Advertise here

المجتمع السطحي

10 أيار 2021 16:05:00 - آخر تحديث: 10 أيار 2021 18:33:59

إن المجتمع ما هو إلّا نسيج اجتماعي من صنع الإنسان، يتألف من مجموعة من النظم والقوانين التي تحدّد المعايير الاجتماعية التي تترتب على أفراد هذا المجتمع من قيم ومبادئ.

الكثير من الناس عقولهم سطحية، يتصرفون أو يحكمون على الأشياء  دون معرفتها، ويريدون التحكم في حياة الآخرين، وهم غير قادرين على التحكم في حياتهم، وإذا رأوا الرجل الصريح والمحترم يقولون عنه غبي وبسيط. أمّا المنافق فهو بالنسبة لهم قدوة لأنه يمتلك القوة وأحياناً المال، ولديه القدرة على المحادثة بطلاقةٍ تامة أمام الجميع.  وإذا رأوا شخصاً لديه مرض يسخرون منه، أو من مرضه فيرمون عليه أبشع الصفات، ويتنمرون لأنه لا يستطيع فعل شيء سوى أن يشكوا.

الحكم على المظاهر هو علة المجتمع: عندما يرى الناس شخصاً يرتدي ثياباً أنيقة جداً، وشخصاً يرتدي ثياباً متواضعة، فعادةً يفضلون الشخص ذو المظهر اللبق، ويهملون المتواضع لأنهم انجذبوا إليه ويصفونه بأجمل الصفات. فإذا تحدّث عن موضوع يعرفه كل الناس، أو قدّم نصيحة، يتأثرون به. وعلى سبيل المثال قصة جامعة "ستانفورد بريدج" العريقة. ستانفورد كان طالباً في جامعة هارفرد، وتوفي في حادث سير فقام والداه بمقابلة رئيس الجامعة، وكانا يرتديان ثياباً بسيطة جداً، وطالبا بنصب تمثالٍ له في الجامعة، ووضع اسم ستانفورد عليه  تكريماً لذكراه. فسخر منهم رئيس الجامعة، وقال: هل أنتم مجانين لنقوم بمثل هذه الخطوة؟ يكلّف التمثال 7 ملايين دولار، فردّت الوالدة بأنه نفس المبلغ الذي كنا نفكر أن ننفقه من أجل بناء جامعة. كان الوالدان بالحقيقة أغنياء رغم تواضع ثيابهما فقاما ببناء جامعة ستانفورد، فخسر رئيس جامعة هار?رد الملايين بسبب حكمه على المظهر، ولم يصبر حتى إنهاء كلامهما.

والحالة مماثلة لأولئك الذين يحملون شهادات عليا وأشخاص لا يحملونها. الشهادة ليست سوى حبراً على ورق، ونحترم من ضحّى/ ضحّت كثيراً لنيل هذه الشهادات، لكن يجب عدم تمييز أو إهانة من لم يتعلّم.

لنعطِ أمثلة عن بيل غيتس وغيره، وهو من أسّس شركة مايكروسوفت، والشخص الذي تنبأ بجائحة كورونا، وثاني أغنى رجل في العالم. فهذا الشخص أثبت بأنه ليس كل شيء في هذه الحياة عبارة عن علم. وألبرت أينشتاين الذي يعتبر أذكى عقل بشري في القرن العشرين، وهو لا يحمل شهادة عليا، و كم من عددٍ هائل من خريجي الجامعات يتمنّون أن يصبحوا مثله.

في النهاية لا تدع الأشخاص السطحيين، أو الذين يحكمون على المظاهر يتحكمون بحياتك، لأننا أحياناً يجب أن نلوم أنفسنا لأنّنا نعطيهم مركزاً في اللجنة التحكيمية التي تتعلق  بأمورنا الحياتية، ونطلب رأيهم أو نصيحتهم، وها هو وباء كورونا جاء ليكشف جهلهم ويظنون بأنهم من صنع الوباء، ولا يتبعون الإرشادات. ففي زمن الماديات، أليس الجلوس بمفردك أفضل من الجلوس مع أشخاص ينظرون إلى ماركة حذائك قبل عقلك؟

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".