هل وصلت الأزمة إلى أقصى حدودها السياسية، فيمكن لها أن تقترب من الانفراج؟ هناك تجربة لبنانية ثابتة تشير إلى أنه عند لحظة اشتداد الأزمة، يمكن أن يشكّل ذلك متنفساً، أو مخرجاً، لتلافيها.
فعملية تشكيل الحكومة أمام أيام مفصلية جداً مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في رسالة أخيرة وحاسمة أيضاً بأنه لا بد من تشكيل الحكومة.
بلا شك أن الموقف الفرنسي لا يروق للرئيس سعد الحريري الذي يعتبر أن هناك إجحافاً فرنسياً في تحميله مسؤولية التعطيل بالتوازي مع تحميل المسؤولية لجبران باسيل، فيما يرفض الحريري منطق "كلن يعني كلن" الذي تتعاطى باريس بموجبه.
لبنان أمام ساعات حاسمة. هل يُقدم الحريري على تشكيل الحكومة في ضوء التطورات الحاصلة في المنطقة، فيحجز موقعه بالتسوية الآتية ويفرض نفسه على الطاولة، ولو أدّى ذلك إلى تقديم بعض التنازلات؟ أم أنه يعتذر، ويبدأ التحضير لخوض الانتخابات المقبلة، والتعاطي بطريقة مختلفة مع التطورات التي تشهدها المنطقة وسط تعقيدات في المشهد لا تشير إلى تسهيل مهمته. جدول أعمال لقاءات وزير الخارجية الفرنسية ومضمونها سيحمل الجواب بالتأكيد.
في المقابل، مفاوضات ترسيم الحدود، والتي تشكل العنوان الأساسي في هذه المرحلة، ويمكن أن تشكّل مدخلاً لحل الأزمات الأخرى، ستكون أمام خيارات حاسمة ومفصلية. خمس ساعات من الاجتماع الذي انعقد يوم الثلاثاء لم تؤدِ للوصول إلى نتيجة، إنما استمرت الخلافات بين الوفد اللبناني والوفدين الإسرائيلي والأميركي، طالما أن هناك إصرار أميركي- إسرائيلي على التفاوض ضمن مساحة 860 كلم، على أن يتم توزيع هذه المساحة على لبنان وإسرائيل.
لبنان رفض هذه الصيغة وأظهر ما لديه من خرائط، مطالباً بمساحة 860 كلم كاملة، وما هو أكثر من ذلك. وطوال ساعات المساء استمرت الاتصالات اللبنانية- الاميركية لترتيب جلسة التفاوض يوم الأربعاء واستكمال المفاوضات.
وبحسب ما تؤكّد المعلومات فإن لبنان يتمسّك بحقوقه كاملة، ويرفض وضع شروط للتفاوض أساسها الإلتزام بالتفاوض على مساحة 860. يريد لبنان الاحتفاظ بهذه المساحة كاملة، وتحقيق المزيد من المكاسب فوقها، أهمها حماية الحقول النفطية في عمق البحر التي تمتد من هذه المساحة نحو مساحة أعمق، أي جنوب الخط 23.
جلسة التفاوض السادسة متى عُقدت ستكون مفصلية لإيضاح مسار التفاوض، إمّا من خلال الوصول إلى حلٍ، أو العرقلة أكثر والتي لا يريدها الطرفان.