نظّمت مفوضية الثقافة في وكالة داخلية الغرب، عبر تطبيق "زوم" لقاءً حوارياً فكرياً مع الأستاذ الجامعي في علم الاجتماع والفكر السياسي، الدكتور سعود المولى، بحضور عضو مجلس القيادة الدكتور ياسر ملاعب، ومفوّض الثقافة فوزي أبو ذياب، ووكيل داخلية الغرب بلال جابر، ومسؤولة مكتب الثقافة في وكالة داخلية الغرب، هالا يحيى، وأساتذة من التعليم الثانوي والتعليم الجامعي، ومدراء الفروع، وعدد من المسؤولين الحزبيّين من مختلف المناطق.
بعد كلمة ترحيبية من مفوّض الثقافة، فوزي أبو ذياب، بالمشاركين وتعريف بالدكتور المولى ونضاله في شتى الميادين، وصداقته للحزب، كانت كلمة لمسؤولة مكتب الثقافة في داخلية الغرب عدّدت فيها النشاطات الثقافية والاجتماعية التي يقوم بها مكتب الثقافة في وكالة داخلية الغرب.
بدوره، الدكتور المولى حيّا في مستهل كلمته القيّمين على هذا اللقاء الجامع، وقال: "كم نحن بحاجة إلى المعلّم الشهيد، كمال جنبلاط، في مثل هذه الأيام، وبحاجةٍ للعودة إلى فكره، وتعاليمه، ورؤيته، لأنه ليس شخصاً عادياً، إنّما هو شخصٌ استثنائي بكل ما للكلمة من معنى، والاستثنائيات تأتي من الإشكاليات والالتباسات التي حكمت نضاله واستعداداته وتطلعاته الشخصية، ومسائل القوة والعنف، والانتفاضة المسلّحة، والانقلاب السلمي واللّا- عنفي والإصلاحي على مسائل القبلية - العائلية- الطائفية. وكذلك المطالبة بالمساواة، والعدالة الاجتماعية، والدعوة للمواطنية، ومسائل العلمانية والإلحاد المادية، مقابل التصوّف والنزعة الإنسانية التي كان يحملها، وهذه المسائل تشكّل المدخل الأصح للكلام عن كمال جنبلاط".
ورأى المولى أن "جنبلاط انطلق في كل ما قال وفعل من إيمانٍ عميق لقيمة وأهمية مسلك الحكمة والتوحيد. فهو لم ينطلق من موقع الأقلية الدينية والمذهبية القبلية في جبل لبنان، بل في كون هذا المسلك قديما متصلاً متجدداً، فهو مسلك صوفي ذوقي يمشي إليه وينجذب إليه في آنٍ وأحد.
وأشار إلى أن جنبلاط كان هو الفاهم الأول لمعنى لبنان، ولمعنى التفاهم الديني المتشبّع بالمحبة.
ثم استعرض المولى أبرز محطات نضال جنبلاط، والخلفية الإصلاحية التي اعتمدها. فانتفاضة 1958 في بُعدها السياسي الوطني انتهت إلى حيث لم يكن يجب أن تنتهي، كما قال عنها جنبلاط، والذي وصفها بالحل النصفي الجديد، أي تكويعة جديدة لنظام القائمقاميّتين القديم، أي إلى تسوية سهلة كتسوية يوم الاستقلال (لا غالب ولا مغلوب).
وفي الشق السياسي، قال إن الوضع الحالي من الصلاحيات والمسؤوليات، وخاصةً بين السلطات الثلاث، وكذلك بالنسبة للقضاء واستقلاليته، وتقاذف المسؤوليات فيما بينها، والتدهور الحاصل في البلد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، والوباء القاتل من الوباء السياسي، هو نتيجة حتمية لما كان يحذّر منه جنبلاط في الخمسينيات والستينيات (من القرن الماضي)، وعشية اندلاع الحرب الأهلية في 1975، حيث قدّم جنبلاط رؤية وطنية جامعة متقدّمة للحل باسم الأحزاب التقدمية والحركة الوطنية.
وختم المولى بالقول إنّ المعلّم الشهيد كان يقول دائماً إنّ "الكشف عن الحقيقة وتحقيقها هو الهدف الذي يستحق وحده أن نعيش له، ونسعى إليه في هذا الوجود". ونحن لا نستطيع إلّا أن نكون جزءاً من عملية الكشف عن الحقيقة وتحقيقها، ولا بد من العودة إلى كمال جنبلاط، القائد المتطلّع دوماً إلى الأمام.
جنبلاط الإنسان الزاهد المتواضع. جنبلاط الصوفي، المثالي الحالم.
جنبلاط السياسي الواقعي الفذ.
جنبلاط المسالم الطيّب النقي.
إننا على خطاك سائرون ثابتون. سلامٌ لك، وسلامٌ عليك أيّها المعلّم.
وفي ختام اللقاء أجاب المولى على أسئلة المشاركين، وعقّب على بعض المداخلات.