ستة عشر عاماً مرّت على إنسحاب الجيش السوري من لبنان عقب انتفاضة الاستقلال، يوم تحرر اللبنانيين من وصاية مباشرة دامت سنوات، وأذاقتهم مرارات لا زالوا يعيشون تداعياتها إلى يومنا هذا.
اعتقد اللبنانيون حينها وهم يشاهدون أرتال الدبابات والآليات المنسحبة باتجاه الأراضي السورية، أنهم إنعتقوا من الحكم الأمني السوري – اللبناني الذي كان سائدا، ليبدأوا طريق التحرر وبناء دولة الإستقلال الثاني. لكن أحداً لم يخطر بباله أن ما هو أقسى من الوصاية سيحل عليهم في هذا الواقع المرير الذي يعيشونه اليوم بفعل إمعان قوى القرار التي تساهم في إعادة البلد إلى غابر السنين.
رغم ذلك يبقى الانسحاب السوري في العام 2005 محطة أتت بفعل تحرك سياسي شعبي غير مسبوق تجلى بانتفاضة الاستقلال التي خرجت بزخمها الكبير عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فكان الانسحاب انتصار لإرادة لبنانية ولدماء رفيق الحريري ولكل الشهداء الذين قضوا في هذا المسار الاستقلالي المناضل من أجل لبنان الحر المتعدد الديمقراطي.
لم يكتب لربيع لبنان أن يزهر، غير أن تجارب التاريخ تؤكد أن الحلم لا ينطفئ مهما طال الزمن. ورغم ما يعانيه لبنان اليوم، إلا أن تمسك اللبنانيين بحلمهم، والذهاب نحو تسوية وطنية داخلية بعيدة عن كل تأثيرات الخارج وفئويات بعض الداخل، لا بدّ أن تعيد البلد الى إزدهاره ولو بعد حين، وطنا لكل بنيه تسود فيه العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص. بالإرادة يستجيب القدر.