النظر عن صيغة العيش المشترك، وعن تناسي دور لبنان العربي، وبالتالي، عن هذا العقد الاجتماعي الذي هو في اساس قيامة لبنان واستمراريته، فإنه قد يطيح بالوطن كل الوطن.

وعلى هذا، فأين نحن من التنمية، والاصلاح السياسي والاقتصادي؟ لقد كفر المواطن اللبناني، واصبح على قاب قوسين او ادنى من اليأس. فليس بنيَّة البعض معالجة الازمة الاقتصادية والاجتماعية، والحد من استفحالها، والتي قد تصل بالمواطن الى حد نزع ثقته وإيمانه بدولته واعطائها الاشارات مسبقاً، وقبل ان يدق ناقوس الخطر، لا سيما لجهة القضايا المصيرية، والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. فلنصبر، ولننتظر!

مهما يكن من أمر، فلا يعتقدن احد ان مهمة أي حكومة قادمة ستكون سهلة، خصوصاً وأنها ستولد في ظل مخاض عسير من التوترات الأمنية، والتدخلات الخارجية، والترديات الاقتصادية. وفي حال قيام حكومة متوازية، فلنسهّل عملها، ولنبدأ بالمساءلة في حال عجزها وتقصيرها، وعدم تنفيذ برنامجها. فالعبرة بالافعال، لا بالاقوال. إن ايَّ حكومة ستبصر النور، يجب ان تكون بمستوى طموحات الشعب والوطن، وعلى جانب كبير من الاحترام لجميع الفرقاء. وهنا، لا بدِّ من الاشارة، الى ان عمل الحكومة المرتقبة، اولاً وقبل كل شيء إرساء قواعد لتسوية سياسية نهائية، على قاعدة قانون انتخابي جديد، ومعالجة الوظعين الاجتماعي –الاقتصادي، وبسط الدولة سيادتها على كامل التراب اللبناني. فالجميع مسؤولون عن عودة لبنان الى ألقه، والى دوره الحضاري، بحفاظنا على تنوعه، وانفتاحه، وديمقراطيته، وصيغته الفريدة في هذا الشرق الكبير.

وبكلمة، المطلوب في القريب العاجل تأليف حكومة، خاصة وان الوضع لم يعد ليحتمل المزيد من التفسخ والتشرذم، بما ينذر بأيام عجاف. فلننهد الى المستقبل، ولنبتعد عن العزف على وتر الطائفية، والمصالح الشخصية. وفي هذا المجال، نعود فنذكر بالبحث عن وسائل للحوار، كما اكد مراراً وتكراراً الرئيس وليد جنبلاط، وصولاً للتوصل الى قواعد تسوية مشرفة تقي لبنان، وتحافظ على ديمومته ، فلا تعود تهتز ركائزه. هذا، وقد أثبتت الايام، ان لا امكانية لأحد الغاء الآخر، وانه لا قيامة للبنان الا بالاعتراف والقبول بالآخر، انطلاقاً من هذا التنوع، والتعدد، والانفتاح.

أقانيم ثلاثة كانت عِلَّة لبنان وسبب قيامته ووجوده. لذا، بات من الضروري، تسريع العملية الحوارية، ارساء لقواعد الاعتراف والاحترام كثابتتين لا يمكن التلاعب بهما، مهما عجَّت وضجَّت رياح مغايرة ومعاكسة.

واذا ما بدأنا مشوار الحوار، فإننا لا شك سنبني مداميك دولة العدالة والحرية... وسينهض لبنان بكل مقوماته ومكوناته.. 
فلبنان، لا يليق به الا ان يكون، هذا الألق وواسطة العِقد بين الجميع.. فهل ستؤلف حكومة من طراز آخر؟!