Advertise here

"قبول كلامي" بمبادرة برّي... والتعقيدات في التفاصيل

02 نيسان 2021 10:39:31

استبشر اللبنانيون خيراً بعودة تحريك ملف تأليف الحكومة وإمكانية وضع خريطة طريق جديدة للتوصل إلى صدور مراسيم التأليف وانتظار حصولها على توقيعي الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. ولم يضخ السيد حسن نصرالله "جرعة الدعم" الأخيرة من فراغ، بل جاءت نتيجة تواصله مع الرئيس نبيه بري ودعمه لمبادرته على أن يقوم جناحا "الثنائي" بإجراء الاتصالات المطلوبة مع فريقي التأليف المتنازعين. وعند مراجعة الحريري بهذا الطرح لم يرفض الطرح الجديد ولم يقل إنه يتقبله بالكامل، وهو يكرر تأكيد ثقته ببري المنطلق من المبادرة الفرنسية وعدم حصول أي فريق على ثلث معطل، ولا سيما أن الرئيس المكلف كان قد كرر مرات بأنه لن يتراجع عن حكومة من 18 عضواً من الاختصاصيين وغير الحزبيين. وباشر الحزب اتصالاته العملية مع رئيس تكتل "لبنان القوي" النائب جبران باسيل الذي لم يقدم بدوره رداً نهائياً حيال هذه المبادرة. ويبدأ البحث الجدي عند الدخول في تفاصيل توزيع الحقائب وإسقاط الأسماء عليها. فعلى سبيل المثال إذا كانت حصة عون ستة وزراء زائد وزير درزي فضلاً عن ممثل حزب الطاشناق يجري التوقف هنا عند من يسمي بقية الوزراء المسيحيين الخمسة، ومن أين سيأتون ومن سيختارهم وعلى من سيُحسبون؟ ولا سيما وأن الأسماء السنية والشيعية لن تخرج في طبيعة الحال من فلك الرئيس المكلف وثنائي"أمل" و"حزب الله". وسرعان ما تدخل الشياطين هنا من الأبواب الواسعة في لحظة الغوص في التأليف. وفي المناسبة لم يخفِ سياسيون لبنانيون أنهم تلقوا رسائل قاسية من الإدارة الفرنسية تفيد بأنه إذا لم يقدموا على فعل تسهيلات حيال التأليف، فإن ثمة عقوبات أوروبية ستطاولهم من نوع عدم حصولهم على تأشيرات إلى الاتحاد الأوروبي فضلاً عن حجز أرصدتهم المالية في البنوك الأوروبية.
 
وبالنسبة إلى بعبدا فلم يحصل تواصل رسمي معها في شأن المبادرة. وعلى الرغم من المناخات التفاؤلية التي تم بثها حيال هذه المبادرة إلا أنها ليست حديث الساعة في أروقة القصر الجمهوري. ويتم تناولها في المفاوضات الجارية بين الأفرقاء المعنيين. ويبقى لسان حال رئاسة الجمهورية وفق القريبين منها أن موقف بعبدا بأن ما يسهل التأليف تذهب إليه، ولا سيما أن عون من حيث المبدأ ليس ضد تشكيلة من 24 وزيراً. وكان قد استمع إليها من رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط. ولم تتجاوز حدود الطرح أي بمعنى أنها لم تصل بعد إلى قيد الدرس أو أن أطرافاً ما تنتظر جواباً رسمياً من بعبدا. ويبقى الأهم لدى الأخيرة والأساسي بالنسبة لها هو أن تأتي هذه التشكيلة وفق الآلية الدستورية. وأن الرقم مهم من أجل أن لا يكون إقصائياً لأي جهة. وعند الحديث عن الاختصاص يجب أن لا تكون الخارجية والزراعة في يد وزير واحد. وينطبق الأمر أيضاً على وزارات أخرى. والأهم بالنسبة للعونيين هل الحريري مستعد لتأليف الحكومة مع رئيس الجمهورية؟ وهذا هو السؤال الذي يطرحه فريقه مع التسليم هنا عند بعبدا التي تعرف سلفاً أن الحريري الذي سيأتي بالتوليفة الحكومية وفق صلاحياته ولا اعتراض لديها على ممارستها لها. ولا تعتدي رئاسة الجمهورية عليها لكنها تقول إنها ليست في موقع الموثق أو كاتب العدل مع الاحترام للمهنتين. وأنه على الرئيس المكلف أن يتوجه إلى الاتفاق مع رئيس الجمهورية على التشكيلة وأن هذه الإصدار يشكل معادلة جوهرية وليست شكلية لتولد الحكومة ويصدر المرسوم صحيحاً، لأن الرئيس هو رأس الدولة وهو الوحيد الذي أقسم يمين الإخلاص للدستور وقوانين الأمة اللبنانية. ويتم هنا إنشاء سلطة تنفيذية بالاشتراك مع رئيس الحكومة. وعند الانتقال إلى ما قبل الطائف كانت الصلاحية عند رئيس الجمهورية ويعين الوزراء ويسمي من بينهم رئيساً ويشكل أعوانه لممارسة السلطة الإجرائية. لم تنتقل هذه السلطة إلى رئيس الحكومة بل إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، وانتقلت سلطة التأليف بعدها إلى رئيسي الجمهورية والحكومة. وأن رئيس الحكومة هو من يضع التشكيل بعد قيامه باستشارات نيابية غير ملزمة ليحصل على الثقة والدعم ولا سيما أن البلد ينتظر حكومة انقاذ وتمثل فيها كل الطوائف بصورة عادلة عند تأليف الحكومة وفقاً للمادة 95 في الدستور. وأن حالة البلد تستوجب وتستلزم حكومة اليوم قبل الغد بوجود شعب مقهور يقلق على حاضره ومصيره.