تلتصق الأسئلة حول لبنان بأسئلة عميقة حول المسار المفصليّ الذي سلكه الشرق الأوسط قبل خروج الرئيس الجمهوريّ دونالد ترامب من البيت الأبيض، ودخول فريق عمل جديد، برئاسة الرئيس جو بايدن، غير قادر حتّى الآن على الخروج من خلع العباءة الإستراتيجيّة التي رسمتها إدارة ترامب، خصوصاً على مستوى الأمن القومي والسياسة الخارجيّة، حتّى في صلب إعادة إحياء المفاوضات حول الإتفاق النووي في فيينا.
في أوج هذا المنعطف الذي يترقّب لبنان مفاعيله عليه، يُجيب الصحافي الأميركي ليه سميث على 4 أسئلة رئيسة طرحها عليه موقع mtv، انطلاقاً من تولّيه على مدى 30 عاماً البحث في السياستين الداخليّة والخارجية لواشنطن، ومتابعته الصحفيّة لواقع الشرق الأوسط، خصوصاً بعد هجمات الحادي عشر من أيلول.
ترسانة "حزب الله" العسكريّة مشكلة أساسية في لبنان والمنطقة. هل تعتقد أنه سيتمّ التوصّل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران فيُحجَّم بذلك دور سلاح "الحزب" في لبنان؟
يجزم سميث بالنفي القاطع، على اعتبار أنّ "الهدف من الإتفاق النووي يكمن في تقوية إيران وليس إضعافها، وتالياً، فإن خطة العمل الشاملة المشتركة بين الجهتين ستفضي إلى حماية المصالح والأصول الإيرانية في المنطقة، وخصوصاً "حزب الله".
يكتفي الصحافي الجمهوريّ الهوى بهذا القدر تحت سقف القناعة التامّة بالإتّجاه نحو تسوية بين إدارة بايدن والقوّة الشيعيّة الكبرى، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى طرح سؤال حول مشروع القانون الذي تقدّم به الحزب الجمهوري في الكونغرس ويقضي بإغلاق المصارف اللبنانية التي تعمل ضمن مناطق نفوذ "حزب الله" ضمن النظام المالي الدولي. هل سيتمّ تطبيق هذا التشريع في ظلّ إدارة بايدن؟
يؤكّد أنّه "إذا كان يضرّ بالمصالح الإيرانيّة، فإن بايدن سوف يستخدم حق الـ"فيتو" ضدّه"، مُذكّراً بأن "إدارة باراك أوباما أبعدت مسار عملية الحكومة الأميركية الواسعة النطاق التي تستهدف تمويل "حزب الله" غير المشروع، وما إلى ذلك، لأن الولايات المتحدة كانت تخشى أن يؤثر ذلك على الصفقة النووية، وكذلك اليوم، فالأولوية هي العودةإلى خطة العمل الشاملة المشتركة".
نسأله، وهو العَليم بعمق الوضع الإجتماعي والسياسي اللبناني: هل تعتقد أن لبنان بحاجة إلى شكل جديد من أشكال الحكم غير اتفاق الطائف الذي أبرم لإنهاء الحرب الأهلية في العام 1990؟ هل يمكن أن يكون النظام الفيدرالي هو النظام المثالي لانتشال لبنان من مشاكله؟
يرى القارئ الأميركي في كواليس اللعبة الإقليميّة أنّ "مشكلة لبنان ليست في شكل الدولة، فالدستور اللبناني، على سبيل المثال، وثيقة جيّدة، لكنها ليست ذات صلة. الحكومات والدساتير والقوانين لا تجعل الناس يعيشون معاً بسلام، بل إنها نتاج شعب قرّر العيش معاً بسلام لأنّ المجتمع هو وظيفة أعراف وعادات وقيم"، معتبراً أنّ "لبنان يعكس في الوقت الحاضر حقيقة أن اللبنانيين ليسوا مرتاحين للعيش مع بعضهم البعض، ولا أعرف ما إذا كان النظام الفيدرالي سيُصلح هذه المشكلة، إذ أنّ أميركا لديها نظاماً فيدراليّاً، ولكن في الوقت الحالي ليس من الواضح أن الشعب الأميركي قادر على العمل معاً كدولة واحدة".
أمّا عندما نُضيء على طلب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من الأمم المتحدة عقد مؤتمر دوليّ حول القضية اللبنانية لبحث مشروع الحياد عن الصراعات والحروب في الشرق الأوسط، فيُعطي إجابته على شكل نصيحة، قائلاً: "أعتقد أنه من الأفضل أن يتناول البطريرك هذه القضية مُباشرةً مع إيران، لكن حتى قبل ذلك، يجب عليه مخاطبة اللبنانيين ككلّ وتذكيرهم بأنّهم هم الذين استخدموا عبر تاريخ البلاد القوى الأجنبية ولجأوا إليها بغية تعزيز مصالحهم ضد إخوانهم اللبنانيين"، مُشدّداً على أنّ "ليس على الأمم المتحدة بل على اللبنانيين إبعاد أنفسهم عن الصراع".
يرفض ليه سميث الإستفاضة أكثر في موضوع العقوبات الأميركيّة على السياسيّين اللبنانيين، في ظلّ إدارة بايدن، بتهمة الفساد وإيصال الشعب إلى هذه الحالة المهترئة، مقتصراً وجهة نظره بـ"لا" تطرح علامات استفهام عدّة حول خلفيّة التدابير الحاصلة سلفاً بحق رموز هذه السلطة وأخرى مُلوَّح بها أميركياً وأوروبياً. كل ذلك يبقى رهينة شدّ الحبال على طاولة المفاوضات في فيينا.