Advertise here

الحدود على توتّر عالٍ.. والعتمة تزحف

15 أيار 2021 08:54:04

إذا كانت بعض معالم الاسترخاء الشعبي في مناسبة عيد الفطر توفّر مسحة إيجابية ولو عابرة، فإن فسحة فرصة العيد آذنت على النهاية والعودة تالياً إلى الواقع المأزوم على مختلف الصعد وفي كل الاتجاهات.

فليس أدلّ على اتجاه لبنان نحو مزيد من التراجعات سوى اختفاء كل معالم الجهود والتحركات والمساعي السياسية التي كان يفترض أن تكون الآن في حركة استنفار استثنائية بكل ما للكلمة من معنى سواء في ما يتصل بملف الأزمة الحكومية أو في ما يتعلق بالوضع الطارئ على الحدود الجنوبية مع إسرائيل أو في ما يتعلق باشتداد الضغوط المعيشية والخدماتية على المواطنين. ومع ذل، فإن الشلل بلغ ذروته وتجاوز كل الحدود من خلال رؤية البلاد كأنها تسبح بالجاذبية بلا ربان وبلا حكم وبلا حكومة وبلا سلطة ولا سياسيين وبلا مؤسسات.

كل لبنان يتضامن بقوة وبصدق مع الفلسطينيين في مواجهتم للآلة الحربية الإسرائيلية التي تمعن تدميراً وقتلاً وتصعيداً مفرطاً في غزة، وتستهدف الأطفال والنساء والمسنّين، كما الرجال والشباب والمقاتلين. ومع ذلك، فإن الوضع الخطير في لبنان وما يقتضيه من حكمة ودراية وشجاعة ومسؤولية في إعلان الموقف الذي يميز بين التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني والتشدد في تحييد لبنان ومنع توريطه من أي جهة فلسطينية كانت أم لبنانية عن تداعيات المواجهات الجارية بين إسرائيل وغزة كان يفترض صدور مواقف مسؤولة عن مسؤولين يتحملون المسؤولية ولا يتهربون ولا يختفون ولا يدارون ولا يتركون الأمور رهن مفاجأت قد تكون على جانب كبير من الخطورة.

افتقر لبنان في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة إلى أي صوت أو موقف مسؤول تماماً، كما اختفت كل معالم السياسة والحركة السياسية والناس متروكون لأقدارهم وسط تنتمي المخاوف من أن يشكل التوتر على الحدود الجنوبية عاملاً من عوامل زيادة الاخطار التي تحدق بلبنان.

ولليوم الثاني، شهدت الحدود اللبنانية- الإسرائيلية توتراً، غداة إطلاق ثلاثة صواريخ مساء الخميس من سهل القليلة، وأدى التوتر الجديد، أمس، إلى استشهاد شاب لبناني وجرح آخر لدى محاولة مجموعة متظاهرة عند بوابة فاطمة على الشريط الحدودي عبوره الى الجانب الإسرائيلي.

وطغيان التطورات الحدودية على المشهد الداخلي لم يحجب الاستحقاق الداهم في بدء زحف العتمة الشاملة على لبنان مع توقف إنتاج بواخر توليد الكهرباء أمس. وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أنه صباح أمس الجمعة، قامت البواخر التركية في معملي الذوق والجية بتوقيف كل المولدات العكسية لديها مما أدى إلى إنخفاض القدرات الإنتاجية الإجمالية المتوفرة على الشبكة الكهربائية اللبنانية بحوالي 240 ميغاواط. وبالتالي، عملت المؤسسة على تشغيل بعض المجموعات الإنتاجية في معملي المحركات العكسية في الذوق والجية ورفع قدرة معمل الذوق القديم ووضع مجموعة إنتاجية في معمل صور الحراري مما سيوفر 130 ميغاواط إضافية على الشبكة وذلك تعويضًا عن جزءً من النقص الحاصل جرّاء توقيف البواخر التركية لكل مجموعاتها الإنتاجية".

وأضافت: "مع الإشارة إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان، وعطفًا على بيانها السابق قد اضطرت إلى اتخاذ إجراءات إحترازية من خلال تخفيض قدراتها الإنتاجية في كل معامل الإنتاج بما يتناسب مع خزين المحروقات المتوفر لديها ومن أجل الحفاظ على التغذية الكهربائية لأطول فترة ممكنة، وذلك لحين البت بموضوع الطعن المقدّم في القانون الرقم 215/ 2021 (قانون منح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 300 مليار ليرة لتأمين حاجتها من الفيول)".