Advertise here

المخطط الألماني لإعادة الإعمار.. مشاريع تتعدى المرفأ والقيمة مرتفعة

08 نيسان 2021 19:16:17

قد يبدو عبثياً أن تكون الدولة اللبنانية عملت على إعادة طلاء الجدار الفاصل على طول الطريق الممتدّ على جسر شارل حلو قبالة مرفأ بيروت. على هذا الجدار، كان مواطنون وناشطون قد خطّوا عبارات الثأر والاعتراض والنقد السياسي للحكومة. بعد جريمة 4 آب، كان على الحائط عبارتان بالمضمون ذاته باللغة العربية والانكليزية: "دولتي فعلت هذا" و"MY GOVERMENT DID THIS"، إضافة لعبارات أخرى عن ثورة الناس ونهوض بيروت من الردم. لكن كل هذا تمّ محوه. ففي البلد وفد ألماني يطرح تصوّراً لإعادة إعمار المرفأ. وقد تزوره قريباً وفود مستثمرين آخرين يبحثون عن قدم لهم في المرفأ. وأمام هؤلاء المستثمرين، بالنسبة لمسؤولي الدولة اللبنانية، لا داعي لكل هذه الجلبة و"الترّهات".

التصوّر الألماني
الوفد الألماني، الذي التقى طوال الأسبوع مجموعة من المسؤولين اللبنانيين، سيخرج إلى العلن تصوّره أو تصوّراته لإعادة إعمار مرفأ بيروت ومحيطه ظهر يوم غد الجمعة. بعض ممن التقوا ممثلي الشركات الألمانية، من وزراء وموظفين كبار أو حتى مهندسين، عبّروا لـ"المدن" عن انبهارهم بمشروع مماثل. بدل الاقتراح ثمة اقتراحات. وبدل إعمار المرفأ فقط، ثمة مشروع كامل لمدخل بيروت الشمالي يمتدّ من مرفأ بيروت وحتى الكرنتينا. كلفة الاستثمار في المشروع تتراوح بين 10 و15 مليار دولار، ويمكن أن تصل، حسب عدد من المطلّعين على المقترحات الألمانية، إلى "30 مليار دولار على فترة زمنية تمتدّ إلى عشرين عاماً".

مشروع متكامل
بعد لقائه بالوفد الألماني برئاسة سفير ألمانيا في لبنان، أندرياس كيندل، يقول وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال ميشال النجار لـ"المدن" إنّ "الوفد يحمل أفكاراً ممتازة لتطوير المرفأ وإعادة بناء مرفق عصري يعمل بتكنولوجيا حديثة بأكبر المرافئ الموجودة في أوروبا والعالم". ويضيف أنّ هذه المقترحات "تعيد تنظيم المساحة الموجودة بين أول المرفأ ومكّب الكرنتينا، وفق معايير بيئية وصحية واقتصادية. إذ تتضمّن الأفكار أيضاً منطقة خضراء ومشروعاً اجتماعياً على البحر". وتؤكد مصادر أخرى لـ"المدن" أنّ أهم في المقترحات الألمانية "تسيير العمل في المرفأ وتنظيم كافة القطاعات العاملة فيه"، كما أنّ "هذه الاقتراحات توسّع الملكية العقارية الخاصة بالدولة وتطوّرها لترتفع أكثر، وقد تلامس 3 مليارات دولار".

DBOT
يعتمد التصوّر الألماني على صيغة DOBT وليس BOT، أي أنه إضافة إلى التشييد والتشغيل ونقل الملكية، ستقوم الشركات الألمانية أيضاً بتصميم المشروع وهندسته. أي أنّ الغرض يشمل أيضاً راحة الدولة اللبنانية حتى على مستوى التصميم والتصوّر. فيقع على عاتق الألمان الاهتمام بالمشروع من ألفه إلى يائه، في حال تمّت الموافقة على المقترح، مع التأكيد على أنّ الدولة لن تسدّد فلساً واحداً في هذا المشروع، الذي يعمل على تأمين 50 ألف وظيفة عمل.

انبهار بلا نتيجة
بالنسبة لأكثر من وزير في حكومة تصريف الأعمال، "بإمكاننا أن نستمع إلى هذه الأفكار ودعمها، إلا أنّ لا قرار لنا فيها". فيكتفي الوزراء والمسؤولون بالهزّ برؤوسهم خلال هذه الاجتماعات معبّرين عن انبهارهم بالأفكار الألمانية المزوّدة بالصور والخرائط، إذ يعلمون أنّ لا رأي لهم فيها. فيكتفي هؤلاء بالتعبير عن دعم هذه المشاريع فقط لا غير بانتظار الحكومة العتيدة، التي إن أبصرت النور قريباً يمكن أن تبتّ بها. فيأتي الانبهار بالمشروع الألماني بلا نتائج ملموسة.

الإصلاحات المطلوبة
لم يتردّد السفير الألماني، الذي قاد حركة وفد الشركات في بيروت، في التأكيد على أنّ هذا المشروع الذي لا يزال مسوّدة أولية أو غيره من المشاريع، لن تبصر النور إلا من خلال الإصلاحات المطلوبة من قبل الحكومة اللبنانية. فيتكامل مشهد الإحباط، لجهة الانبهار من دون نتائج ملموسة من ميل، وجهة فشل السلطة السياسية وعجزها عن تشكيل حكومة وتنفيذ الإصلاحات من ميل آخر. فيتكرّس يوماً بعد آخر، واقع أنّ مسؤولين غربيين يبدون حريصين على لبنان والشعب اللبناني أكثر من حرص القيادات السياسية اللبنانية التي أوصلت أساساً اللبنانيين إلى هذا الواقع من الانهيار والأزمات المتعدّدة سياسياً واقتصادياً ومالياً.

ويقول واقع الحال، إنّ هذه التصوّرات وهذه الخرائط والمليارات وعشرات آلاف الوظائف، تبقى حبراً على ورق. وسيضاف إليها أيضاً تصوّرات شركات أخرى، من الصين وروسيا وفرنسا وغيرها، بانتظار حلّ أزمة سياسية لا حلول لها في الأفق.