Advertise here

الدولة تتحول تباعاً إلى "خيال صحرا".. الانهيار تتوالى مآسيه

18 نيسان 2021 05:50:49

ما جرى في اليومين الماضيين في المشهد القضائي يدفع إلى الترحم على ما تبقى من دولة في لبنان. المشهد أشبه بورقة نعوة لكل النظام المؤسساتي الذي تتلاشى تباعاً هياكله، ولا من يتحرك من المسؤولين بل بالعكس هم الممعنون في هدم الهيكل. ولعلّ تحذيرات رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط المتكررة من انتهاء لبنان الدولة والكيان هي أبرز ما يحضر الى الأذهان في ما عاشه اللبنانيون نهاية هذا الأسبوع، إذ لطالما رفع الصوت وتحرك بكل الاتجاهات لمنع الوصول إلى هذا الدرك، لكن أحدا لم ولا يريد أن يسمع أو أن يعي خطورة كل ما يحصل من المآسي المتتالية في الانهيار.

وفي قعر هاوية الانهيار فإن السابقة التي قامت بها النائب العام في جبل لبنان غادة عون والمخالفات التي سجلتها بحسب تأكيد أصحاب الاختصاص، تصبح حدثاً عادياً أمام الفشل التام في كل شيء.

هذا التصرف غير المسبوق يطرح الكثير من الأسئلة عن مستقبل القضاء في لبنان وواقعه واستخدام بعضه خدمةً لأغراض شخصية وسياسية، وعمّا سيكون موقف مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز في حال استمرت عون على موقفها مدعومة من مراجع رفيعة في الدولة، بالاضافة الى بعض الأجهزة الأمنية، وفق ما أشارت الى ذلك مصادر قضائية عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية، وعمّا يمكن أن يفضي إليه الاجتماع الذي عُقد بالامس في وزارة العدل بعد التطورات الأخيرة. 

وقد خرجت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم وكأنها من عالم آخر، لتدعو الى "انتفاضة قضائية"، فيما هي في موقع المسؤول المباشر وكان الأجدى بها قبل الوصول الى هذا الدرك ملاحقة التشكيلات القضائية ورفض عدم توقيعها، هذا بالاضافة الى الحل الجذري الذي يتمثل بإقرار قانون استقلالية القضاء.

وفي ضوء ذلك حذّر الحزب التقدمي الاشتراكي بوضوح من المساس بالجسم القضائي باعتباره الملاذ الأخير للمواطن اللبناني، داعيا في بيان صادر عن مفوضية العدل الى "تطبيق استقلالية القضاء قولاً وفعلاً ونصاً وروحاً وتنفيذا".

الخبير القانوني والدستوري انطوان مسرّة علّق على ما جرى بالقول ان "الأمور بدأت تنفضح"، وإن "شعارات النزاهة والشفافية سقطت حتى ولو أن هناك بعض المخدوعين".

مسرّة استغرب عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية "ذهاب قاض وبصحبته أنصاره بطريقة ميليشياوية للتحقيق في أمر معين"، واصفاً ما جرى "بأبعد ما يكون عن سلوك القاضي بغض النظر عما اذا كان الحق معه ام عليه"، مبديًا أسفه "لوجود فئة من اللبنانيين تغطي هكذا أمور لم نشهد مثيلا لها في ايام النازية".

ورأى مسرة أنه "من الخطأ التلاعب بالناس واستغلالهم وإيهامهم بالدفاع عن حقوق المسيحيين، لأن هذه الحقوق كفلها الدستور وليست بحاجة لمن يدافع عنها، فهذه الظاهرة خطيرة لا يمكن السكوت عنها بأي شكل من الأشكال"، مطالبا "بإحالة القاضية عون على التأديب"، داعيا الجسم القضائي الى "الانتفاض بوجه من يحاول تسييس القضاء"، وطالب وزيرة العدل "إذا كانت جدية" بأن عليها ان "تطلب من رئيس الجمهورية بتوقيع التشكيلات القضائية"، متسائلا عن سبب عدم تحرك التفتيش القضائي بعد.

من جهته، عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب وهبة قاطيشا أشار عبر "الأنباء" الالكترونية الى أنه "لا يعجب كثيراً مما جرى لأن هذا هو "ميشال عون" على حقيقته، ومن لا يعرف هذا الرجل في الثمانينات لا يعرف شيئا، بفارق أنه في الماضي كان لديه جيش أما اليوم فالأمر مختلف تمامًا"، واصفا ما فعلته عون "بغير القانوني بعد ان تم كفّ يدها".

واعتبر قاطيشا أن "ما جرى انقلاب على القضاء"، داعيا مجلس القضاء الأعلى لاتخاذ تدابير لانهاء الوضع الشاذ في الجسم القضائي.


بدوره، الوزير السابق ادمون رزق اشار عبر "الأنباء" الالكترونية الى ان "القضاء سلطة مستقلة حسب الدستور ويجب التعامل معها على هذا الأساس"، مشيرا الى "صلاحيات ومرجعية ادارية لا قضائية لوزيرة العدل على القضاء بشكل عام". وقال: "هناك الكثير من البلبلة في التعامل مردّه الى عدم التمرس والجدية وكثير من الجهالة"، سائلا: "حدا بيهاجم خيال صحرا؟ للأسف عندنا خيالات صحرا كثيرة في الدولة اللبنانية".

رزق رأى أن "الوضع بشكل عام ملتبس بين السلطات، وهذا مردّه الى أمرين، جهل واضح من قبل المسؤولين وعدم انتظام عمل المؤسسات، وسبب ذلك عدم أهلية المرجعيات السلطوية التي تشكل ضمانة قد تحوّلت الى مسبب لما يحصل من أذى وخلل".

 
 مصادر تيار المستقبل طالبت أيضا عبر "الأنباء" الالكترونية "بوضع حد لتصرفات القاضية غادة عون لأنها تسيء الى القضاء اللبناني بشكل خاص من خلال ما قامت به من استنسابية في الاستدعاءات وملاحقة قضائية لفئة معينة من اللبنانيين دون غيرها واعتماد الكيدية في عملها القضائي".

كما شددت مصادر عين التينة عبر "الأنباء" الالكترونية على "ضرورة معالجة الخلل الذي يتعرض له الجسم القضائي بشكل عام"، مطالبة "برفع يد السياسيين عن القضاء كي يثبت استقلاليته"، محذرة من "مغبة التدخلات السياسية في القضاء، فلبنان من دون قضاء نزيه يتحول الى دولة بوليسية".