Advertise here

لبنان بلا ناطور!

21 تشرين الثاني 2018 09:00:00 - آخر تحديث: 22 آذار 2019 08:55:31

ليس الفساد بأمر طارئ على الحياة اللبنانية، فهو بدأ منذ سنوات الاستقلال الأولى وأدى فيما أدى الى الإطاحة بالرئيس بشارة الخوري، ثم جاءت الحركات الشعبية التي بلغت ذروتها مع الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة المعلم الشهيد كمال جنبلاط، وكانت مكافحة الفساد في مقدمة مندرجات المشروع المرحلي للحركة الوطنية المذكورة.

غير أن الحديث عن الفساد عاد ليطفوا على السطح بعد(الطائف) جراء الممارسات التي قامت بها الحكومات المتعاقبة حيث أخذ الفساد يستشري بشكل غير مسبوق حتى بات الفساد الذي شهده لبنان منذ أيام الشيخ بشارة الخوري يتألق قياساً بالصور البشعة للفساد الحالي والذي تضخم حتى ضرب المنظومة الأخلاقية لنسبة كبيرة من اللبنانيين فبات الفسادُ طريقة حياة وبات الشرفاء في نظر العديد حالة ناشزة بل في عداد السُذج أو الأغبياء.

تعاظم الفساد بلا رادع فقد دخل البلد بعد إتفاق الطائف في حالة من فقدان الجاذبية، بلد بلا رأس وحكومات تتشكل وفق الحصص الطائفية وليس وفقاً للخيارات السياسية لهذا الفريق أو ذاك وهذا ما لاحظناه فيما أُسميت "عقدة النواب السنة المستقلين " !. وإستطراداً ما كان يضير هؤلاء لو انسجموا مع انفسهم بوصفهم مناصرين لحزب الله وجزءً من 8 اذار فانضوا تحت جناح كتلة الوفاء للمقاومة فيتم توزيرهم على هذا الأساس من الإلتزام ، وليس بوصفهم (سنة)!! ، كما هو الحال مثلاً في اللقاء الديمقراطي الذي يضم مروحة من الشخصيات الآتية من عدة طوائف وفيهم أشخاص مثلوا اللقاء في عدة حكومات وهم من غير الدروز. مثال الوزيرين علاء ترو ونعمة طعمة.

عودٌ على بدء بعد هذا الاستطراد نقول أن تثبيت المرجعيات على أساس طائفي أسقط مرجعية مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء الذي عليه يعول في ضرب الفساد، فصار إلقاء القبض على فاسد من هذه الطائفة يستوجب البحث عن فاسد آخر في طائفة أخرى وبهذه المهزلة أصبح الفساد يجد في مرجعياته السياسية الطائفية ملاذاً، بل وأصبح التساهل مع الفسادين من قبل هؤلاء الساسة طريقة لشراء الولاءات أو مدخلاً لجعلهم سماسرة لهم أو مشاركتهم في سرقة موارد مؤسسات الدولة التي تذهب الكثير منها الى جيوب السياسيين في الأعم الغالب وسماسرتهم بالطبع.

وهكذا نجد أن الفساد في لبنان سرطان ينتشر ويتعاظم، يستمد غذائه من المناخات الراعية له وفي مقدمتها المحاصصات الطائفية وتقاسم مؤسسات الدولة على أساس الإنتماء الطائفي.

هذه المزرعة اللبنانية باتت مهددة بالجفاف، لم يعد بوسعها أن تستمر مورداً للفاسدين تغذي جيوبهم فيما الشعب من فقر الى فقر والهجرة تتعاظم وقد يأتي يوم لا يبقى في لبنان شعب كما في مسرحية "ناطورة المفاتيح". لكن ليس في لبنان ناطور ونخشى هذه المرة أن تكون المفاتيح قد ضاعت بين عواصم القرار الكبرى وهي معروفة.

لبنان إلى أين؟. الجواب عند الشعب اللبناني الذي آن له أن يصحو من آفيون الطوائف والشعارات المنمقة وان يتعلم محاسبة من ولاهم امره ومسألتهم كما تفعل كل الشعوب الناضجة الحرة. على ان يكون الإقتصاد ومسائل الخدمات هي المقياس في تقيم أداء الحكومات والأشخاص!

 لا أمل إلا بصحوة شعبية وإلا فلبنان إلى الضياع!.