Advertise here

اليمن.. لماذا يصر الحوثيون على استمرار القتال في مأرب؟

16 أيار 2021 07:39:06

تلهث ميليشيات الحوثي ومن وراءها إيران بكل طاقتها لتحقيق انتصار في مدينة مأرب شمال شرقي اليمن، حيث تحشد من أجله طاقتها العسكرية والسياسية وتُفشل أي مبادرات للسلام تأتي من خارج طهران قد تعطلها عن هذا الحلم.

وتتركز المعركة بين الحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي في محافظة مأرب منذ فبراير الماضي، حتى وصف المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث ما يجري في مأرب بقوله "المعركة في مأرب نقطة ارتكاز هذه الحرب" في كلمته أمام مجلس الأمن فبراير الماضي.

ومنذ يومين أعلن الجيش اليمني أن ما لا يقل عن 40 من عناصر الحوثي لقوا مصرعهم، الخميس، بنيران الجيش اليمني ودعم القبائل، إضافة لقصف مقاتلات تحالف دعم الشرعية تعزيزات الميليشيا في جبهتي المشجح والكسارة وكبدتها خسائر في العدد والعدة، وفق ما نقله موقع "سبتمبر نت" التابع للجيش اليمني.

وسبق أن خرج أمين عام ميليشيا حزب الله اللبناني حسن نصر الله بدعم سافر للحوثيين في مأرب، فوجه لهم كلمة في فبراير الماضي، يحرضهم فيها على ما اعتبره "الصمود" في القتال للسيطرة على مأرب.

وحرض من وصفهم بـ"الصادقون والصامدون" على الثبات "لجني الثمار"، على أساس أن تحقيق تقدم للحوثيين في مأرب سيقوي موقفهم على طاولة المفاوضات في المستقبل، قائلا: "إن الصراخ قايم قاعد لحقونا يا جماعة موضوع مأرب إذا تمكنت هذه الجبهة (الحوثي) من استعداداتها هذا يعني أن تأثيراته على الحل السياسي الموعود ستكون كبيرة جدا".

فلماذا هذه اللهاث الإيراني باتجاه مأرب؟

تعد مأرب المدينة الوحيدة في شمال اليمن الباقية تحت سيطرة الحكومة الشرعية والجيش الوطني، بل هي مقر وزارة الدفاع، وتتخذها مقرا لعملياتها ضد الميليشيات منذ 6 سنوات، ووقوعها تحت سيطرة ميليشيا الحوثي سيعني سيطرتهم الكاملة على شمال اليمن.

وتقع مأرب بين صنعاء وحضرموت؛ ما يعني أن من يسيطر عليها قادر على التوسع ناحية حضرموت.

واقتصاديا فمأرب مدينة غنية بالنفط والغاز، إضافة لثقلها الحضاري والسياحي كأحد مكونات مملكة سبأ القديمة.

ويعلق نبيل عبد الحافظ، وكيل وزارة حقوق الإنسان في اليمن، على الحشد الإيراني باتجاه مأرب بأن تحركات الانقلابيين في اليمن مبنية على تعليمات حسن إيرلو، الضابط الذي كان أحد مساعدي القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وهذا الشخص وصل إلى صنعاء تحت مسمي "غريب" وهو سفير إيران في اليمن، وهو مطلق الصلاحيات.

ويشرح عبد الحافظ لـ"سكاي نيوز عربية" الدور الحقيقي لهذا الرجل، فيقول إن اليمنيين اليوم أصبحوا يدركون المسمى الغريب الذي جاء به "إيرلو" إلى اليمن، وترجمته الحقيقية أنه هو الحاكم العسكري القادم من طهران إلى صنعاء، فمنذ وطأت قدماه أرض اليمن أصبح القائد الحقيقي لكل العمليات العسكرية التي تقوم بها الميليشيات الحوثية.

ويستدل على هذا بأن "الرأس الآخر لإيران في المنطقة، وهو حسن نصر الله عندما قال إن حرب الحوثيين في مأرب من أجل تدعيم موقفهم التفاوضي إذا ما ذهبوا إلى مفاوضات"، منوها إلى أن "هذا التعبير يوضح مخطط إيران وأذرعها في المنطقة، وأن الجماعة تقاتل الآن في مأرب من أجل استمرار القتال لا من أجل سلام".

وعن خسائر الحوثيين في مأرب، رغم الدعم الإيراني الواسع، يقول عبد الحافظ: "عندما تنظر إلى ما يحدث في مأرب ستجد أنك أمام مشهد القتلى الذين يحصدون في العمليات العسكرية بأرقام مخيفة، وخلال الأربعة أشهر الماضية سقط من الحوثيين قرابة 20 ألف شخص ما بين قتيل وجريح، وإعلانهم أنهم خلال شهر رمضان سقط منهم 600 قتيل ليس صحيح؛ لأن المعلومات لدينا من واقع الجثث المرمية في الشعاب والجبال في تلك المناطق لا حصر لها".

ورقة ضغط

أمر آخر يعطي حلم السيطرة على مأرب، واستمرار القتال، أهمية كبيرة لإيران، وهو حسب عبد الحافظ أن "الحوثيين لم يوقفوا الحرب؛ لأن تمددهم وبقائهم هي ورقة في يد إيران تستخدمها للضغط في ملفاتها الأخرى في المنطقة وملفها النووي. فإيران تجعل من اليمن والعراق وسوريا ولبنان مجرد حصون وأسوار متقدمة لها".

ورغم ما يكبده الجيش الوطني للحوثيين من خسائر، إلا أنه بالنسبة للمسؤول اليمني ليس كافيا، فيقول إن الجيش يلزم "أن ينتقل من منطقة الدفاع إلى منطقة الهجوم"، وهذا يلزمه دعم دولي أكبر، وحينها "سيصل إلى مراحل متقدمة، بل ويصبح بإمكانه تحرير الحديدة وتعز والأجزاء المأخوذة من البيضاء وتحرير الجوفة كاملة، وهذا الانتقال إلى مربع الهجوم سيجبر الحوثيين على الحضور إلى طاولة المفاوضات في ظل انكسار عسكري حقيقي يجعلهم يبحثون عن ورقة البقاء".

تفشيل السلام

أمر آخر يكشف أن إيران ليست راغبة في سلام حقيقي في اليمن، وهو التصعيد الذي حدث في مأرب عقب إعلان السعودية مبادرتها للسلام في اليمن.

ففي مارس أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان مبادرة تتضمن وقف إطلاق النار تحت رقابة الأمم المتحدة، واستئناف المحادثات السياسية، وفتح جزئي لمطار صنعاء الدولي.

وبحسب وصف سفير اليمن في بريطانيا، ياسين سعيد نعمان، في مقالة على صفحته في "فيسبوك" فبراير الماضي، فإن "الإيرانيين كانوا يعتقدون أن الخطة التي أعدت للسيطرة على مأرب، لن يحتاج تنفيذها سوى بضعة أيام. ولذلك رأينا كيف رد المسؤولون الإيرانيون على مشروع السلام ودعوة المبعوث، بعنجهية، وبوضع شروط فجة، كشفوا فيها ما كانوا يخفونه من تدخل مخزٍ في الشأن اليمني الداخلي".

وعلى حد وصفه: "إيران كذلك أخفقت في تحقيق نصر عسكري من خلال الهجوم على مأرب، لكنها نجحت في تقويض وتعطيل مسار السلام باليمن؛ إذ إن التصعيد في مأرب يهدد باشتعال الجبهات الأخرى، وتأجيج القتال".