Advertise here

الجزائريون يرفضون التمديد لبوتفليقة ويخشون تدخل الجيش

24 آذار 2019 22:55:09

للجمعة الخامسة على التوالي جدد الجزائريون مطالبهم بتغيير النظام  ورحيل الرئيس بوتفليقة في تظاهرات حاشدة سلمية عمت مختلف ولايات ومدن الجزائر. وقدرت أعداد المتظاهرين في الجمعة الخامسة بأكثر من عشرين مليونا في كافة انحاء البلاد التي يبلغ عدد سكانها ما يقارب 42 مليون نسمة.

الحراك الشعبي الجزائري الذي انطلق منذ 22 شباط الماضي، وضع البلاد أمام خيارات مصيرية، ومستجدات متسارعة، لا سيما في خيارات أحزاب السلطة وقوى النظام التي تحكم البلاد منذ الانقلاب العسكري الشهير الذي قاده الرئيس بومدين، فإعلان قيادة أركان الجيش والأحزاب الحاكمة (حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الديمقراطي)، الذين أعلنوا مساندتهم لمطالب الشعب ووصفوها بالشرعية، في خطوة تحولية وصفها بعض المتابعين للحراك الجزائري بالالتفافية على المطالب الشعبية، لا سيما المطالبة برفض تمديد العهدة الرابعة لبوتفليقة التي تنتهي في 28 نيسان المقبل، خاصة بعد إعلانه تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 نيسان المقبل، الى ما بعد تشكيل الندوة الوطنية التي لم يحدد موعدها بعد.

وفي الجمعة الخامسة بدا مستوى التعبئة شبيها بما حدث في الجمعتين الماضيتين، لم يمنع هطول الأمطار الكثيفة المتظاهرين من الخروج إلى شوارع العاصمة الجزائرية للمطالبة برحيل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حيث غصت الشوارع المؤدية إلى ساحة البريد الكبرى وسط الجزائر العاصمة التي باتت مركز الاحتجاجات. وامتدت تظاهرة حاشدة على كيلومترين في جادة رئيسية تؤدي إلى ساحة البريد الكبرى وسط إيقاع الطبل والمزمار. كما اجتاحت الحشود العديد من الطرق المجاورة.

وكما في الأسابيع السابقة ارتفع العلم الجزائري (بألوانه الأخضر والأبيض توسطه نجمة وهلال باللون الأحمر)، في كل مكان بين المتظاهرين بأياديهم وعلى أكتافهم وعلى شرفات المنازل، وأنشد المتظاهرون من نساء ورجال والكثير من الأطفال، الأهازيج والاغاني الشعبية الجزائرية التي اعتادوا تردادها منذ انطلاق الاحتجاجات، وتمحورت الشعارات التي رفعت في المسيرات، حول فكرة واحدة ترفض المقترحات والإجراءات التي تقدمت بها السلطة لترتيب شؤون البلاد، كما رفضت الشعارات أن يكون لرجال النظام أي دور في المرحلة الانتقالية، ومن اللا فتات التي رفعت "يتنحوا.. (ليرحلوا جميعهم)"، "لا للتمديد"، "لا حلول خارج الدستور".

وفي وسط العاصمة الجزائرية أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، الذين حاولوا السير باتجاه القصر الرئاسي، بعد أن نجح عدداً منهم في كسر الطوق الأمني الذي فرضته قوات مكافحة الشغب، حيث لوحظ انتشار غير مسبوق لقوات الشرطة.

وفيما أعلن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، دعمه لـ"مسيرات الشعب"، من أجل الوصول لخارطة طريق تؤدي لحل الأزمة في البلاد، بعد ساعات من إعلان حزب التجمع الوطني الديمقراطي دعمه للاحتجاجات الشعبية ، وهما عضوان في الائتلاف الحاكم، تحدثت تقارير إعلامية جزائرية، أن الرئيس بوتفليقة سيتنحى ويغادر قصر المرادية يوم نهاية ولايته في 28 نيسان المقبل، حذر خبراء دستوريون من خطورة أي فراغ قد يحدثه رحيل بوتفليقة عن الحكم، دون انتخاب رئيس بديل أو تمديد ولاية الرئيس بصورة غير دستورية، مذكرين بمرحلة "التي قام فيها الجيش بخرق الدستور عمداً، حين اتخاذ إجراءات لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التيفاز فيها الإسلاميون علم 1991"، والتي أوصلت الحكم الى حالة غير دستورية، ولا ينظمها أي تشريع، ما اضطر المجلس الدستوري تسليم السلطة، في حينها للمجلس الأعلى للأمن، الذي أنشأ بدوره المجلس الأعلى للدولة، برئاسة المرحوم محمد بوضياف، الذي أوكلت إليه صلاحيات رئيس الدولة"، والتي أدت الى اغتياله صيف 1992، عندما كان يلقي خطاباً بشرق البلاد.

مصادر مطلعة رأت أن البلاد دخلت في أمة خانقة، خاصة وأن "الدستور الحالي لا ينص على مخرجات للأزمة الحالية، بل ينص على حلول للحالات الاستثنائية المتعلقة بشغور منصب الرئيس، نتيجة الاستقالة، أو العجز بسبب المرض أو الوفاة، وزيادةً على قصوره في وضع الحلول للأزمة الحالية، فإنه يعاني من تلاعب الرئيس بوتفليقة المستمر به، من خلال إصداره مراسيم تشريع رئاسية للالتفاف عليه". 

ما يمكن القول إن هذه المراسيم، عطّلت الدستور بشكل كامل، لدرجة أنه خرج عن مساره السيادي ليصبح غير قابل للتطبيق".

في ظل تلك الأزمة الدستورية، وتحت ضغط الحراك الشعبي المتواصل، قررت الرئاسة الجزائرية الإبقاء على الطاقم الحكومي، لتصريف الأعمال الجارية، بعدما وجد رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي صعوبة كبيرة في تشكيل حكومة جديدة، بسبب رفض رموز من المعارضة الحزبية والسياسية، ومن الحراك الشعبي، تولي وزارات ومسؤوليات حكومية، قبل تحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية وانتقال البلاد الى نظام جديد.

وقالت مصادر قريبة من الحكومة أنه نتيجة رفض المعارضة المشاركة في الحكومة الجديدة، بات من المستحيل تأسيس (ندوة وطنية) تبحث مسودة دستور جديد، وتحدد تاريخ انتخابات رئاسية قبل انتهاء ولاية بوتفليقة، وهذا ما بدا واضحا من خلال الاجتماع الذي عقده الرئيس المكلف تشكيل حكومة جديدة نور الدين بدوي للاجتماع بالفريق الحكومي الذي كان يقوده أحمد أويحيى، وطلب من أعضائه مواصلة العمل إلى غاية تشكيل حكومة جديدة، ونقل عن بدوي قوله إن "شؤون البلاد لا ينبغي أن تتوقف خصوصاً أن شهر رمضان على الأبواب، ولا بد من التحضير له كما تعودت الحكومة على ذلك كل سنة".

من جهة أخرى وفي السياق عينه، ثمنت أوساط جزائرية عديدة، موقف قائد أركان الجيش الجزائري الداعم للحراك الشعبي، فيما أعربت أوساط أخرى عن قلقها من أن تتولى قيادة الجيش قيادة البلاد بعد انتهاء عهدة الرئيس الرابعة في 28 نيسان المقبل، ما قد يعيد البلاد الى حالة الطوارئ التي دخلتها بعد حل البرلمان عام 1991، ما يشكل التفافا على الحراك الشعبي وتقويضاَ، لمحاولة الاستنهاض الوطنية التي اطلقها الحراك الشعبي، لإخراج البلاد من حكم مافيا الفساد المتمركزة حول الأجهزة الأمنية المختلفة.