Advertise here

حزب الوطنيين الأحرار من كميل الأول إلى كميل الثاني

21 نيسان 2021 14:14:26

انتخب حزب الوطنيين الأحرار في 10 الجاري كميل دوري شمعون رئيسا للحزب، ومعه مجموعة من الشخصيات التي تنتمي تاريخيا للخط الشمعوني مع بعض التجديد وإدخال أسماء من فئة الشاب، من دون أن يكون بين القيادة الجديدة أي من الوجوه النسائية، فيما فسره المراقبون بأنه رسالة موجهة لتريسي شمعون ابنة رئيس الحزب الأسبق داني شمعون الذي اغتيل في العام 1990، وهي تنتمي الى الحزب ويتعاطف معها الوسط النسائي، خصوصا لكونها استقالت من منصبها كسفيرة للبنان في الأردن احتجاجا على الانفجار المروع الذي حصل في مرفأ بيروت.

يحمل رئيس الحزب الجديد الاسم ذاته الذي حمله جده كميل نمر شمعون الذي أسس الحزب في العام 1958، وكان رئيسا للجمهورية، ووصف يوما بفتى العروبة الأغر، برغم مناهضته للحركة العربية التي قادها الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وقد قامت في وجه شمعون الجد ثورة مسلحة رفضت التجديد له في موقع الرئاسة، كما عارضت سياسته التي كانت تنوي إدخال لبنان بحلف «بغداد» المناهض لعبدالناصر في حينها، وتزعم الثورة حليفه السابق كمال جنبلاط وقيادات عروبية أخرى، وانتهت الى مصالحة تحت شعار «لا غالب ولا مغلوب» والى تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، وجنبلاط كان الحليف الأساسي لشمعون في معركة وصوله لموقع الرئاسة ضمن صفوف الجبهة الوطنية الاشتراكية التي قادت الثورة البيضاء وأجبرت الرئيس بشارة الخوري على الاستقالة في العام 1952 بعد اتهام عهده بالفساد.

بين كميل شمعون الأول وحفيده كميل الثاني جيلان سياسيان كاملان، وظروف مختلفة في بعض الأوجه، ومتشابهة في أوجه أخرى. وحزب الوطنيين الأحرار في وثبته الجديدة، أعلن عن الحافظ على مبادئ المؤسس في اعتماد النظام الاقتصادي الحر الذي يستفيد من انفتاح لبنان على أصدقائه وعلى أشقائه العرب، حيث نحج الرئيس الراحل في جذب رؤوس الأموال النفطية العربية للاستثمار في لبنان من خلال قانون السرية المصرفية الذي ولد إبان فترة رئاسته. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن أول الوفود الحزبية التي زارت مقر حزب الوطنيين الأحرار في بيروت للتهنئة بالانتخابات الجديدة، كان وفد الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه وليد كمال جنبلاط، ومما لا شك فيه فإن لزيارة التقدمي دلالات، وفيها عبر سياسية واضحة، نظرا للتداخل التاريخي بين القاعدة الشعبية للحزبين في الشوف من ناحية، ومن ناحية ثانية، هناك تقاطعات سياسية متعددة تجمع بين الحزبين، لاسيما في التوجهات العربية والاستقلالية ورفض ربط لبنان بسياسة المحاور، وفي مناهضة الممارسات السياسية للعهد الراهن وحلفائه، والتي أدت الى الانهيار الاقتصادي والمالي، والى ترهل في مؤسسات الدولة الدستورية على اختلافها.

الوثيقة السياسية التي أعلن عنها حزب الوطنيين الأحرار في 14 الجاري، أكدت على التمسك بحياد لبنان عن سياسة المحاور، ومساندة مبادرة البطريرك بشارة الراعي في هذا السياق مع الحفاظ على العلاقات السليمة للبنان مع أصدقائه في العالم ومع أشقائه في الدول العربية. وأكدت الوثيقة على رفض التوطين والتجنيس لللاجئين، ودعت لحصر حمل السلاح بالقوى الشرعية اللبنانية دون غيرها، والحفاظ على استقلالية السلطة القضائية التي تتعرض لتدخلات سياسية غير مسبوقة، ودعى الحزب إلى تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة من خلال تعزيز صلاحيات البلديات والهيئات المناطقية.

وكان اللافت في وثيقة الحزب التي أذاعها عضو المجلس الأعلى بيار يونس، دعوته لاعتماد قانون انتخابي جديد على أساس الدائرة الفردية بعيدا عن القيد الطائفي، وتأليف مجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف الدينية على اختلافها. ويعتبر هذا الموقف تطورا مهما لحزب مسيحي له مكانته التاريخية، في الوقت الذي تتمسك بعض القوى المسيحية بالقانون الحالي الذي أدى الى زيادة التشرذم الطائفي، وشجع على التطرف، وأوصل أغلبية نيابية يقودها هواة ومغامرون لا يراعون الحد الأدنى من التوازنات الوطنية، ويحملون توجهات شخصية وخارجية عرضت الدولة لخطر الزوال.