Advertise here

آمن بأنه لا يجوز أن يكون الدواء أكثر مرارة من المرض وقدّم استقالته بعد رفض مشروعه

وزير شجاع حارب احتكار الدواء والأرباح الخيالية للتجار... من هو اميل بيطار؟

14 أيار 2021 10:45:34

رغم مرور عقود على تولّي إميل بيطار منصب وزير للصحة، الا أن اسمه لا يزال يُستحضر باستمرار، لا سيما معركته في وجه المحتكرين والتجار، محاولا تجريدهم من سلاحهم الذي لا يزال فاعلاً الى يومنا هذا للأسف، والمتمثل بالوكالات الحصرية.

فمن هو اميل بيطار الذي أقلقهم الى هذا الحد؟ وماذا كتبت عنه "الدولية للمعلومات" في شباط من العام 2014؟

ولد إميل بيطار في بلدة كفيفان، قضاء البترون، في العام 1931 ووالده يواكيم بيطار الذي كان نقيباً سابقاً لمحامي الشمال ونائباً سابقاً عن البترون في العام 1937 وحتى أيلول 1939 عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية وتم حل مجلس النواب.

تلقى علومه في مدرسة الفرير في طرابلس ثم انتقل إلى مدرسة الآباء اليسوعيين في بيروت، ودرس الطب في جامعة مونبليه في فرنسا وحاز تخصصاً في أمراض الروماتيزم.

بدأ في ممارسة الطب والاھتمام بقضايا القطاع من حيث الطبابة والاستشفاء والدواء، وأسس الجمعية اللبنانية لمكافحة الروماتيزم.

عين وزيرا للصحة العامة في الحكومة الأولى في عھد الرئيس سليمان فرنجية التي شكلھا الرئيس صائب سلام وعرفت باسم حكومة الشباب (كونھا ضمت وجوھاً شابة من أھل الخبرة والاختصاص)،

وصوله إلى ھذا المنصب، كان أول وزير من البترون، أتاح له متابعة الملفات الطبية الشائكة لا سيما ملف الدواء حيث تتحكم بالسوق شبكة من المستفيدين المحتكرين الذين يرفعون الأسعار بما يرھق المرضى، وفي سبيل مكافحة ھذه الشبكة وضع خطة صحية في جلسة عقدھا مجلس النواب عند الساعة السادسة من مساء يوم الثلاثاء في 14 كانون الأول 1971 وكانت مخصصة لمناقشة سياسية الحكومة العامة، وعرض البيطار خطته الصحية.

الخطة الصحية
قال البيطار في عرض خطته:
"سأقسم بياني إلى قسمين:
الأول عام ويتعلق بالأعمال التي أنجزتھا في شتى الحقول الصحية، والثاني خاص بقضية الدواء".

السياسة الصحية العامة:
لن أطيل في تفصيل ما حققته حتى الآن في وزارة الصحة منذ تسلمي مسؤوليتي، وقد سبق أن فصلت ذلك مراراً في
مؤتمرات صحفية ولكني سأكتفي بإيراد عناوين تلك الأعمال:

رفع موازنة الصحة العامة لعام 1971 بنسبة 36 بالمئة.

جعل المستشفيات الحكومية تعمل 24 ساعة في اليوم وتوفير الإمكانيات البشرية والفنية اللازمة لذلك.

تعزيز المستشفيات الحكومية لكي تصبح مراكز علاجية وعلمية ذات مستوى رفيع.

تحديد ساعات المستخدمين في المستشفيات الحكومية 48 ساعة بدلاً من 36 ساعة عمل في الأسبوع، وتأمين
الدوام اللازم في أيام الآحاد والأعياد ورفع بدل أتعاب الممرضات القانونيات.

إقرار مبدأ التفرغ للفنيين في المستشفيات الحكومية والمختبر المركزي والإدارة.

تسھيل دخول المرضى إلى المستشفيات الحكومية بإلغاء جميع المعاملات الإدارية.

الاھتمام بالوقاية كقاعدة أساسية في الشؤون الصحية وإنشاء المراكز الصحية في المراكز القطبية للاھتمام بالتلقيح ومراقبة النساء الحوامل والأطفال والمعوقين وتصحيح المحيط.

إلغاء السعر التقديري السري في جميع مناقصات وزارة الصحة.

ولن أتكلم عن العشرين بنداً من التحقيق لأصل بسرعة إلى قضية الدواء.

قضية الدواء:
وأصل الآن إلى قضية الدواء،
لقد انصب اھتمامي في بداية الأمر على تأمين نزاھة مناقصات الأدوية التي تجريھا وزارة الصحة العامة، وعلى دعم تنفيذ فرع الضمان الصحي في صندوق الضمان الاجتماعي.

وفي أثناء بحث ھذه المسألة الأخيرة تبين لنا أن تكاليف الدواء للمضمونين تأتي في طليعة أعباء الصندوق إذ تبلغ 35 بالمئة منھا.

ورغبة في تخفيف ھذا العبء رأت إدارة صندوق الضمان ضرورة استيراد الأدوية مباشرة، إلا أن نقابة مستوردي الأدوية وقفت بوجھھا لا بل قاطعتھا.... عندئذ وبناء على طلب نقابة الصيادلة عقدت عدة اجتماعات ضمت مدير الصندوق ونقابتي الصيادلة والمستوردين لكي نجد حلاً عادلاً للخلاف القائم. ودامت المساعي قرابة ثمانية أشھر كنت خلالھا أتبادل الرأي مع نقابتي مستوردي الأدوية والصيادلة.

وعلى أثر ذلك، وتماشياً مع السياسة التي كانت قد وضعت أسسھا في قرارات أصدرھا وزراء الصحة السابقون ولاسيما منھا القرار رقم 355 تاريخ 5/5/1967 والقرار 151/1 تاريخ 26/6/1962 والقرار رقم 119/1 تاريخ 7/5/1958  وهي تسعى كانت كلھا تسعى لضبط الاتجار بالدواء حفاظاً على مصلحة المواطنين مع مراعاة مصلحة الصيادلة والمستوردين معاً. وتماشياً مع تلك السياسة المتواصلة
أصدرت القرار رقم 1/361 بتاريخ 31 تموز 1971 الرامي إلى تخفيض سعر الدواء تلبية للمطالب الشعبية الملحة وتأميناً لمصلحة المرضى.

أيھا السادة النواب
منذ اللحظة الأولى قادت خطواتي في قضية الدواء اعتبارات اجتماعية إنسانية أھمھا أنه لا يجوز اعتبار الدواء سلعة يتم تداولھا على أسس تجارية صرف، وأنه على المجتمع أن يولي جودة الدواء وجعله في متناول المواطنين إتماماً كلياً، ولا يتم ذلك إلا بضبط وتنظيم وتنسيق الاتجار به على أساس من العدالة والمنطق. وكانت تتردد في خاطري عبارة العلامة روبيه عندما قال: ”لا يجوز أن يكون الدواء أكثر مرارة من المرض“. وفي طليعة التدابير التي تفرضھا ھذه النظرة تأمين العلاج ناجحاً على أكمل وجه ورخيصاً قدر المستطاع. وھذا ما ھدف إليه القرار 361.

أما المبادئ التي بني عليھا القرار المذكور فھي التالية:
اعتماد سعر مبيع المستحضر من العموم في بلد المنشأ كأساس لتحديد سعر مبيعه من العموم في لبنان.

اعتماد سعر فاتورة الاستيراد وإذا ظھر تباين بين السعرين يعتمد السعر الأدنى.

وسأقدم لكل نائب نسخة عن ھذا البيان ونسخة عن الأسباب الموجبة للقرار رقم 361.

وھذا ما جاء في الأسباب الموجبة للقرار 361. إلا أنه بعد الإمعان في الوضع الراھن والقيام بدراسات وافية ثبت أن ھنالك ثمة أموراً لم تنل اعتباراً كافياً على الرغم من أنھا تشكل عاملاً محسوباً لتخفيض سعر الدواء وبعض ھذه الأمور:

أولاً: تخفيض 7.5 بالمئة مصاريف الشحن حيث ان ھذه التكاليف لا تزيد عن 5 بالمئة ھي في الحساب ثلاثة أو ثلاثة ونصف بالمئة الى الأربعة فوضعناھا 5 بالمئة. وھناك أصناف تأتي بواسطة القطار، يعني انھا لا تدفع الرسم البلدي، وھذه ال 5 بالمئة ھي زيادة في الربح. كما ان معظم الأدوية تأتي بالقطار أي أنھا لا تدفع 5 بالمئة الرسم البلدي وھذا ما يعتبر ربحاً للمستورد.

ثانياً: إغفال حسم الموزع في بلد المنشأ عند تحويل أسعار المبيع ھنالك، إلى سعر المبيع في لبنان، حيث أن الأخذ بھذا
الحسم من شأنه أن يدني قيمة التحويل بنسبة متوسطة قدرھا 12 بالمئة.

حضرة الزملاء، والدليل الواضح على تواطؤ بعض المستوردين من الفبارك ما جاء اليوم ھذا الصباح في جريدة الاوريان- لوجور عن لسان أحد ممثلي الفبارك الفرنسية وأتلو أمامكم ما جاء:

”إن سعر البيع في لبنان كان محدداً ومرتبطاً بسعر الدواء في كان في فرنسا“.

يعني، مثل بسيط، دواء في فرنسا ثمنه 5 ليرات، يربح الصيدلي ليرة، فكانت الوزارة تعتبر أن سعر المنشأ أربع ليرات. فقلنا نحن، لا، الصيدلي يربح ليرة والموزع يربح أيضاً ليرة، إذن، سعر المنشأ ثلاث ليرات.
ھذه الـ 12 بالمئة التي بسببھا زعل المستوردون، علماً بأنني شخصياً اطلعت على مسودة كتاب المصانع الافرنسية قبل وصول ھذا الكتاب إلى وزارة الخارجية.

ثالثاً: كما أنه لابد من تقييم ما تمنحه المصانع المنتجة للمستوردين من وسائل ترويج لأصنافھا في لبنان بالإضافة إلى ما ينالونه من منافع لقاء تمثيل ھذه المصانع عندنا.

فلا غرابة إذن في أن يكون القرار الحالي قد أعاد النظر بقاعدة التحويل السابقة التي كانت:
160-100 للمستحضرات الصيدلانية الجاھزة.
150-100 للمستحضرات البسيطة أو المضاف إليھا فيتامينات.

وليس ذلك سوى تصحيح أوضاع. يعني أن الدواء الذي كان سعره ليرة كان يباع في لبنان بـ 160 قرشاً و150 قرشاً يأخذ منه 16 بالمئة و20 بالمئة المستورد ويأخذ 25 بالمئة عن سعر المبيع بالعموم الصيدلي.

جئنا نحن وأعطينا على سعر الكلفة، يعني: الدواء الذي سعره 100 يربح عليه المستورد 10 عشرة قروش بناء على أنظمة الاقتصاد الحر الموجودة في لبنان، والتي تقول أن كل دواء مستورد من الخارج من دولة غير متاخمة للبنان، ربح المستورد يتراوح بين 5؟ و20؟ فأعطيناھم 10 بالمئة. وأعطينا فوق ذلك 30 بالمئة للصيدلي.

والآن أقول ببساطة كلية لماذا جئت لأطرح الثقة اليوم؟
ابتدأوا بالتھويل بأن المصانع لن تقبل بھذه الأسعار، وبناء على القانون الصادر سنة 1950 الذي ينص صراحة بأنه يحق لوزير الصحة أن يضع سعر الدواء بعد موافقة وزيري المال والاقتصاد الوطني وأخذ رأي نقابتي الصيادلة والمستوردين. سلمت ھذا القرار الى وزير الاقتصاد الوطني فبقي معه ثلاثة أسابيع ووافق عليه كلياً. وسلمت ھذا القرار لوزير المال فبقي معه أكثر من أسبوعين ووافق عليه كلياً. وصدر القرار وابتدأ التشويش ونحن الآن في معركة التشويش. فأمام ھذه المعركة، أي إنني اعتبر أن معركة الدواء ھي معركة مبدأ لا تتجزأ تمر الآن في أدق مراحلھا إذ أن المستوردين يريدون أن يظھروا للرأي العام بأنھم أقوى من الدولة.

فأنتم ممثلو الشعب، المطلوب منكم اليوم إما أن تقروا بأن الدولة ھي أقوى من المستوردين أو أن المستوردين ھم أقوى من الدولة. وفي أي حال ارجو الاصغاء. أما ما قيل بخصوص فقدان الدواء فأود أن أؤكد لكم أن الأقاويل في ھذا المضمار جاءت مفتعلة ومضخمة في معظمھا لتشويش الرأي العام وإشاعة البلبلة، وفي أي حال، عندما نخوض معركة مبدئية كھذه تتعلق بالصحة العامة وسلامة المواطنين فلا يجوز أن نجعل من بعض العقبات الناجمة عن رغبة بعض المستوردين في الاحتفاظ بأرباحھم الفاحشة كما بينا، سبباً للتراجع.

فقد فكرت خلال فترة بالاستغناء عن بعض المستحضرات المستوردة من ھذا البلد أو ذاك دون ان يؤدي ذلك الى الاضرار بالمريض، لأنكم تعلمون جميعاً أن العلاج نفسه ينتج له مستحضرات مزاحمة في عدد كبير من البلدان لا تقل فعالية بعضھا

عن بعض. فما يتعذر حيناً استيراده من فرنسا أو سويسرا يمكن استيراد نظيره من بلدان أخرى وبوفرة كافية. وھناك الخبراء الذين أتوا بالأدوية المماثلة للأدوية التي سوف تفقد، وھنا تعھدات خطية من بعض مستوردي الأدوية للأدوية الافرنسية، يتعھدون بتأمين السوق بجميع الأدوية الفرنسية.

وأنتم تعلمون أن معظم بلدان العالم لا تستھلك ضمن حدودھا إلا المستحضرات التي تنتجھا ھي مما يعني انھا تستغني
عن مستحضرات البلدان الأخرى، علماً بأن في الدانمرك لا يوجد إلا ثلاثة آلاف صنف دواء، في النمسا أربعة آلاف صنف دواء، في اسوج ستة آلاف صنف دواء.

القرار أوضح شيئاً كنا نجھله أنه يوجد في لبنان فقط ثمانية آلاف صنف دواء مسجل في الوزارة، ويوجد طبعاً أدوية داخلة وھي غير مسجلة في الوزارة.

ھذا، مع تأكيدي الصريح بأنني أرحب اليوم وغداً بأن تدخل إلى أسواقنا وأبقى، مستحضرات جميع الدول، وأن القانون الذي صدر مؤخرا بالمرسوم رقم 1777 تاريخ 1971/12/8 والذي يطلب إلى المستوردين إعادة تسجيل مستحضراتھم ھي مناسبة

جديدة نقدمھا لإثبات حرصنا واستعدادنا لقبول جميع أنواع الأدوية اياً كان مصدرھا ما دامت تحظى بالجودة اللازمة وتنطبق على أحكام القوانين والأنظمة المرعية في لبنان. علماً بأنه في جميع دول العالم تخضع جميع الأدوية إلى تسجيل جديد كل سنتين او ثلاثة سنوات.

وبالمناسبة أود أن يعلم حضرات النواب أن عدداً مھماً من المستوردين قد حضر إلى وزارة الصحة وصرح خطياً عن استعداده للتقيد بأحكام القرارات التي صدرت وتأمين الدواء بوفرة. وأن ھنالك عدداً جديداً من طلبات فتح مستودعات قد وردت إلى الوزارة في الآونة الأخيرة. كما أود ان أؤكد لكم أن قضية الدواء ليست أبداً قضية خلاف بين شخص الوزير والمستوردين بل ھي خلاف بين المستوردين وبين مصلحة مجموع المواطنين وصحتھم. ولا شك إنكم أمام قضية كھذه سوف توافقون أنه يتوجب علي تقديم مصلحة مجموع المواطنين على بعض مصالح الأفراد الخاصة، لاسيما عندما تكون مصلحة المستوردين مؤمنة بشكل عادل.

ومن ضمن الخط نفسه لقد أعدت دوائر وزارتي أول دليل عام للأدوية المتداولة في لبنان بأسعارھا الجديدة وھو قيد الطبع وسيتمكن المواطنون من أن يستحصلوا عليه. مع العلم أن عدد المستحضرات لا يتجاوز الـ 7500 مستحضراً مستورداً و800 مستحضرا مصنعاً محلياً.

أيھا السادة النواب الكرام،
إن سياستي في وزارة الصحة لاسيما فيما خص الدواء نابعة من قناعتي العميقة بأن ما قمت به يتفق اتفاقاً كلياً مع مصلحة الشعب اللبناني وقد استندت في كل أعمالي إلى ثقته وثقة مجلسكم الكريم التي عبرتم لي عنھا بالإجماع في جلسة 12 اب سنة 1971.

أما اليوم وقد جاءني المستوردون. وأعلنت نقابتھم البيان التالي، وأريد أن اقرأه امامكم لأنه من الأھمية بمكان:
اولاً: في الساعة العاشرة من يوم الثلاثاء الواقع في 14 كانون الأول 1971 وبناء لموعد سابق مع معالي وزير الصحة اجتمعت نقابة المستوردين بمعالي الوزير بحضور الدكتورة فوزية نصولي عفيفة رئيس مصلحة الصيدلة، وذلك لإيجاد حل تفادياً للازمة الناتجة عن فقدان بعض الأدوية بسبب امتناع بعض المصانع الأجنبية تصديرھا إلى السوق اللبنانية.

بعد أن صدر القرار 361 جاؤوا كلھم وبنفس الوقت وعندما كنا نتفاوض معھم ورفعوا فواتيرھم جميعاً، جاءت الفواتير أكثر من السعر المحدد. إذاً، قالوا: صدقوا لنا على ھذه الفواتير. ما الغاية من ھذا العمل؟

يأتي سعر الدواء 10 ليرات ونصادق على فاتورة بـ 10 ليرات ونكون قد حددنا سعره بـ 8 ليرات ومن ثم يطلب ھو من مجلس الشورى ويقول أنه خسر ليرتين.

جئنا نحن وأصدرنا التعميم رقم 411 وقلنا لھم: كل فاتورة يجب أن تطابق السعر المحدد في لبنان.
فأجابوا: إن المصانع لا تقبل. فقلنا إذاً فعلاً المصانع لا تقبل ونحن سنصدق ذلك فكل ما نطلبه منكم أن تمضوا تعھداً أنه رغم وجود ھذه الفاتورة تتقيدون بالسعر المعلن في لبنان ولا تطالبون بأي عطل وضرر. فالبعض منھم تقدموا بالتعھد لأن الأدوية الموجودة لديھم ھي في الجمارك وفي مستودعات المرفأ وعندنا بيانات عن كمية الأدوية الموجودة في المرفأ.

واليوم يأتون بلعبة جديدة.

نحن لا نسيء النية تجاھھم، نحن تكلمنا معھم دائماً بصراحة ولكن لا يمكننا دائماً أن نتكل على حسن نية المستوردين.

قالوا أولاً: طلب معالي الوزير من مجلس النقابة السعي مع الشركات التي أعلنت توقفھا عن شحن الدواء والطلب إليھا
التضحية مؤقتاً لمواجھة قضايا اجتماعية ملحة حتى تتمكن الوزارة من ترتيب الأوراق الثبوتية التي تقدمھا المصانع.
ثانياً: بناء على طلب النقابة تعيين لجنة دائمة مشتركة لمعالجة الموضوع علمياً، اجاب معالي الوزير: بأن رئيسة مصلحة الصيدلة ورئيسة دائرة الاستيراد تشكلان اللجنة الدائمة لمعالجة جميع القضايا الناتجة عن تعديلات الاسعار أو غيرھا التي ستتقدم بھا المصانع. وبعد درس القضية من قبل رئيس النقابة تقرر تنويراً للرأي العام واطلاعه على مجليات الأمور يعلم مجلس النقابة بأنه سيعمل بكل الوسائل الممكنة تجاوباً مع معالي الوزير.
يعني ھالجماعة بعدھم يلعبون علينا! يعني، ”نحن الذي تريدونه، نعمله، ولكن المصانع لا تقبل“.

لذلك، أحببت أن أطرح الثقة اليوم بشكل واضح أمامكم والآن أنا أشكركم في الوقت الحاضر ولي الثقة بأنكم انتم ممثلو الشعب ستعطوني الثقة. ولكن القضية ليست قضية ثقة، القضية بند أساسي أتلوه أمامكم وعلى أساس ھذا البند اطلب الثقة.

أقول: إن فقدان المستحضرات الطبية الأساسية يشكل خطراً يھدد الصحة العامة والسلامة العامة، واعتزم صوناً للصحة
العامة والسلامة العامة اتخاذ مختلف التدابير الفورية والاستثنائية حتى التي لم تأتِ على ذكرھا الأنظمة النافذة، منھا سحب رخصة واسترداد رخصة الاستيراد ممن قد يتذرعون بعدم تمكنھم من توفير بعض المستحضرات لأسباب شتى.

دولة الرئيس، أنني اطرح الثقة بنفسي أمام ممثلي الشعب على ھذا البند الذي لم يؤت على ذكره في ھذا البيان والذي استطلعت رأي ھيئة القضايا والتشريع فقالت: انه قانوني.

لذلك، واثباتاً لذلك، وتأميناً للسلامة العامة أطرح الثقة بنفسي على ھذا البيان.

الاستقالة
لم يتجاوب مجلس الوزراء مع مشروع القانون الذي أعده الوزير بيطار والذي يخوله عند الضرورة القصوى سحب رخص استيراد الأدوية بغية توفيرھا. فقدم في 24 كانون الأول استقالته من الحكومة التي قبلتھا وكفلت الوزير ھنري طربيه مھام الوزارة.

في كتاب الاستقالة الذي رفعه إلى رئيس الجمھورية جاء فيه:

يؤسفني أن أؤكد لفخامتكم استقالتي الشفھية التي أعلنتھا خلال جلسة مجلس الوزراء يوم الأربعاء 22 كانون الأول الجاري إثر عدم تبني مشروع القانون المعجل المكرر الذي يخول وزير الصحة، عند الضرورة القصوى سحب رخص استيراد الأدوية، بغية توفيرھا، اتقاء لكل ما من شأنه الأضرار بصحة المواطنين والسلامة العامة. والذي نلت على أساسه تأييد إجماع النواب في جلسة المجلس النيابي المنعقدة بتاريخ 14 كانون الأول سنة 1971 ولم يصوت خلالھا على الثقة رسمياً لأسباب تعرفونھا تمام المعرفة. وبالمناسبة أود أن أؤكد أن سياستي كانت دائماً مستوحاة من البيان الوزاري الذي نالت حكومتنا الثقة على أساسه، ووضع في طليعة أھدافه تنظيم الاقتصاد الحر محافظة على أسسه السلمية. ھذا وإني اغتنم الفرصة لأعرب لشخص فخامتكم عن تقديري لحكمتكم السياسية، والإخلاص في العمل والنزاھة والنظرة للأمور الوطنية بروح التجرد. كما اتقدم منكم بشكري الجزيل على الثقة التي منحتموني إياھا خلال مدة تعاوني معكم، مما سھل علي انجاز ما حققته خلال ولايتي الوزارية. راجياً أن تتفضلوا بقبول فائق احترامي وتقديري.

توفي الدكتور إميل بيطار في 8 شباط 1988 عن عمر 57 سنة بداء صفراء الكبد من دون أن يحقق ھدفه. بكل بساطة أراد.

إميل بيطار أن يحد من أرباح مستوردي الدواء لانه اعتبر أن الدواء ليس مجرد سلعة تجارية، فھدد المستوردون بالتوقف عن استيراد الدواء وعندما أراد الوزير بيطار سحب تراخيص ھؤلاء عارضه مجلس الوزراء فاستقال احتجاجاً واعتراضاً، واستمر الدواء سلعة ترتفع كلفتھا على اللبناني بينما يحقق مستوردوھا أرباحاً خيالية ”لكن البيطار لا يزال اسماً ورمزاً في السعي لمكافحة احتكار الدواء“.